ملفات وتقارير

المقاومة الفلسطينية تواصل انتصاراتها العسكرية والسياسية

بعد انقضاء مهلة ترامب وتهديده بالجحيم في غزة إن لم يفرج عن جميع الأسرى الصهاينة..هل ترامب ظاهرة صوتية ورفع السقف ليجبر الحكومات العربية على تقديم خطة وفق هوى الاحتلال؟

تقرير: سيد العبيدي

حققت المقاومة الفلسطينية انتصارا سياسيا جديدا لا يقل أهمية عن انتصاراتها العسكرية على العدو الصهيوني الذي حاول الأسبوع الماضي عرقلة اتفاق وقف إطلاق النار، بعد زيارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولقائه الرئيس دونالد ترامب الذي طرح خطة تهجير أهالي غزة بدلًا عن إعمارها وتعويض المتضررين وأسر الشهداء الذين تعرضوا لحرب إبادة وتطهير عرقي لمدة خمسة عشر شهرا.

كانت المقاومة الفلسطينية قد أعلنت الاثنين تأجيل الإفراج عن الأسرى الصهاينة ضمن الدفعة السادسة من المرحلة الأولى حتى إشعار آخر، متهمة الاحتلال بعدم تنفيذ تعهداته رغم أن التوصل للاتفاق تم بجهود وسطاء إقليميين ودوليين بينهم الولايات المتحدة، وشهد عليه المجتمع الدولي.

وقالت المقاومة في بيان لها إنها ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار ما التزم الاحتلال به، مؤكدة أن الحكومة الصهيونية هي الطرف الذي لم يلتزم بتعهداته، وعليها تقع مسؤولية أي تعقيدات أو تأخير.

وفي وقت سابق، رفضت الحركة طلب ترامب بالإفراج عن جميع الأسرى بحلول ظهر يوم السبت، مضيفة أن لغة التهديد تعقد الأمور. وقالت المقاومة إن الالتزام بشروط الاتفاق الذي أبرم قبل ثلاثة أسابيع هو السبيل الوحيد لضمان تسليم الأسرى إلى الصهاينة وأن لغة التهديد ليست في محلها وغير مناسبة ولا تؤدي إلا إلى تعقيد الأمور.

الاحتلال يخضع أمام شروط المقاومة

والجمعة اصطفت معدات الإعمار والشاحنات المحملة بالكرفانات على الجانب المصري من معبر رفح، في انتظار السماح بدخولها إلى قطاع غزة، ضمن جهود دعم وإعادة إعمار المناطق المتضررة. وضمت القافلة لوادر حديثة وكرفانات مجهزة، تحمل علم مصر وشارة اللجنة المصرية القطرية، تأكيدًا على التعاون المشترك في جهود الإغاثة وإعادة البناء.

وأكد المسؤول المصري، أن المعبر بات مهيأ لاستقبال المصابين والجرحى من قطاع غزة للعبور إلى الجانب المصري لتلقي العلاج اللازم، بعدما شهدت الأيام الماضية إصلاحات في الجانب الفلسطيني منه، ساهمت في تأخير عملية فتحه.

قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة سينتهي إذا لم تعد المقاومة الأسرى المحتجزين في القطاع بحلول ظهر يوم السبت المقبل.

وأضاف في بيان مصور “سيعود الجيش إلى القتال المكثف حتى إلحاق الهزيمة بحماس في النهاية”. ولم يوضح نتنياهو ما إذا كان كلامه يشمل جميع الإسرائيليين المحتجزين في غزة أم مجموعة من الأسرى من المقرر أن يتم الإفراج عنهم السبت في مقابل إطلاق سراح فلسطينيين تعتقلهم إسرائيل، في إطار اتفاق الهدنة.

في السياق نفسه، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، تمسكه بالمهلة التي حددها حتى السبت للإفراج عن جميع الأسرى الصهاينة في قطاع غزة. وردًا على صحافي سأله خلال استقباله ملك الأردن عبدالله الثاني في البيت الأبيض عما إذا كانت هذه المهلة لا تزال قائمة، قال ترامب “نعم”.

ترامب يلوح بموقف صارم

وكان الرئيس الأمريكي قد لوح باتخاذ موقف صارم بشأن غزة، كما قال إن على حركة حماس إطلاق سراح “جميع الأسرى”، لكنه لم يفسر قصده بـ”الموقف الصارم”، بحسب “رويترز”.

كما كان ترامب توعّد المقاومة الفلسطينية بـ”الجحيم” ما لم تفرج بحلول السبت عن “جميع الأسرى” الصهاينة الذين ما زالت تحتجزهم في قطاع غزة.

ترامب يورط حكومة نتنياهو

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن قرار تحديد موعد الإفراج عن الرهائن يعود إلى الاحتلال، وذلك بعد إفراج المقاومة الفلسطينية عن الأسرى الصهاينة الثلاثة.

وأضاف أنه “سيتعين على الاحتلال الآن أن يقرر ما سيفعله بشأن الموعد النهائي المحدد للإفراج عن جميع الرهائن في الساعة 12 ظهرا من اليوم”. وأكد أن الولايات المتحدة ستدعم الاحتلال في القرار الذي ستتخذه.

وعلى أثر ذلك هدد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، المقاومة بإنهاء وقف إطلاق النار وعودة الجيش إلى القتال العنيف، في حال عدم عودة الرهائن.

وتابع نتنياهو: “القرار الذي اتخذته بالإجماع في مجلس الوزراء هو هذا: إذا لم تعيد حماس رهائننا حتى ظهر يوم السبت، فسوف يتم إنهاء وقف إطلاق النار، وسوف يعود جيش الدفاع إلى القتال المكثف حتى هزيمة المقاومة نهائيا”.

تحديات إتمام الصفقة

وفي السياق يواجه اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير تحديات كبيرة، بالرغم من استمرار عملية تبادل الأسرى بين الجانبين ضمن الدفعة السادسة من المرحلة الأولى، مما يضع الصفقة برمتها في “مهب الريح” ويهدد استكمال المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق.

والسبت أفرجت سلطات الاحتلال، عن الدفعة السادسة من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين وشملت 36 معتقلا من المحكومين بالمؤبدات، و333 معتقلا من قطاع غزة، اعتقلتهم قوات الاحتلال الصهيوني خلال عدوانها على القطاع بعد السابع من أكتوبر 2023. ووفقا لقائمة الأسماء، فإن 29 أسيرا من المفرج عنهم من الضفة الغربية، و7 من مدينة القدس المحتلة وضواحيها، فيما تم إبعاد 24 أسيرا إلى خارج الوطن.

كما سلمت المقاومة الفلسطينية 3 أسرى صهاينة محتجزين لديها إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بينهم اثنان يحملان الجنسيتين الأمريكية والروسية، وذلك صباح السبت شرق مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ضمن الدفعة السادسة من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

بنود المرحلة الثانية من الصفقة


حسب نص اتفاق وقف إطلاق النار كان من المفترض أن يبدأ التفاوض على المرحلة الثانية في 3 فبراير الجاري أي بعد مرور 16 يوما على سريان المرحلة الأولى، لكن رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو أجّل إرسال وفده التفاوضي إلى العاصمة القطرية الدوحة بعد لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 4 من الشهر نفسه، وبعث بوفد فني غير مخول بالتفاوض حول المرحلة الثانية من الاتفاق.

وتُعد المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الأهم والأصعب نظرا لأنها تشمل الجنود الصهاينة المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، ومنهم من يحمل رتبا عسكرية عالية. وبالتي يتضمن الإفراج عنهم أن يقبل الاحتلال بإطلاق سراح معظم الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالمؤبدات، والذين كانت ترفض الإفراج عنهم سابقا.

الإفراج عن الجنود والضباط


وتتضمن المرحلة الثانية إطلاق سراح من هم على قيد الحياة من بين 66 جنديا وضابطا صهيونيا، بعد الإفراج عن 33 محتجزا ضمن المرحلة الأولى من مجمل 99 أسيرا بقوا لدى فصائل المقاومة الفلسطينية، على أن يتم تبادل رفات الموتى منهم في المرحلة الثالثة.

وبالنظر إلى مفاتيح التبادل التي شملتها المرحلة الأولى، فإنه مقابل كل مجندة أفرجت عنها فصائل المقاومة الفلسطينية، أطلقت سلطات الاحتلال مقابلها 50 أسيرا من أصحاب المؤبدات والمحكوميات العالية، فإن ذلك يعني أن ما سيقدمه الاحتلال مقابل كل جندي وضابط سيكون أكبر من ذلك، مما سيلاقي معارضة من قِبَل مكونات الحكومة اليمينية الصهيونية “المتطرفة”، وبالتالي وضع عراقيل جديدة أمام استكمال الصفقة.

شروط نتنياهو الجديدة بعد لقاء ترامب
كذلك فرض نتنياهو مطالب جديدة بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، شملت إبعاد قيادة حركة المقاومة الفلسطينية حماس من غزة، وتفكيك جناحها العسكري، ونزع سلاحها، وإطلاق سراح جميع المحتجزين الصهاينة، وجاءت شروط نتنياهو تماشيا مع مصالحه السياسية وبما يحافظ على ائتلافه الحكومي من الانهيار.
كما حصل نتنياهو على دعم كبير من الرئيس الأمريكي خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، حينما طرح ترامب خطة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مما يعطي مؤشرا بأن المرحلة الثالثة المتعلقة بإعادة إعمار القطاع لن تتم، وبالتالي لن تُستكمل مراحل اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال إن الحكومة الصهيونية لن تستسلم لما سماه “الجنون”، وستواصل العمل بحزم لإعادة جميع المحتجزين، ولن تتوقف لحظة واحدة قبل تدمير المقاومة الفلسطينية بالكامل.

سيناريوهات محتملة لانهيار الاتفاق


وأمام ما سبق برزت تحديات جديدة من شأنها أن تؤدي إلى انهيار الاتفاق بعد المرحلة الأولى، من بينها الانتهاكات المتكررة والتباطؤ الصهيوني المتعمد في تنفيذ الالتزامات، ووضع نتنياهو شروطا جديدا لاستكمال الاتفاق.
ومن بين التحديات قيام الاحتلال بالمراوغة في تنفيذ جميع بنود الاتفاق بما فيها البروتوكول الإنساني الذي يشمل إدخال البيوت المتنقلة والآليات الثقيلة ورافعات الأنقاض إلى قطاع غزة، إلى جانب استمرار ترامب في طرح خطة تهجير الفلسطينيين والضغط على الحكومات العربية لاسيما مصر والأردن للموافقة على قبول الفلسطينيين.
كذلك تشمل التحديات المحتملة أمام استكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مستقبل بنيامين نتنياهو السياسي وحكومته المتطرفة وخشية انسحاب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش من الحكومة بعدما أعلن معارضته بشدة الانتقال إلى المرحلة التالية من الصفقة.
يشار إلى أن انسحاب سموتريتش ووقف دعمه الحكومة في الكنيست يعني انهيار الائتلاف الحكومي، ولا سيما بعد استقالة وزير الأمن إيتمار بن غفير واثنين من حزبه منها مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

المقاومة: ملتزمون بالاتفاق


وأكدت المقاومة الفلسطينية، في وقت سابق الخميس استمرارها بتطبيق وقف إطلاق النار، وفق ما تم التوقيع عليه بما في ذلك تبادل الأسرى حسب الجدول الزمني المحدد. وقالت المقاومة إنها أجرت مباحثات مع الوسطاء لبحث مجريات تطبيق الاتفاق وتبادل الأسرى خاصة بعد خروق الاحتلال، مشيرة إلى أن وفدها عقد اجتماعا بالقاهرة مع رئيس جهاز المخابرات المصرية حسن رشاد، وأجرى مباحثات هاتفية مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.وكانت حركة المقاومة الفلسطينية – قد أعلنت أنها ستؤجل عملية الإفراج عن المعتقلين، كما اتهمت الاحتلال بمخالفة بنود اتفاق وقف إطلاق النار، كما أعلنت المقاومة رفضها تهديدات الولايات المتحدة والاحتلال وطالبت الالتزام ببنود الاتفاق من أجل ضمان إطلاق سراح المعتقلين. وأوضحت المقاومة في بيان لها أن الاتصالات ركزت على تطبيق بنود الاتفاق خاصة ما يتعلق بتأمين إيواء الشعب الفلسطيني وإدخال البيوت الجاهزة بشكل عاجل، وإدخال الخيام والمعدات الثقيلة والمستلزمات الطبية والوقود واستمرار تدفق الإغاثة.

جهود الوسطاء لإتمام الصفقة


وأفادت وسائل الإعلام المصرية أن مصر وقطر تعملان على تعزيز الجهود الدبلوماسية لدفع استمرار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة إزاء التحديات التي تحيط به، كما يسعى كبار المسؤولين في مصر وقطر إلى مواصلة دفع تنفيذ هذا الاتفاق “بطريقة متوازنة”، بغية تجنب تصعيد الأوضاع والتسبب في المزيد من الخسائر.

أكد مصدر مسؤول، في تصريح خاص لـ “فضائية القاهرة الإخبارية” المصرية، نجاح الجهود المشتركة بين مصر وقطر في إزالة العقبات التي كانت تعوق استكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وأوضح المصدر أن التعاون الوثيق بين الجانبين أسهم في تعزيز فرص الاستقرار، مما يمهد الطريق لتنفيذ الاتفاق بشكل كامل.

زر الذهاب إلى الأعلى