ماذا لو قلنا لأمريكا طز؟
بقلم/ فرج بوخروبة
في كلمة ذات صلة بغطرسة فرعون العصر دونالد ترامب تحدث متحديًا السيد “غوستافو بيترو” رئيس جمهورية كولومبيا، صاحب الموقف المثير للاهتمام والجدير بالشكر والثناء حين أقدم على طرد السفير اليهودي من فيتنام، وقطع العلاقات نهائيا على ضوء جرائم الاحتلال في غزة، حيث وجه خطابا مستهدفًا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حين قال له: لا تستطيع مجابهة الرجال الأحرار، ولسنا أولئك الذين استسقوا العبودية والذّل.
وورد في خطابه أنا أعند شخص على وجه الأرض، سأقاوم غطرستك، حتى لو كان ثمن ذلك تنفيذ انقلاب عسكري ضدي، كما حدث مع الرئيس تشيلي الراحل سلفادور ألندي في سبعينيات القرن الماضي، لا أحب بلادك ولا سفرة غنيّة مملّة، وأنت شخص جشع جدا، لا يهم نفطك، جشعك سيؤدى إلى القضاء على الجنس البشري.
ويضيف بيترو قائلًا: أنت تعتبرنا من عرق أقل، ونحن لسنا كذلك، وتعرفني أعند شخص على وجه الأرض، وتعرف أني سأموت على مبادئي، لقد قاومت التعذيب سابقًا، وسوف أقاومك أنت أيضًا، ونحن عشّاق الحرية ولسنا عبيدا، أنت لا تفهم أنها كولومبيا قلب العالم، قد تقتلني يا ترامب، لكني سأعيش في شعبي الذي سبق شعبك، نحن الرياح والشعوب والجبال والبحر والحرية، لن أمدّ يدي لمصافحة تجّار العبيد البيض، بل أصافح الأحرار، صفيني أيها الرئيس، ثم ستردّ عليك كل كولومبيا وأحرار الأمريكيتين!
هذا الرئيس الذي يجب أن يحترمه الشعب العربي ويقدر مواقفه وعزة نفسه والانحياز الكامل لصالح شعبه والمناصر للقضايا المصيرية في المجتمع الدولي، على الرغم من بعده عن فلسطين آلاف الأميال، قال وبكل شجاعة وتحدٍ في خطابه الموجه لترامب عمّا يجول في خواطرنا وربما أكثر، لا أعتقد أن حكّام العرب والمسلمين يتجرؤون على ما أقدم عليه رئيس كولومبيا، لأنه رئيس حر ويعشق الحرية، وهو الذي أعلن أن ترامب شخصية انتهازية مبتز بكل وقاحة، ولا أحد بقادر على الردّ عليه أو صده إلا الشعب الكولومبي السعيد برئيسه، لأنه رجل بكل ما في الكلمة من معنى، في حين ملحوظ أن حكام العرب والمسلمين في حالة خصام مع شعوبهم، لأنه ليس لديهم القدرة على مواجهة ذلك المارد الشيطانيّ، كل ما هو مطلوب هو السمع والطاعة كلما طلب منهم أمرًا ما.
بيترو طرد سفير الاحتلال، وعندما نطالب بطرد سفير في عاصمة عربية، يسرح ويمرح متحديًا، لأن هناك وجود السفير واستمرار العلاقات مع كيان الاحتلال! وعلينا نحن الشعوب العربية أن نذكر حكامنا بهؤلاء الأشخاص الأبطال الذين كانوا في الموعد بمواقفهم وتحديهم لغطرسة أعتى قوة غاشمة في العالم، وهذا موقف كبير من رئيسة المكسيك، “كلوديا شينباوم”، إذ حذرت ترامب بعزلة عالمية بسبب تعنته وسياساته الاقتصادية الجديدة والقاضية بفرض رسوم جمركية وضرائب إضافية على واردات صينية وأوروبية وكندية ومكسيكية بنسب متفاوتة حيث قالت: إنّ سوركم الذي تبنونه فهو بقاؤكم داخله بينما هناك سبعة مليارات مستهلك سيستغنون عن صناعاتكم ومنتجاتكم وتكنولوجيتكم واللجوء إلى الصين وكوريا وروسيا والاتحاد الأوروبي الذين هم على قدرة من إنتاج أجود السلع والخدمات التي تغنيهم عنكم! وتحدٍّ آخر من الدنمارك التي رفضت وبشدة بيع غرينلاند رغم محاولات أمريكا الفاشلة عبر الزمن! كما رفضت بنما عدم الاستغناء عن قناة بنما التي هدد ترامب بأنه سوف يضمها إلى الولايات المتحدة الأمريكية إن لم تكن بالتفاهم فسنستخدم القوة!
هذه الدول ومواقفها من أمريكا اليوم وسياستها الجديدة أليس من حقنا أن نرفض ونستهجن وأن نقرر بأنفسنا ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا في ندية ونحن نملك الجغرافية والتاريخ والموارد الطبيعية التي تسعى أمريكا والغرب إلى السيطرة عليها برضا حكامنا الخانعين! أليس من حقنا أن نمارس حقنا في التعامل مع الغرب المعاصر بشيء من الإرادة في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية، نحن نملك النفط والغاز والذهب والمواقع الاستراتيجية والثروات الطبيعية والمحيطات والبحار والأنهار والقنوات البحرية وغيرها، ماذا لو قلنا لهم كذا بكذا أو نغلق الممرات المائية ونمنع النفط والغاز عن الخارج كضغط سياسي اقتصادي حتى يذعنوا لنا وهم المحتاجون إلى نفطنا؟ ماذا لو قلصنا التمثيل الدبلوماسي؟ ماذا لو قاطعنا منتجاتهم؟ وماذا لو ذهبنا إلى روسيا والصين والهند وجعلنا من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دول ممانعة حتى يتحرك العالم ويستجيب لمطالبنا العادلة؟ وماذا لو؟.