مقالات الرأي

كابوس الجنايات والإفراجات بالتهديدات و”الصريرات”

 بقلم/ محمد جبريل العرفي

ليس دفاعًا عن أسامه نجيم أو الدعوة إلى تبرئته، فهو يجب أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعي في إحدى الدول التي يحمل جنسيتها وهي ليبيا أو تركيا أو دومينيكا.

نجيم مشتبه بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؛ مثل السجن والإهانة الجسيمة للكرامة الإنسانية والاضطهاد والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي والقتل، ضد المعتقلين بسجن معيتيقة، ارتكبها بنفسه أو بمساعدته، أو بأوامره لمرؤوسيه بالردع، تم توثيقها في شكاوى وإفادات ليبيين وأجانب، وبتقارير منظمات حقوقية، ولجنة الخبراء بمجلس الأمن، تتضمن مذكرة التوقيف الجرائم المعاقب عليها بالمادتين 7 و8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من يوليو عام 2002، ووقعت عليه إلى الآن 157 دولة، منها خمس دول عربية، وسبع دول رافضة الانضمام إلى المحكمة، منها الصين والهند وباكستان وإندونيسيا وتركيا، كما أن أمريكا والكيان سحبتا توقيعاتهما على الميثاق.

نجيم غير مؤهل علميًّا ليدير أحد سجون طرابلس، حيث كان يعمل قبل 2011 سائق أجرة، ثم اندمج في الدعم والإسناد تحت إمرة عبدالرؤوف كارة، ثم باللجنة الأمنية العليا مع هاشم بشر، ومنها إلى قوّة الردع الخاصة، التي ترقى فيها إلى رتبة لواء، أدار سجن معيتيقة لمدة 13 سنة، ثم أصبح آمر جهاز الشرطة القضائية، تم القبض عليه في تورينو مع ثلاثة من أصدقائه كانوا في 12 يوم سياحة بإسبانيا وفرنسا، وآخرها إيطاليا لمشاهدة مباراة بتورينو بين (اليوفي وميلان)، سرب الإيطاليون أنه يحمل جنسيات ثلاث دول و8 بطاقات ائتمان مصرفية بريطانية وتركية، ويملك عقارات خارج ليبيا، منها مفتاح إلكتروني لشقة فاخرة في حي راقٍ باستانبول، ويرأس شركتين في تركيا غير معروف نشاطهما، (من أين له هذا؟!)، المهم في الواقعة أن ليبيا لديها عناصر قوة ممكن تجبر بها الغرب على الرضوخ لإرادتها، وإن الغرب مستعد لانتهاك قوانينه، ومخالفة مبادئه خوفًا على مصالحة، أو طمعًا في منافع شخصية لمسؤوليه.

الدبيبة أحيانا يتملق الأجانب من أجل البقاء في السلطة مثلما أقدم على اختطاف المواطن بوعجيلةالمريمي وتسليمه للأمريكيين، لكنه لم يتحرك لمصلحة 89 مواطنًا مرحلًا من أمريكا، معظمهم لدعمهم غزة، أو للإفراج عن هانيبال معمر القذافي المختطف عند حركة أمل منذ 2015.12.11 لواقعة عمره حينها أقل من ثلاث سنوات، وفي المقابل يتناسى مصالحه الشخصية عندما يصل الأمر إلى حماته، فيهدد دولة غربية بعواقب وخيمة إن لم تفرج عن نجيم.

وجه الدبيبة (من خلال كاره) إنذارًا إلى إيطاليا بقطع الغاز، ليموت الإيطاليون من البرد، وهدد بقفل “إيني” التي تنتج أكثر من 80% من الغاز الليبي، الشريان المهم لإمدادات الغاز إلى إيطاليا خصوصًا في ضوء تذبذب الإمدادات الروسية إلى أوروبا، وتهديدات ترامب لإجبار أوروبا على استيراد الطاقة من أمريكا، كما هدد بقفل القواعد الإيطالية بشواطئ الغرب الليبي ما يضعف قدرة الإيطاليين على مواجهة تحديات الهجرة والمخدرات والإرهاب، وهدد بقفل السفارة الإيطالية، وبتجهيز آلاف المهاجرين وتوجيههم إلى الأراضي الإيطالية، حيث إن لامبيدوزا تبعد عن زوارة ثلاثمائة كيلومتر فقط، وهي مسافة تقطعها القوارب الصغيرة في أقل من ساعتين، وفعلًا زادت وتيرة الهجرة خلال ثلاثة أيام الاعتقال، كما استخدم الأسلوب الذي يتقنه، حيث منح المافيا الإيطالية صريرات، فانتزعت قرار الإفراج ورتبت طائرة حكومية لنقل نجيم إلى طرابلس على إثر هذه الواقعة تم التحقيق مع مسؤولين إيطاليين وهم رئيسة الوزراء ونائبها المكلف بالمخابرات، ووزير الداخلية، ووزير العدل الذي ادعى زورًا عدم علمه المسبق بالاحتجاز، ليخلق ثغرة في الإجراءات، أسلوب المقايضة ليس جديدًا، فقد تم استخدامه بداية 2014 للإفراج عن شعبان هدية من مصرمقابل الإفراج عن خمسة دبلوماسيين مصريين في ليبيا، واستخدم في منتصف 2014 للإفراج عن محمد النص مقابل الإفراج عن السفير الأردني فواز العيطان.

المحكمة ستحول ليبيا إلى سجن كبير لكثير من المشتبه بهم، حيث قام المدعي العام بخمس عشرةزيارة لثلاث مناطق جمع خلالها أكثر من 4000 دليل، لكنه تحفظ على أسماء المشتبه بهم باستثناء ستة هم (عبد الرحيم الكاني، ومخلوف دومة، محمد السالمي، ناصر مضو، فتحي الزنكال، وعبد الباري الشقاقي)، ووعد بتقديم أسماء المتهمين الباقين أواخر عام 2025، رغم أنه يؤخذ على المحكمة أنها موجهة للأفارقة، لكنها لأول مرة (بفضل طوفان الأقصى وتضحيات الفلسطينيين) تطال (الكيان) الدولة الحليفة للغرب، ولهذا جن جنون الصهاينةوالأمريكيين، وأصبح الإسرائيليون يعيشون في كابوس الملاحقة والاعتقال في كثير من دول العالم.

رغم الصفة القانونية للمحكمة، فهي سياسية وبها أشخاص نفعيون ممكن شراء ذممهم، دفعت رئيسة الوزراء بأن مذكرة القبض لإحراج إيطاليا، (أوكامبو) استنطق ناصر الحسوني بمصر لمدة 12 ساعة ليبني اتهامًا زائفًا أصدر بموجبه أوامر قبض بحق سيف الإسلام والأسير عبدالله السنوسي، ثم ألحق للقائمة المرحوم محمود الدعيكي، فمن باب أولى لنتخذ إجراءات تحوطية من الآن لحماية الليبيين، بمتابعة التحقيقات وجمع أدلة الإثبات والنفي، والتواصل مع المحكمة، فالجنايات الدولية لا تتدخل إلا إذا كان القضاء الوطني غير راغب أو غير قادر على التحقيق مع المتهمين أو محاكمتهم، وهذا ما يفسر عرقلة الميليشيات لإحضار الأسير عبدالله السنوسي إلى المحكمة، لن يفلت أحد من العقاب، ولكن القضاء الليبي الشامخ هو الأجدر بمحاكمة الليبيين، لتغل يد محكمة الجنايات عن ذلك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى