“لجنة استشارية جديدة”.. أسلوب متكرر لإدارة الأزمة الليبية أم فرض واقع جديد؟
بقلم/ ناصر سعيد
تعتبر قرارات الأمم المتحدة، وخاصة تلك الصادرة عن مجلس الأمن، أداةً تُستخدم غالبًا تحت مظلة الشرعية الدولية لخدمة مصالح الدول الكبرى. ومن أبرز الأمثلة على ذلك قرار مجلس الأمن رقم 1973، الصادر في 17 مارس 2011، والذي تم بمقتضاه فرض حظر جوي على ليبيا بحجة حماية المدنيين. والذي تحول إلى ذريعة لشن حلف الناتو عدوانًا على ليبيا، مما كشف عن استغلال القرارات الدولية لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية على حساب مصالح الشعب الليبي.
اليوم، تعود الأمم المتحدة بمشروع جديد تحت مسمى “لجنة استشارية”، مكونة من 20 عضوًا، يُزعم أن دورها استشاري وليس تنفيذيا. ولكن، وكما حدث سابقًا مع لجنة الحوار في جنيف واتفاق الصخيرات، فإن هذه اللجنة تثير الشكوك حول أهدافها الحقيقية. فالأعضاء وآلية اختيارهم وطبيعة مهامها تبدو مشبوهة، خاصة مع غياب تمثيل حقيقي لجميع الأطراف الليبية. إذ يمثل 98 % من أعضائها تيارا واحدًا، دون إشراك التيارات الأخرى، مما يعكس تحيزًا واضحًا.
هذه اللجنة، التي يُفترض أن تكون استشارية، قد تتحول إلى أداة لفرض قرارات دولية جديدة بتزكية من مجلس الأمن، بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة وفقًا لتسريبات غير رسمية. لكن الأزمة الليبية لا تُحل بتشكيل حكومات جديدة أو فرض قرارات من الخارج، بل تتطلب حوارًا وطنيًا شاملًا يضمن مشاركة جميع الأطراف دون إقصاء أو تهميش.
في النهاية، فإن تشكيل هذه اللجنة يبدو محاولة أخرى لإطالة أمد الأزمة الليبية، بدلًا من حلها. فهل ستكون هذه اللجنة خطوة نحو الاستقرار، أم مجرد أداة جديدة لتمرير أجندات خارجية؟ السؤال يبقى مطروحًا في ظل غياب الإرادة الحقيقية لإيجاد حلول جذرية تعكس تطلعات الشعب الليبي.