مقالات الرأي

إضاءات قانونية حول أحكام الوظيفة والموظف 

بقلم/ أسماء الفسي

إن الإدارة باعتبارها شخصا معنويا عاما لا تستطيع أن تقوم برسالتها إلا عن طريق شخص طبيعي يقوم بالتعبير عن إرادتها والذي يضطلع بدور مهم باعتباره منفذا لسياستها والمسؤول عن تحقيق أهدافها ألا وهو الموظف.

هذا وقد اختلفت التشريعات الإدارية من دولة إلى أخرى في التعريف بمفهوم الموظف العام أو وضع تعريف محدد ودقيق له يصلح في جميع البلدان أو حتى يصدق على كل من يتصف بصفة الموظف في إطار واحد، غير أنه يتعين أن نخرج بتعريف محدد لمفهوم الموظف العام، إذ إن مفهوم الموظف العام يتأثر إلى حد كبير بنظام الوظيفة العامة المعمول به في الدولة، فهناك كما قال بعض فقهاء القانون الإداري نظام الوظيفة المغلق، فيه العمل دائم يحكمه نظام قانوني عام، ونظام الوظيفة المفتوح، وفيه يخضع الموظفون لقواعد الأنظمة الخاصة في علاقات العمل، ففي قانون الخدمة المدنية السابق عرف الموظف في نص المادة الثانية منه على أنه (كل من يشغل إحدى الوظائف المشار إليها في البند السابق ب).

وبإلغاء قانون الخدمة المدنية بصدور قانون العمل رقم 12 لسنة 2010 جاء مفهوم الموظف العام في نص المادة الخامسة منه على أن الموظف هو كل من يشغل إحدى الوظائف بملاك الوحدة الإدارية.

أما عن التعريف الفقهي للموظف فإنه كل من يولى وظيفة دائمة أو مؤقتة في خدمة مرفق عام يدار بطريق مباشر، وبهذا المعني لكي يتصف الشخص بصفة الموظف العام لابد أن يكون قد شغل وظيفته وفق قراءات قانونية صحيحة، فلا يعتبر موظفا عاما من يقوم بأعمال إحدى الوظائف العامة دون أن يتولى أمرها طبقا للإجراءات القانونية الصحيحة.

أما عن مفهوم الموظف العام في القضاء الإداري الليبي فأسند إليه من خلال دوائر القضاء الإداري لمحاكم الاستئناف مهمة التعريف بمفهوم الموظف العام، حيث استقر القضاء الإداري على تعريف الموظف العام بأنه الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره أو تشرف عليه الدولة، ومن ثم تسري عليه جميع قوانين ولوائح الخدمة المدنية بما فيها من حقوق وواجبات.
كما تقول أيضا المحكمة العليا إن قضاء المحكمة العليا قد استقر على أن الموظف العام هو الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره أو تشرف عليه الدولة ومن ثم تسري عليه جميع قوانين ولوائح الخدمة المدنية بما فيها من حقوق وواجبات، وأن لا يلزم لإضفاء صفة الموظف العام أن يكون شغله للعمل دائما ومستمرا، وإنما العبرة بدوام العمل في ذاته، ولو كان من أسند إليه العمل ذا صفة مؤقتة، كما أنه لأهمية المرتب الذي يتقضاه الموظف العام، كما يشترط لاعتبار الشخص موظفا عاما. كما يشترط لاعتبار الشخص موظفا عاما أن يتم تعيين الموظف من قبل السلطة المختصة وبناء على الشروط والأوضاع المقررة قانونا لشغلها.
فالمركز القانوني للموظف وصيرورة الرابطة الوظيفية لا يعتد بها إلا بعد صدور قرار التعيين أو بموجب عقد مع جهة الإدارة لا يختلف كثيرا عما تشترطه الإدارة عند قرارات التعيين، فلا يعد موظفا عاما من يستولي على الوظيفة دون قرار بالتعيين باستثناء حالة الموظف الفعلي، كما أن مجرد تسليم العمل أو تقاضي المرتب لا يكفي لاعتبار المرشح معينا في الوظيفة إذا لم يصدر قرار التعيين بالأداة القانونية أي ممن يملك التعيين.

كما يشترط لاعتبار الشخص موظفا عاما تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام أن يكون عمله في خدمة مرفق عام، حيث يشترط لاكتساب صفة الموظف العام أن تدير الدولة أو أحد أشخاص القانون العام هذا المرفق إدارة مباشرة، وبالتالي لا يعد العاملون في المرافق التي تدار بطريقة الالتزام موظفين عمومين وكذلك العاملون في الشركات والمنشآت التي لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة.

الإطار القانوني لطبيعة العلاقة الوظيفية بين الموظف والإدارة: ونظرا لأهمية الموظف وممارسته لوظيفته داخل الإدارة فقد أثبت العديد من النقاشات حول الطبيعة القانونية للعلاقة بين الموظف والإدارة فظهرت نظريات فقهية تقول إن العلاقة بين الموظف والإدارة هي عقد من عقود القانون الخاص بمعنى هي علاقة تعاقدية في إطار القانون الخاص ويحكمها مبدأ سلطان الإدارة وكذلك مبدأ العقد شريعة المتعاقدين مما أدى إلى الاختلاف في المراكز القانونية بين الموظفين.

العلاقة بين الموظف والإدارة: هي علاقة تعاقدية في إطار القانون العام، إذ كثيرا ما تتصرف الإدارة كأحد أشخاص القانون الخاص، أي كأحد الأشخاص العاديين، وهذه الأعمال هي التي يطلق عليها اسم أعمال الإدارة الخاصة كأن مثلا تبرم عقدا تنزل فيه منزلة الأفراد ولا تبرز فيها مظاهر السلطة العامة، فهذا العقد يخضع لأحكام القانون الخاص، ومن هنا ظهرت فكرة أن العلاقة الوظيفية التي تربط الموظف بالإدارة وإن كانت علاقة تعاقدية إلا أنها من تلك النوعية المتعلقة بعقود القانون العام.

زر الذهاب إلى الأعلى