مقالات الرأي

نحن نواجه المشروع الأمريكي الغربي في المنطقة

بقلم/ عبدالله الربيعي

الوطن العربي أو المنطقة العربية الإسلامية الممتدة من المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا، تعيش نتائج مخططات المشروع الأمريكي الغربي الذي صيغت أجنداته في غرف مغلقة في لندن وباريس وبرلين، ثم استلمت دفة القيادة في تنفيذه الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية، فكل الأحداث والتفاعلات الاجتماعية والسياسية متحكم فيها وفق نظريات الاحتواء وإدارة الصراعات من خلال إدارة الأزمة، والعلاج بالصدمة وكل ما ابتكر العقل الجهنمي من وسائل وأدوات تقنيّة من خلال نظرية الاستعمار القديم والجديد.

فمن خلال التضليل الإعلامي خدمة لاستراتيجية التضليل الاستراتيجي، كنا نسمع عن المشروع الإيراني وخطره الداهم، والصراع بين الشيعة والسنة، والهلال الشيعي وإيران الصفوية، تبين أن ذلك أثره محدود، وليس له وجود على الأرض، وبسقوط نظام بشار الأسد تراجعت إيران إلى حدودها المعروفة، لكننا نحن والمنطقة بكاملها في أتون حروب متصاعدة وصراعات تبدأ ولا تهدأ، وما يفشل مخطط أو تنطفي نار إلا أوقدوا نارا أخرى – حروب وأزمات وابتزاز وضغوط متصاعدة أكثر ضراوة – فأي مشروع له أهداف وتمظهرات ونتائج نلمسها ونتأثر بها، فالمشروع الأمريكي الغربي قاعدته الأمامية (إسرائيل) دولة الاستيطان لليهود الأوروبيين والروس والأوكرانيين، كبديل للشعب الفلسطيني المتكون من العرب المسلمين والمسيحيين واليهود الشرقيين، فالمشروع الأمريكي الغربي أوجد تحالفات وارتباطات محلية ووظيفية بين ظهرانينا تمثلت في خلق دول ومنظمات وأحزاب وأفراد ومؤسسات إعلامية وثقافية تتقاطع مصالحها ووجودها مع هذا المشروع الاستعماري الذي يستهدف وجودنا.

نحن اليوم ضحية لثلاثة رؤوس: القوى الرجعية؛ دول ومنظمات ومؤسسات وأفراد من بني جلدتنا ويتكلمون لغتنا ويعيشون بيننا، ورأس آخر مسموم دولة الكيان الغاصب لفلسطين، ثم يأتي المستوى الثالث أمريكا والدول الغربية وشركاتها ومؤسساتها والمنظمات العالمية التي تأسست لخدمة المشروع الغربي في العالم كله (الأمم المتحدة، مجلس الأمن، البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية)، كل هذه التحديات والأعباءنواجهها متفرقين وبإمكانات محدودة، ووعي وعقليات محدودة أيضا، بل بصفوف متنافرة ومتصارعة وكارهة لبعضها البعض، قوميين وإسلاميين ويساريين، الناصري ضد البعثي واليساري ضد المحافظ، والإسلاميون طوائف ومذاهب، وعلى مستوى الأصالة والمعاصرة، ثلاث طوائف أو أكثر، والعدو جبهة عريضة يبدأ من قريتنا أو مدينتنا مرورا بعواصمنا إلى لندن وباريس وروما وبرلين حتى واشنطن.

ولمقاومة هذا المشروع الذي نشهد تمظهراته وآثاره من سلب ونهب وقتل ودمار، علينا مراجعة أنفسنا أولا وتوحيد قوانا ومعرفة عدونا وامتداداته وتحالفاته وكشف مخططاته وفهم استراتيجياته التي ينفذها على حساب مصالحنا ومستقبل وجودنا.

فالخلاصة أنه لا يوجد مشروع يشكل خطرا علينا إلا المشروع الأمريكي الغربي الصهيوني وما عداه إلا أثر من آثار ونتائج هذا المشروع التدميري: مشروع إيراني، صيني، روسي، تركي، كل هذه المشروعات محدودة التأثير والنتائج، إذ بسقوط النظام في سوريا تبين للمراقب تهافت تلك المشروعات وضعفها في مواجهة المشروع الأخطر الذي طحن وفتت بلداننا في ما سماه بثورات الربيع العربي، ودور المشروع الغربي في الحرب على المقاومين في فلسطين المحتلة وحملة القتل بعشرات الآلاف والتدمير الشامل للبني التحية للمدن والقرى والهجوم على جنوب لبنان وتصفية قيادة حزب الله ومحاولة إطفاء بؤر المقاومة في اليمن والعراق وإيران وابتزاز وإخافة الدول بسياسة العصا والجزرة والتهديد بقطع الأنفاس.

زر الذهاب إلى الأعلى