مجدلاني: ما يحدث في المنطقة إمتداد لرؤية استراتيجية أمريكية صهيونية لخلق شرق أوسط جديد
فلسطين – الموقف الليبي
اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني الدكتور أحمد مجدلاني أن ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط، ليس مجرد تصعيد عابر أو مجموعة من الأحداث المنفصلة، بل إمتداد لرؤية استراتيجية أمريكية صهيونية مشتركة ومتشابكة، ومتدحرجة تسعى لخلق شرق أوسط جديد يعتمد على تفتيت الدول وتحويلها إلى كيانات هشة وغير قادرة على مقاومة الهيمنة، مضيفا أن هذه الرؤية ليست وليدة اللحظة بل ترسخت مع دعم الولايات المتحدة والاحتلال لمشاريع الربيع العربي والفوضى الخلاقة وصفقة القرن والتي في مجملها هدفت إلى تصفية القضية الفلسطينية وإخضاع الدول العربية تباعاً للهيمنة الأمريكية والصهيونية تحت بند التطبيع.
وتابع مجدلاني خلال كلمته المؤتمر الرابع عشر لنادي “فالداي” الذي يحمل عنوان “الشرق الأوسط 2025: التعلم من الماضي وعدم الضياع في الحاضر والتخطيط للمستقبل”، الذي يشارك فيه سياسيون من سوريا ولبنان والعراق وفلسطين ودول أخرى من المنطقة، ومشاركة وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” شكلت الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر عام 2023 نقطة تحول، ليس فقط في تغير موازين القوى بالمنطقة، وإنما في أحداث تحولات جيوسياسية سواء في قطاع غزة والضفة الغربية، ولبنان، وانهيار النظام السوري وتراجع النظام الإيراني، كل هذه التحولات فتحت الباب أمام تشكل نظام إقليمي جديد تلعب فيه دولة الاحتلال دور المهيمن لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية بديلاً عن الأطراف الإقليمية الأخرى، لإنشاء ما يسمى النظام الشرق أوسطي الجديد، الهادف لاستبعاد القوى الدولية المؤثرة والفاعلة فيه وفي مقدمتها الاتحاد الروسي.
وأضاف إن تفرد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وانحيازها المطلق للاحتلال قد ساهم في إطلاق يدها في عدوانها والذي ساهم بخلق موجة من عدم الإستقرار تهدد بزج المنطقة في صراع دموي يدمر مقدرات شعوبها ويصرفها لعقود قادمة عن اللحاق بركب التقدم والازدهار.
وأشار مجدلاني في ضوء التحديات الإقليمية الراهنة والمعقدة، فإنه من الضروري أن تزيد دول الشرق الأوسط من مستوى التعاون بينها، فالوحدة والتعاون ليست مجرد شعارات، بل ضرورات استراتيجية لمواجهة القضايا المشتركة مثل الأمن الغذائي والمائي وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال التكاتف يمكن تحقيق استقلالية أكبر من التأثيرات الخارجية وبناء نظام إقليمي قوي يعتمد على التبادل الاقتصادي والثقافي.
وتابع إن بناء إقتصاد إقليمي متكامل ومترابط يعتمد على التعاون بين دول المنطقة هو الحل الأمثل للخروج من دوامة الازمة الاقتصادية التي تعيشها المنطقة منذ عقود، والتي استعصت الطرق التقليدية على حلها، وهذا التعاون يجب ان يشمل الاستثمار في الصناعات المعرفية والتكنولوجية التي يمكن ان تشكل قاطرة للتطور الاقتصادي للمنطقة.
وأوضح مجدلاني منذ قمة “بريكس” الخامسة عشر التي عقدت في جوهانسبرغ، ظهرت مؤشرات على قلق أمريكي من اندفاع الدول النامية، ومن ضمنها حلفاء تقليديين لأمريكا كدول الخليج للإنضمام الى التحالف الذي تعد الصين وروسيا قائديه الفعليين، ودخول دول عربية كالسعودية والامارات ومصر لهذا التجمع يشير بوضوح الى مدى الاحتقان من سياسات واشنطن القائمة على الهيمنة، وإذ تراقب أمريكا هذه التوجهات وهي تمتلك كل المعطيات الخاصة بها، فإنها انتقلت إلى استراتيجية العودة الى الشرق الأوسط بهدف استعراض القوة وإعادة ترتيب الموازين في المنطقة، إلى جانب ذلك ستحاول الولايات المتحدة جاهدة منع هذا التكتل الاقتصادي الذي قد يكون الأقوى في العالم خلال السنوات القادمة، لأن هناك نمواً اقتصادياً كبيراً يحصل لهذه الدول في ظل الفوضى العالمية وضعف اقتصاد أوروبا وحضورها في المنطقة.
وأشار إلى بروز الدور الروسي لقيادة هذا التجمع خلال الدورة السادسة عشرة لقمة “البريكس” التي عقدت في قازان الروسية من 22-24/أكتوبر/2024، حيث أرادت روسيا من خلال استضافة هذا الحشد الكبير بعد الحرب الروسية الأوكرانية، التأكيد على عدم عزلتها وهدفت روسيا من خلال اختيار قازان عاصمة تتارستان لاستضافة القمة، تسليط الضوء على المدينة كرمز من رموز روسيا التعددية، حيث تلتقي أوروبا وأسيا، المسيحية والإسلام، والعالم السلافي والعالم الناطق بالتركية، يهدف ذلك الطموح لأن يكون الاتحاد الروسي في قلب العالم متعدد الأقطاب.
وأضاف عند تحليل الدور الروسي في المنطقة العربية، لا بد من التعرض الى علاقات روسيا وتفاعلاتها مع دول المنطقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، في هذا الشأن تطول اللائحة بين أنماط العلاقات الثلاثة المختلفة، إلا انه في المجمل استطاعت موسكو أن تنسج خيوط علاقتها مع الساحة العربية وسحب البساط بصورة كبيرة من قبضة واشنطن. ويمكن تفسير العلاقات السياسية الروسية بأنها جاءت مناوئة في معظم مخرجاتها للتوجهات الامريكية وهي تسعى بالأساس لإنشاء نظام عالمي ديمقراطي او بالأدق متعدد الأقطاب.