مجلس الأمن القومي الليبي يدشن ندوة علمية عامة بعنوان”الهوية الاقتصادية لليبيا” بمدينة بنغازي
متابعات- محمد جبريل
نظم مجلس الأمن القومي الليبي ندوة علمية تحت عنوان “الهوية الاقتصادية لليبيا كمنطلق للتنمية الاقتصادية” وذلك بمدينة بنغازي يومي 29 و30 يناير 2025.
تناولت الندوة مفهوم الأمن القومي ودوره في تحديد الهوية الاقتصادية لليبيا ما يعزز الأمن الاقتصادي ضمن منظومة الأمن القومي.
وجاءت أهداف الندوة كالآتي :
1- مشاركة الخبراء في حوار علمي حول قضية الهوية الاقتصادية وأهميتها للدولة الليبية.
2- مناقشة وإيضاح علاقة الهوية الاقتصادية بمسار التنمية ومستقبلها.
3- مناقشة جميع الأفكار والتوجهات المتعلقة بالهوية الاقتصادية.
4- الوصول لاقتراح حول الهوية الأنسب للاقتصاد الليبي.
تناولت الندوة ٤ محاور وهي “واقع ومستقبل الهوية الاقتصادية في ليبيا والمحور الثاني: الهوية الاقتصادية والتنمية الاقتصادية، وناقش المحور الثالث: علاقة الهوية بالتخطيط التنموي والمحور الرابع: الهوية الاقتصادية والإصلاحات التشريعية.
منظومة اقتصادية تخلص ليبيا من الاعتماد على النفط
في هذا السياق أكد إبراهيم بوشناف مستشار الأمن القومي الليبي، أن الاقتصاد يرتبط بتحسين الحياة المادية للناس والمجتمع ولذلك تهتم الدولة بالنظام الاقتصادي وتوليه أهمية حيث أن هوية الاقتصاد الوطني تنشأ عنها القوانين والتشريعات والمؤسسات والتي تعكس رؤيته وأهدافه.
وشدد بوشناف خلال الندوة، على الاحتياج ولذلك لإطار تشريعيا متوازنا يحقق حرية السوق ويعزز الحرية الاقتصادية وحماية الملكية الخاصة ويحقق العدالة الاجتماعية، مشيرًا إلى أن الخطوة الأولى هي إعادة النظر في كافة القوانين المنظمة للاقتصاد الوطني وقياس آثارها بعد اعتماد الهوية الاقتصادية المناسبة.
وأشار، إلى أن هذا يتطلب تطوير وبناء المنظومة الاقتصادية على أسس علمية ومنهجية واضحة تراعي التغيرات الاجتماعية والثقافية وتكون قابلة للتطبيق بشكل متناسق وعادل والتي يجب أن تتضمن آليات واضحة للمساءلة والشفافية بشكل يحقق أهداف المجتمع ويعزز الثقة في النظام الاقتصادي وتشريعاته وحماية الطبقات الفقيرة بشبكة حماية اجتماعية.
ولفت مستشار الأمن القومي الليبي، إن الاقتصاد الليبي يعاني من كونه اقتصادا ريعيا يحتاج إلى إعادة هيكلته فإنه يعاني من غياب وغموض الهوية الاقتصادية مما يعرقل نموه وجعل كل تخطيط لمستقبل أفضل هو هدر للموارد والإمكانية.
وأشار بوشناف، على أنه في العقود الماضية كان الاقتصاد الليبي تائها يتخبط بعشوائية صنعت إرثا كبيرا يحتاج معالجة، وتكونت له أثار ثقافية واجتماعية ذات طابع سلبي تحتاج أيضا معالجات تستغرق تغيير بعض المفاهيم بالمجتمع.
ولفت مستشار الأمن القومي الليبي، إلى السعي لبناء منظومة اقتصادية تخلص ليبيا من الاعتماد على النفط وتجيش إمكانية الدولة للمساهمة في تنوع مصادر الدخل وتحقيق العدالة والمساواة وتوزيع التنمية في كل انحاء الوطن.
جوهر المستقبل الاقتصادي
من جهته أكد صقر بوجواري رئيس المجلس البلدي بنغازي، أن هذه الندوة العلمية تناقش قضية حيوية تمثل جوهر المستقبل الاقتصادي والمسار نحو التنمية المستدامة.
وتابع بوجواري، إن الحديث عن الهوية الاقتصادية لليبيا يعني في جوهره السعي نحو فهم وتحديد الموارد والمزايا النسبية التي تمتلكها بلادنا والعمل على استثمارها بطريقة تحقق الرفاه والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
ولفت رئيس المجلس البلدي بنغازي،، إن ليبيا بثرواتها الطبيعية والبشرية وبموقعها الجغرافي المميز، تمتلك جميع المقومات التي تؤهلها لأن تكون نموذجًا اقتصاديًا يُحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي.
وأكد رئيس المجلس البلدي بنغازي، على أنه تبرز أهمية هذه الندوة التي ينظمها مجلس الأمن القومي، كمنصة تجمع بين صانعي القرار والخبراء والأكاديميين لمناقشة أسس بناء رؤية اقتصادية تعكس هويتنا الوطنية، وتؤكد على أهمية التكامل بين القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وأكد بوجواري، على أن بلدية بنغازي تدرك أن التنمية الاقتصادية تبدأ من المجتمعات المحلية. لذلك، يتم العمل بجهد على تهيئة بيئة ملائمة للاستثمار، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الابتكار والبحث العلمي، باعتبارها ركائز أساسية لتحقيق النمو والتنمية.
وشدد بوجواري، على أهمية التخطيط الاستراتيجي المبني على هوية اقتصادية واضحة، والذي يعتمد على تنويع مصادر الدخل الوطني، بعيدًا عن الاعتماد الكلي على قطاع النفط والغاز. إن تعزيز الزراعة والصناعة والسياحة والتكنولوجيا هو السبيل الأمثل لضمان استدامة اقتصادنا وتوفير فرص العمل لشبابنا.
وأعرب رئيس المجلس البلدي بنغازي، عن تقديره العميق للجهود المبذولة لتنظيم هذه الندوة العلمية القيمة، متمنيًا أن تكون مخرجاتها خطوة مهمة نحو بناء اقتصاد وطني قوي ومستدام يعكس تطلعات الشعب الليبي ويحقق طموحاته.
بناء هوية اقتصادية
من جانبه لفت عبدالهادي شماطة، رئيس اللجنة التحضيرية للندوة إلى صناعة هوية للاقتصاد الوطني لمعالجة أزماته الاقتصادية وما وصلت له من تردٍ يستدعي بناء هوية اقتصادية تحدد اتجاه البناء وصناعة اقتصاد يتناسب واحتياجات مجتمعنا وتأسيس منظومة قانونية وتشريعية تسمح للاقتصاد أن ينطلق في اتجاه يدعم التنمية ويحقق الرفاهية للمجتمع.
وطالب شماطة، بضرورة ، التخلص من الاقتصاد الريعي وتحقيق تنوع للدخل حقيقي، مشيرًا إلى ان مايعانيه الاقتصاد الليبي امراض متعددة ولكنها لاتستعصي على الحل اذا تم عقد العزم والارادة لتجاوز كا انقسام وفرقة مع توحيد جهودنا لبناء الوطن.
وأشار إلى أن مجلس الأمن القومي يتابع دوره لمراجعة السياسات العامة وشكل العديد من اللجان الاستشارية منها لجنة السياسات الاقتصادية لبناء نموذج اقتصادي ناجح وسياسات تتناسب ووضع الاقتصاد الليبي بالتعاون مع جهات الاختصاص.
ورقات بحثية
كما ناقشت الندوة التي أستمرت على مدى يومين عدد من الأوراق البحثية ومنها:
1- الهوية الاقتصادية في ليبيا إلى أين؟ ألقاها الدكتور عبداللطيف طلوبة.
2- تقويم التجربة الليبية في إطار الهوية الاقتصادية.
3- علاقة الهوية الاقتصادية بالاستدامة المالية للدولة من إعداد د. علي سعيد الشريف والأستاذ محمد عبدالفتاح خيرالله.
وفي اليوم الثاني ألقيت الورقات الآتية:
1- هوية النظام الاقتصادي في ليبيا ألقاها د. ناصر المعرفي.
2- التكامل والتنسيق بين السياسات الاقتصادية باتجاه هوية اقتصادية راسخة ألقاها د. أيوب الفارسي.
3- أهمية الإصلاحات التشريعية عبر آلية تقييم الأثر للدكتور أنس بعيرة.
4- الإصلاح المؤسسي والهيكلي وتقييم عملية التحول إلى الى اقتصاد السوق في ليبيا، ألقاها د. صقر الجيباني.
و دار نقاش حول موضوع الورقات شارك فيه عديد من الخبراء والمختصين والمهتمين، وعقد صالون اقتصادي للخبراء أداره د. أنس بعيرة.
صالون اقتصادي للخبراء
كما دار نقاش حول موضوع الورقات شارك فيه عديد من الخبراء والمختصين والمهتمين، ثم عقد صالون اقتصادي للخبراء أداره الدكتور يونس اسعيد.
و أصدرت الندوة عدد من التوصيات ومنها هوية النظام الاقتصادي في ليبيا اليوم غير محددة وغير واضحة (غير معروفة)، فواقع النهج اشتراكي والتعامل رأسمالي، وهو أيضاً اقتصاد ريعي غير صناعي وغير زراعي وغير سياحي، وهو اقتصاد لا يقوم على المعرفة
أكدت الندوة، إن الاقتصاد الليبي مرّ بمراحل عديدة تقلبت فيها الهوية الاقتصادية بين نظام السوق الحرَ والنهج الاشتراكي وأن التجربة الاشتراكية لم تكن ناجحة في استخدام الموارد بشكل كفؤ.
قال المشاركون في الندوة إن التحدي الحقيقي يكمن في الافتقار للتنوع الاقتصادي، وتحول هذه السياسة التنموية إلى شعار وليس إلى استراتيجيات وسياسات فعالة.
وجاءت أبرز التوصيات في مناقشة الاقتصاد الليبي لازال اقتصادا ريعيا هشا يعاني من الافتقار الحاد للقاعدة الانتاجية، ويعاني من هيمنة القطاع النفطي، ولهذا ظلت التنمية والأوضاع المعيشية الاقتصادية والاجتماعية رهينة لوفرة العوائد النفطية.
وأفادت الندوة بأن الدولة الليبية لم تعمل على بناء هوية للاقتصاد الليبي وفقاً للمعايير والأسس المحددة للهوية الاقتصادية، ولم تتم إعادة هيكلة الاقتصاد والمؤسسات بما يتلاءم مع بناء الهوية ومتطلبات البيئة الاقتصادية الملائمة.
وكشفت الندوة في ان الأهم من ذلك لم يتم التركيز على العنصر البشري أصلاً في عملية إعادة الهيكلة، مما ترتب عليه استمرار الخلل في هيكلية الاقتصاد الليبي.
وأوصي المشاركون بأن الاستمرار على الوضع القائم وعدم وضوح الرؤية وتحديد الأدوار يجعلنا نستمر في دائرة التخبط والإخفاق، ويجعلنا في وضع يصعب الخروج منه، ويمكن القول بأن الهوية الضائعة أو تحديد الهوية المناسبة هو مركز أو محور المشكلة وغن نقطة الانطلاق الأساسية تكمن في تحديد الهوية، والتي تحقق مصالح البلد والمواطنين والأجيال القادمة، مصالح الجميع.
وأضاف المشاركون بأن الهوية الاجتماعية للأفراد في ليبيا من خلال تحول الاقتصاد من اقتصاد الوفرة إلى اقتصاد الأزمة.
لفتت الندوة، إلى أن هناك 5 محددات تحدد الهوية الاقتصادية يجب عدم اغفالها عن الحوار حول الهوية وهي العولمة – الأيدولوجيا-المحدد الحقوقي وملكية الثروة- المحدد السياسي – المحدد الفني المتعلق بالمزايا النسبية للاقتصاد.
وكشف المشاركون، أن هوية النظام المالي لليبيا حاليا غير قائمة على تمويل المشروعات التنموية، وبالتالي هناك حاجة لتدخل المصرف المركزي لإقحام القطاع المصرفي في الاستثمار والتنمية.
توصيات الندوة
وناقش الخبراء طيلة اليومين قضية الهوية الاقتصادية وخلصت الندوة للتوصيات المبدئية التالية :-
1- فتح حوار مجتمعي موسع لمناقشة الهوية الاقتصادية من منطلق الجوانب الفنية التي تبنى على المزايا التنافسية للاقتصاد الليبي وتحديد أولويات الاقتصاد من حيث القطاعات ذات التنافسية العالية.
2- إن تجارب الدول النامية في ظل النظام المختلط لم تحقق نتائج مرضية عدا بعض الاستثناءات ويرجع ذلك لضعف المؤسسات في هذه الدول وانتشار الفساد في بعضها وهو ما يثبط أي جهود أو خطط. لذلك يجب العمل على الإصلاح المؤسسي لكي يكون هناك أثر لأي هوية ينتهجها الاقتصاد الليبي.
3- يجب الإسراع في تحديد شكل الدولة واعتماد دستور يمكن من وضع خطط مبنية على هوية سياسية تتبناها قيادة سياسية موحدة لها الإرادة الحقيقية على تنمية البلاد وتحقيق الرفاه لأفراده.
4- الهوية الاقتصادية يجب أن تتضمن بناء اقتصاد غير تابع، قادر على إنجاز تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، وأن لا تجعل من ليبيا سوقا استهلاكيا لمنتجات البلدان الأخرى.
5- هوية النظام الاقتصادي يجب أن لا تختزل الاقتصاد في التجارة، ويجب أن تكون خارطة الطريق لبناء الاقتصاد المنتج هي التنوع، عبر تبني القطاعات والصناعات التصديرية، والتي توفر فرص عمل حقيقية ومستقرة، فضلاً عن زيادة القيمة المضافة.
6- الهوية ترتبط بالدولة ونظامها السياسي، وهي ملك المجتمع وليست ملك الحكومة أو فئات معينة، ولذلك لابد أن تراعي كل الناس، وأن تغلب المصلحة الاقتصادية الوطنية.
7- من هنا تأتي أهمية الحوار المجتمعي والوصول إلى رؤية توافقية حول الهوية الاقتصادية للدولة لما بعد الأزمة، هذه الهوية التي تحدد العلاقة لمفهوم ودور الدولة في النشاط الاقتصادي وعلاقتها بالقطاع الخاص وحدود رعايتها للفرد والمجتمع من أجل تحديد مسؤوليات الدولة.
8- تطوير استراتيجية الحماية الاجتماعية وفقا لأفضل الممارسات ، توفر الأمان الاجتماعي للطبقات الهشة، فمهما كانت الهوية الاقتصادية للدولة لابد من وجود دور للدولة سواء بحماية هذه الطبقات أو القيام بالمشروعات الاستراتيجية التي تحتاج تدخل الدولة.