عودة التحدي والكبرياء إلى أرض العزة والإباء!
بقلم/ فرج بوخروبة
تدفق مئات الآلاف من النازحين، بدءا من صباح الاثنين الموافق 27/1/2025، إلى مدينة غزة وشمال القطاع عبر شارعي الرشيد الساحلي وصلاح الدين سيرا على الأقدام، في مشهد بهي عنوانه “نحن قادمون” كرسالة تحمل معنى التحدي والإصرار على العودة إلى الأرض المقدسة في ظل صمت الضمير العالمي الميت سريريا، والغائب عن الوعي العام إنسانيا!
تتدفق هذه الجموع إلى الداخل الفلسطيني كالسيل العرم بكل ما تحمله الصورة من واقع اختلطت فيه مشاعر الحنين بذكريات المعاناة، حيث تعتبر هذه العودة من النازحين الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة هزيمة نكراء يتكبدها الإسرائيليون، تحبط مخططهم القومي وفق أيدولوجيتهم الصهيونية القاضية بالتمكين والاستيطان، والعمل على تهجير أهل الدار قسرا إلى الدول العربية المجاورة كالأردن ومصر والسعودية وغيرها من دول العالم العربي، والذي تبناها وهدد وتوعد بها فرعون العالم بأسره كما تخيل له، دونالد ترامب الذي يرى في نفسه قوة عظمى لا يمكن هزيمتها والنيل منها مهما بلغت قوة الدول الأخرى، ولسان حاله يقول ابن لي يا هامان صرحًا، ولكن عودة النازحين هي رد على كل الحالمين بتهجير شعب فلسطين الأبية، في الوقت الذي تعتبر فيه عودة النازحين إلى بيوتهم تثبيتا مجددا يضاف إلى فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العدوانية في تهجير شعب بأكمله، وكسر إرادة الصمود لديه، مؤكدة أن مشاهد عودة الحشود الجماهيرية الهائجة إلى مناطقهم التي أجبروا على النزوح منها رغم بيوتهم المدمرة، تؤكد عظمة شعب ورسوخه في أرضه، رغم عمق الألم والمأساة.
أضفت هذه المشاهد المفعمة على الواقع لمسة من الفرح والسرور والبهجة بالعودة وعشق الأرض والتمسك بها حد الموت من أجلها، كرسالة أخرى لكل المراهنين على كسر إرادة الشعب وتهجيره من أرضه عنوة، كما تؤكد وتثبت عودة الأهالي النازحين إلى بيوتهم مجددا فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العدوانية وكسر إرادة الصمود والتحدي.
إن ما يجري على أرض غزة إنجاز تاريخي يعلن عن عظمته وجسامته، وإن صارت غزة برجالها ونسائها وأطفالها ملحمة دعوية تتجمع فيها مشاعر الإيمان، وتجسيد معاني وصور الإسلام، في الرضا والصبر والثبات والعزة والأنفة والإباء واليقين، كما تتجسد فيها مبادئ العقيدة الإيمانية، والعبادة والطاعة السليمة، وباختصار إن أرض غزة الآن بثبات أهلها وصمودهم صارت محط أنظار المجتمع الدولي في الوقوف أمام نموذج تاريخي يحمل إيمانا وأخلاقا وشريعة ومعاملة وآدابا، يرمقه الناس من بعيد بإكبار وإجلال وإعظام يجعل الرامقين في حالة ذهول وشرود ودهشة! وفي هذه اللحظة التاريخية، كان لزامًا على كل عروبي حر شريف أن يدعو إلى تكثيف الجهود في سبيل وصول كل المساعدات والمواد الإغاثية إلى كامل مناطق قطاع غزة في زمن قياسي من حيث الانتشار وسرعة الوصول إلى المحتاجين من مختلف الفئات العمرية، وذلك أضعف الإيمان!