التنوع الثقافي والاجتماعي بين الشرق والغرب في ليبيا
بقلم/ محمود أمجبر
تعتبر ليبيا من البلدان التي تتسم بتنوع ثقافي واجتماعي كبير بين مناطقها الشرقية والغربية، هذا التنوع ليس مجرد اختلاف في الجغرافيا، بل يمتد ليشمل العادات والتقاليد والتركيبة السكانية، هذه الفروق الثقافية والاجتماعية تسهم في تشكيل الهويات المحلية وطريقة حياة الناس.
الثقافة في شرق البلاد، المتمثل بشكل رئيس في المناطق الشرقية مثل: بنغازي، طبرق، البيضاء، والمرج، تعتمد بشكل كبير على القبيلة والأعراف والتقاليد، هذه القبائل تمتلك نظمًا اجتماعية متماسكة وقوية، تُحل فيها الصراعات غالبًا بشكل قبلي مبني على العرف الاجتماعي، وليس بشكل فردي كما هو الحال في الغرب، والعائلات في الشرق تتخذ العديد من القرارات بشكل جماعي، بسبب العلاقات الاجتماعية القوية المميزة التي تحافظ على التماسك والترابط بين أفراد القبيلة، تُحل المشاكل والنزاعات من خلال المجالس القبلية، حيث يلعب الشيوخ وكبار السن دورًا محوريًا في هذه العملية، كما تُعتبر الفزعة – وهو تدخل القبيلة بأكملها لمساعدة أحد أفرادها – من السمات البارزة في المجتمع الشرقي.
من ناحية أخرى، الثقافة الغربية في ليبيا، التي تشمل مناطق مثل طرابلس، مصراتة، وزليتن، تتسم بتنوعها الكبير وتأثرها بالموقع الجغرافي والجهوية، التركيبة السكانية في الغرب مبنية على المكان والانتماء الجغرافي أكثر منها على القبيلة، والسكان هنا يتوزعون في مدن كبيرة وصغيرة، ويعتمدون بشكل أكبر على القوانين الوضعية التي تنظمها الدولة أو الحكومة، والصراعات والمشاكل تُحل بشكل فردي أو عن طريق النظام القضائي، وليس عن طريق الأعراف القبلية، والعائلات في الغرب تعتمد بشكل كبير على القانون والتنظيم الحكومي في اتخاذ قراراتها، الثقافة الغربية تعتمد على الفردانية الاعتماد على النفس بشكل أكبر، ويقل فيها التأثير القبلي مقارنة بالشرق.
البُعد التضاريسي بين المنطقتين يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل هذه الفروق. الشرق يتميز بوجود الجبال والصحاري، ما يعزز من أهمية القبيلة ككيان اجتماعي واقتصادي، بينما الغرب يمتاز بسواحله الطويلة ومدنه الكبيرة، ما يعزز من أهمية الانتماء الجغرافي والمكاني، الاختلافات في العادات والتقاليد قديمًا بين الشرق والغرب تنعكس على سلوك الناس ومواقفهم. في الشرق، التماسك القبلي والترابط الاجتماعي يكون أكثر وضوحًا، بينما في الغرب، يعتمد الناس على القانون أكثر. إن التنوع الثقافي والاجتماعي بين الشرق والغرب في ليبيا يعكس ذاك التنوع في المجتمع الليبي، هذه الفروق تسهم في تشكيل الهوية الوطنية وتبرز أهمية فهم واحترام هذه التنوعات لتحقيق التوافق الوطني والتعايش السلمي بين مختلف مكونات المجتمع الليبي، ويظل السؤال المحير عندي: الجنوب الليبي سواءً الشرقي أم الغربي، على أي أساس مبني وما طريقة الحياة الاجتماعية فيه؟