ملفات وتقارير

العالم والعرب في مواجهة ترامب

تقرير ـ سيد العبيدي:

منذ توليه مهام منصبه في الـ 20 من يناير الماضي شرع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تنفيذ تهديداته التي كان قد أعلن عنها خلال حملته الانتخابية باتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات التعسفية بحق الكثير من الدول.

وبصفته رئيسا لأكبر قوة اقتصادية في العالم يحاول “ترامب” فرض شروطه على الجميع بكافة الوسائل الممكنة وغير الممكنة مستخدما في ذلك سياسة “العصا والجزرة”، لكن العالم لم يرضخ أمام قراراته وبدأ في مواجهتها بقرارات مماثلة أو كما يسمى المعاملة بالمثل، بينما العرب يتأرجحون أمام تلك القرارات بين المواجهة و الاستسلام.

ويلوح ترامب علانية إلى معاقبة الدول التي ترفض تنفيذ سياسته أو التي تمتنع عن الامتثال للمصالح الأمريكية، بفرض عقوبات جديدة عليها مثل توجيه ضربة عسكرية لإيران أو تعليق المساعدات العسكرية لمصر والزج بملف سد النهضة للضغط على القاهرة وكذلك الحديث عن محاولة الإنسحاب من حلف “الناتو” بهدف استنزاف أوروبا، كما يستخدم سياسية الترغيب في التعامل مع روسيا لاسيما في إطار وقف الحرب الروسية الأوكرانية.

قضية مهاجرين كولومبيا

في الأسبوع الأول من توليه السلطة وتحديدا يوم الأحد الموافق 27 يناير الشهر الماضي أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” فرض رسومًا جمركية على البضائع الكولومبية بنسبة 25% بالإضافة إلى حظر السفر والعقوبات، وذلك على خلفية رفض “بوغوتا” استقبال طائرة المهاجرين وإعادتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن مساء اليوم ذاته جاء الرد المباشر من الرئيس الكولومبي “غوستافو بيترو” الذي وجه وزارة التجارة على الفور بفرض رسوما جمركية بنسبة 50% على الواردات الأمريكية قبل أن تعدل وتصبح 25% وقبل أن تتراجع الولايات المتحدة وتلغي العقوبات مقابل السماح بتسهيل العودة الكريمة للمواطنين الكولومبيين على متن طائرة رئاسية، لتغلق القصة بين البلدين.

المكسيك وكندا في مواجهة ترامب

والاثنين الموافق 3 فبراير تراجعت الولايات المتحدة الأمريكية، عن قرارها الصادر السبت بفرض رسومًا جمركية على الواردات من المكسيك وكندا بعد توصل كلا البلدين إلى اتفاقات جديدة مع إدارة ترامب بشأن أمن الحدود.

وكان من المقرر أن تدخل الرسوم الأميركية المقترحة، والتي تبلغ 25 بالمئة على الواردات من المكسيك وكندا، و10 بالمئة فقط على صادرات الطاقة الكندية، حيز التنفيذ اليوم الثلاثاء.

عوامل التحدي والرد السريع

والسبت أعلن رئيس الوزراء الكندي “جاستن ترودو” في خطاب شديد اللهجة أن كندا ستفرض رسوما جمركية على المنتجات الأمريكية ردا على تلك التي أعلن عنها ترامب.

وقال ترودو “كندا ستفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على ما مجموعه 155 مليار دولار كندي (102 مليار يورو) من المنتجات الأمريكية”. واعتبارا من الثلاثاء، سيتم تطبيق هذه الرسوم الجمركية على بضائع بقيمة 30 مليار دولار أمريكي.

كما نددت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم يوم السبت أيضا باتهام ترامب لحكومتها بالارتباط بتهريب المخدرات، واصفة ذلك بأنه “افتراء”، ومؤكدة فرض رسوم جمركية على الولايات المتحدة ردا على تلك التي أعلنها الرئيس الأمريكي.

وأكدت شينباوم أن حكومتها ستنتظر أي إعلان عن رسوم جمركية “بهدوء”. وقالت “لدينا خطة أ، وخطة ب، وخطة ج لأي قرار تتخذه الحكومة الأمريكية”، دون الخوض في تفاصيل.

ترامب يتراجع

في المقابل أكد ترامب تعليق الرسوم الجمركية المعلنة يوم السبت لمدة 30 يوما لمعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق اقتصادي نهائي مع كندا”. كما أعلن تأجيل أيضا الرسوم الجمركية على الواردات المكسيكية بنفس المدة بعد أن وافقت المكسيك على نشر 10 آلاف جندي على حدودها الشمالية لمنع تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة.

وأعلنت الرئيسة المكسيكية “كلوديا شينباوم” أيضا تعليق قرار فرض رسوم جمركية على المنتجات والبضائع الأمريكية في إجراء مماثل لما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية.

وخلال المدة المشار إليه سيعقد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، وممثلون رفيعو المستوى من المكسيك، اجتماعات لمحاولة حل القضايا العالقة.

الصين تتخذ إجراءات مماثلة

والأحد 2 فبراير أعلنت الصين أنها “تعارض بشدة” التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على بكين بنسبة 10%، متعهدة اتخاذ “إجراءات مضادة مماثلة.

ولم تمهل بكين إدارة ترامب كثيرا حتى أعلنت وزارة التجارة الصينية، اليوم الثلاثاء، فرض رسوم جمركية إضافية على العديد من المنتجات الأمريكية بنسبة 15% لتشمل الفحم ومنتجات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، وبنسبة 10% على النفط الخام والآلات الزراعية والسيارات ذات المحركات الكبيرة.

قالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن “الصين غير راضية أبدا وتعارض ذلك بشدة”، مضيفة أنها سترفع دعوى ضد واشنطن في منظمة التجارة العالمية.

الاتحاد الأوروبي يحذر ترامب

وفي السياق حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ترامب من فرض رسوم جمركية جديدة على الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي. وقالت، عقب قمة لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، مساء أمس: “عندما يتم استهدافنا بشكل غير عادل أو تعسفي، سنرد بحزم”.

كما أضافت أن “هناك تحديات جديدة وعدم يقين متزايد، لذلك فإن الاتحاد الأوروبي مستعد لحوار قوي ولكن بناء مع الولايات المتحدة”، مشددة على أن التكتل “جاهز” للتعامل مع الوضع.

وخلال حملته الانتخابية، تطرق ترامب أكثر من مرة إلى خطط لفرض رسوم جمركية جديدة تتراوح بين 10% و20% على واردات الاتحاد الأوروبي معتبرا أنها ستعزز الصناعات المحلية وتعالج العجز التجاري.

يشار إلى أن العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كانت شهدت توترا شديدا خلال ولاية ترامب الأولى، حيث فرضت واشنطن في عام 2018 رسوما على واردات الصلب والألمنيوم، ما دفع الاتحاد إلى الرد بفرض رسوم على منتجات أميركية مثل مشروب ويسكي البوربون ودراجات هارلي ديفيدسون والجينز.

قمة محتملة بين ترامب وبوتين

وفي إطار سياسة الترغيب التي يتبعها ترامب تجاه روسيا لوقف الحرب بين موسكو وكييف، قال مصدران روسيان لوكالة لـ”رويترز” إن روسيا تعتقد أن السعودية والإمارات مكانان محتملان لاستضافة قمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب، حيث يسعى الأخير إلى إنهاء حرب أوكرانيا، فيما تبقى التفاصيل قيد الفحص في موسكو. بحسب رويترز.

ويقول ترامب إنه يعتزم إنهاء الحرب في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن، وإنه مستعد للقاء بوتين. وهنأ بوتين ترامب على انتخابه، وقال إنه مستعد للقائه لإجراء مناقشات حول أوكرانيا والطاقة؛ فيما نفى مسؤولون روس مرارا أي تواصل مباشر مع واشنطن بشأن استعدادات لإجراء مكالمة هاتفية بين ترامب وبوتين تسبق اجتماعا بينهما في وقت لاحق من العام الجاري.

السعودية والتريليون دولار الأمريكي

وقبل نحو أسبوعين أعلن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، أن السعودية ستستثمر 600 مليار دولار فى الولايات المتحدة، وقال إنه سيطلب من ولى العهد السعودى محمد بن سلمان أن يصل مبلغ الاستثمار إلى تريليون دولار، وذلك أثناء خطابه أمام المنتدى الاقتصادى العالمى فى “دافوس” الذي ألقاه عبر الإنترنت.

ووعد ولى العهد السعودى، الخميس، بتعزيز استثمارات بلاده والعلاقات التجارية مع الولايات المتحدة بـ600 مليار دولار، فى خطوة تعطى انطباعا عما ستكون عليه العلاقة بين الرياض وإدارة “دونالد ترامب”.

وأوضح وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم، الجمعة، تفاصيل مبلغ 600 مليار دولار من الاستثمارات والتجارة الموسعة المقررة مع الولايات المتحدة، لافتًا إلى أنها تشمل استثمارات وكذلك مشتريات من القطاعين العام والخاص.

وتعتبر تصريحات الإبراهيم، أول تعليق علني من مسؤول سعودي، حيث سُئل “الإبراهيم” عما إذا كانت المملكة ستزيد الرقم إلى تريليون دولار، ورد بالقول: “يمثل هذا الرقم الاستثمارات والمشتريات من القطاعين العام والخاص، وهو مجرد انعكاس للعلاقة القوية، فيما لم يتضح ما إذا كانت السعودية ستقبل عرض ترامب أو ترفضه.

مصر والأردن وقضية التهجير

وبالنسبة للقضية الجوهرية التي طرحها دونالد ترامب والتي تمثل تحديا كبيرا أمام مستقبل العلاقات بين الإدارة الأمريكية الجديدة ودول العربية، مازال ترامب يحاول بطرق ملتوية إثناء مصر والأردن عن موقفهما الرافض من تهجير أهالي غزة، مكررا تصريحاته للمرة الثالثة، أمام الصحفيين الجمعة، حيث قال إن “الأردن ومصر سيستقبلان سكاناً من غزة”، وفق وكالة رويترز.

وأضاف: “أعتقد أن الأردن سيستقبل الناس، نعم. الناس من غزة. وأعتقد أن مصر سوف تستقبلهم أيضاً”. كما أردف: “سمعت أحدهم يقول إنهم لن يفعلوا ذلك لكن أعتقد أنهم سيفعلون. أنا واثق من أنهم سيفعلون ذلك”.

يذكر أن ترامب كان اقترح يوم الأحد نقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى بعض الدول العربية المجاورة، في إشارة إلى مصر والأردن. وقال متحدثاً للصحافيين على متن طائرة إير فورس وان، إنه يتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين، لاسيما أن القطاع مدمر بشكل تام وفي حالة فوضى عارمة.

رفض مصري أردني

فيما رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأربعاء، فكرة ترامب بنقل سكان غزة إلى بلديهما.

وقال السيسي خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الكيني وليام روتو في القاهرة إن “ترحيل وتهجير الشعب الفلسطيني هو ظلم لا يمكن أن نشارك فيه”، حسب فرانس برس.

بدوره أكد الملك عبدالله الثاني، في اليوم نفسه، “موقف الأردن الراسخ بضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم ونيل حقوقهم المشروعة، وفقاً لحل الدولتين”.

يشار إلى أن القاهرة وعمان رفضتا منذ أشهر طويلة بل سنوات أي فكرة أو محاولة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

زر الذهاب إلى الأعلى