مقالات الرأي

اليورانيوم المنضب.. والموت الممكن

بقلم/ عفاف الفرجاني

على الرغم من تحذير العلماء النوويين من مخاطر استعمال الأسلحة التي يدخل فيها اليورانيوم المنضب في تصنيعها وخطورتها على المدنيين في الحروب، لما لها من تداعيات صحية وخيمة، في مقدمتها انتشار الأمراض القاتلة مثل السرطانات، فإن حلف الناتو ضرب بكل هذه التحذيرات عرض الحائط ليقوم بشن قصفه البربري الهمجي على الشعب الليبي بحجة حماية المدنيين من جبروت طاغوت حاكمهم. 

ما فعله الناتو من حماية للشعب الليبي أنه قتل المواطن إشعاعيًّا بعد أن فتك به إعلاميًّا. هذه الجريمة هي جريمة حرب نكراء، تداعياتها يحصدها الجميع دون استثناء، فمنذ أكثر من ثلاثة عشر عامًا وقوافل موتى الليبيين بالسرطان تتصدر المقابر.

منذ أعوام قليلة مضت قام فريق من العلماء النوويين الليبيين بتقديم تقرير رسمي إلى حكومة السراج ما تعرف بحكومة الوفاق في طرابلس وقتها، حيث جزم التقرير باستخدام الأطلسي الذخيرة مع اليورانيوم المنضب في ضرب ليبيا إبان أحداث فبراير وهي كارثة إنسانية بمعنى الكلمة، وأفاد التقرير أيضًا بأن دراسة أحد مقرات الجيش الذي قصفه الناتو وضحت زيادة النشاط الإشعاعي. وفق الأدلة الجنائية التي أجريت بقياسات دقيقة، أن النشاط الإشعاعي ناتج عن استخدام الأطلسي الكافر لصواريخ مزودة باليورانيوم المنضب.

ووفق الإحصاءات العامة تعد ليبيا من أوائل الدول التي تعاني انتشار الأمراض السرطانية المختلفة، وفي مقدمتها سرطان القولون والمعدة والمثانة والغدد والثدي.

إن قضية السرطان في ليبيا تدخل ضمن قضايا الأمن القومي، لو أن هناك نية حقيقية لتحميل الناتو المسؤولية الأخلاقية والقانونية تجاه ما حدث فلتتحرك ما تعرف بالدولة الليبية لمقاضاة الحلف بدلًا من انصياعهم لشروطه وقراراته، وتوضيح المغالطة التي فرضت على ليبيا كنوع من الاستخفاف بالفكر العربي بين قرار 1970 والذي يحذر من إدخال الأسلحة وبين ضرب الليبيين بالأسلحة المحظورة دوليًّا وهم واقفون احترامًا وإجلالًا لقرار المجتمع الدولي!!

الإحصائية تقول إن هناك أكثر من مليون و700 ألف ليبي يعانون المرض اللعين بين أمل الشفاء أو الموت المحقق وسط ظروف معيشية صعبة وقلة إمكانيات. ما فعلته صواريخ الأطلسي ومدفعيته في قصفها على ليبيا يجسد حقيقة واحدة فقط، وهي إبادة جماعية وإفراغ البلد من أهله ليتسنى لهم احتلاله ماديًّا. 
في تقديري الشخصي هذه قضية ليبيا الأولى، فهذه إبادة جماعية مقننة، وعلى الليبيين نزع حقهم من المذنب الذي شارك في القصف على ليبيا. 

تحميل المسؤولية الأخلاقية على من ساهم في إصدار قرار بقصف ليبيا، اليوم الليبيون بين مصحات مصراته وصبراتة وعيادات صفاقس، يدفعون ثمن قرار دولي آخر اعتباراته حياة المدنيين فوق أرضهم، اليوم تقارير الخبراء وعلماء الإشعاع مع شهادات بعض الطيارين الذين قادوا الحملة البربرية لعام 2011 موجودة، وهناك مجال للاقتصاص من العصابة العالمية المتمثلة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومعهم من كانوا في سدة صنع القرار في الجامعة العربية وتقديمهم إلى المساءلة القانونية وفضحهم أمام شعوبهم، حتى وإن تنصلوا من العقاب فلن ينجوا من الفضيحة.
موت أي مواطن ليبي في ذمم الأمم والمجلس والجامعة ووصمة عار على جبين كل من استغاث بالحلف الأطلسي ليقتل أهله ألمًا وحسرة وفقدًا.

زر الذهاب إلى الأعلى