مقالات الرأي

إضاءات قانونية حول أحكام الوظيفة والموظف

بقلم/ أسماء الفسي

الإدارة باعتبارها شخصا معنويا عاما لا تستطيع أن تقوم برسالتها إلا عن طريق شخص طبيعي يقوم بالتعبير عن إرادتها، والذي يضطلع بدور مهم باعتباره منفذا لسياستها والمسؤول عن تحقيق أهدافها ألا وهو الموظف.

وقد اختلفت التشريعات الإدارية من دولة إلى أخرى في التعريف بمفهوم الموظف العام أو وضع تعريف محدد ودقيق له، وقد عرف المشرع الليبي في قانون علاقات العمل الموظف العام بأنه كل من يشغل إحدى الوظائف بملاك الوحدة الإدارية، كما عرف الفقه والقضاء الموظف العام وكان في ذلك أكثر تفصيلا في تعريفه للموظف العام حيث عرفت المحكمة العليا في حكم لها صادر بتاريخ 1971.1.14 الموظف العام بأنه الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو تشرف عليه، ومن ثم تسري عليه جميع قوانين ولوائح الخدمة المدنية بما فيها من حقوق وواجبات.

ومن خلال ذلك فإنه يشترط لكي نضفي صفة الموظف العام الذي يختص القضاء الإداري بالنظر في طلباته التي ترد في دعواه يشترط أن تتوافر فيه شروط ثلاثة وهي: أن يشغل وظيفة دائمة، وماذا يقصد بديمومة الوظيفة؟ المقصود لكي نضفي صفة الموظف العام عليه أن يشغل وظيفة دائمة داخلة في نظام المرفق العام، والعبرة بثبوت الديمومة وليس بوجود درجة لها في الملاك الوظيفي وإنما بوجود نظام قانوني يحكمها، سواء تضمن هذا النظام درجات أم لا، وثانيًا أن يعمل الموظف في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد الأشخاص الخاضعين للقانون العام، حيث لا يكفي لاعتبار الشخص أن يعمل في وظيفة دائمة إنما يلزم أن يكون عمله هذا في خدمة مرفق عام، حيث يشترط لاكتساب صفة الموظف العام أن تدير الدولة أو أحد أشخاص القانون العام هذا المرفق.

إن العناصر الأساسية والمهم فيها لتحديد صفـــة الموظف العام هـي مباشرة العمل في خدمة مرفق عام، فقيام الدولة بصفة استمرارية في تقديم الخدمات لمواطنيها، وكذلك تعدد سلطاتها بإشرافها على كافة المرافق الخدمية، هـذا لا يتأتى إلا بوجود أعداد من المواطنين الذين يرتبطون بعلاقة أمام أشخاص القانون من مرافق وما في حكمها، فالأصل في نشأة العلاقة الوظيفية قيامها بين الشخص المعنوي الذي يمثل المرفق العام، والشخص الطبيعي الذي يمثل الموظف العام الساعي إلى تنفيذ سياسات المرفق موضع الغاية منه.

وثالثا أن يكون التعيين في الوظيفة بواسطة السلطة المختصة، أي يتم تعيين الموظف بقرار من السلطة المختصة بذلك أي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتعيين، فلا يعتبر موظفا عاما كل من استولى على الوظيفة دون قرار تعيين من الجهة المختصة، فالمركز القانوني للموظف وصيرورة الرابطة الوظيفية لا يعتد بها إلا بعد صدور قرار التعيين، أو بموجب عقـد مع جهة الإدارة لا يختلف كثيرا عما تشترطه الإدارة عند قرارات التعيين، وكما لا يعتد بأي ترشيح من قبل الإدارة واعتباره تعيينا، إذ إن الإدارة الفعلية والقانونية للتوظيف لن تنشأ إلا بإصدار قرار التعيين ممن له الحق في ذلك.

إذن لا يقصد بالتعيين إحـداث الوظيفـــــة لأول مرة فحسب، بل يعني بذلك تقليد الوظيفة العامة سواء أكان ذلك أول مرة أو بأي حالة قانونية تجعل الموظف موظفا عاما عن طريق الجهات المختصة قصد بالتعيين إحـداث الوظيفـــــة لأول مرة فحسب، بل يعني بذلك تقليد الوظيفة العامة سواء أكان ذلك أول مرة أم إعادة لها، أم بأي حالة قانونية تجعل الموظف موظفا عاما عـن طريق الجهات المختصة بموجب قرار أو عقد، أو بأية وسيلة أخرى ينص عليها في القانون كالانتخاب وغيره، وعلى ذلك فإن من يتقلد وظيفة عامة دون صدور قرار تعيين أو إذن مـــــــــن السلطة المختصة هو موظف منتحل أو موظف فعلي، فمن هو الموظف الفعلي، هذا ما سنعرفه في المقال القادم.

زر الذهاب إلى الأعلى