مقالات الرأي

المصالحة ووحدة الدولة

بقلم/ عبد الله ميلاد المقري

أنواع من التهديد والوعيد جاء عقب مناقشة قانون المصالحة الوطنية من قبل البرلمان وإقراره بعدد من الحاضرين لهذه الجلسة، ومع الأسف كل هذه الأجسام تبحث عن قشة ظهر البعير لتتصارع وتتنازع وتهيج وتموج وتتسابق على قضايا هي ليست من الأهمية بمكان، فالقضية الأساسية للشعب الليبي هي أن تخضع هذه الأجسام لإرادة الشعب الليبي ومصلحته، وأن تتحول إلى مشاريع وطنية تحقق الوحدة الوطنية بدل هذا الانسلاخ، وتحقق الدور الفعال في قفل النافذة على التدخل الخارجي، وأن ترسل خطابا إلى مجلس الأمن الدولي مفاده أن الليبيين قادرون على الجلوس على طاولة واحدة وحل مشاكلهم التي هي في الأساس مشاكل مصطنعة، وأن يبلغ الأمين العام قادة دول العالم سيما من يكعب الأرض الليبية شمالا وغربا أن الليبيين قادرون على إنهاء مرحلة الفوضى ومرحلة الفرقة، وأن يبنوا جيشا وطنيا موحدا وسلطة سياسية موحدة وسلطة تشريعية يختارها الليبيون لا يختارها غيرهم، فموضوع المصالحة لا يصل إلى هذا الحد من التنافر واعتبار هذا الموضوع أداة الفرقة والصراعللأسف.

نحن الليبيين متفقون مع أنفسنا أن من يدير الشأن السياسي والتشريعي لهم وعليهم أن يفهموا أن المصالحة لا تأتي ولن تتحقق إلا بعد وحدة القرار السياسي ووحدة العمل الوطني وأن تكون هناك دولة لها من القدرة على تبني المواقف الصحيحة وتنفيذ المشروعات السياسية والاقتصادية، لا توجد مصالحة في ظل هذا الانقسام وفي ظل هذا البعد عن مصلحة الوطن.

إن المحاولات التي قام بها مجلس النواب بشأن إقرار قانون المصالحة في ظل تطبيق نطاق زمني مجحف يتعارض مع الجوهر وحتى يلغي هذا المبدأ وبالتالي لن يكون فعالا ولن يكون من الأهمية إلا في ظل سلطة مستقلة تدير الشأن الليبي بروح وطنية وفعالة، واي قوانين سابقة لذلك لن تجدي ولن يكون لها من الأهمية من حيث العمل بها، وهذه تجارب الأمم التي أقرت المصالحة وعملت عليها ونجحت، لأن هناك سلطة قائمة وقرارا سياسيا فاعلا يطبق القانون وملزم بتنفيذه، ومن هذا المنطلق لا يستطيع مجلس النواب أن ينشر قانون مصالحة ذا فاعلية يطبق حال صدوره لأنه يحتاج إلى سلطة مستقلة موحدة وغير متنازع عليها في تنفيذ هذه القرارات، وعندما تكون المحاولات متعددة خارج وحدة الدولة ووحدة القرار السياسي فستبقى في مجال العبث ولا تجد طريقا للتنفيذ.

فالعمل المطلوب الآن هو وحدة الدولة السياسية والعسكرية وأن يتوقف المزورون وأصحاب النفوذ الذين يتخذون من هذه الفرقة سبيلا لاستمرار وجودهم واستمرار استنزاف مقدرات الدولة، فلم يعد أمام الليبيين إلا وحدة بلادهم واستمرار طرد الأجنبي عن بلادهم وأن تتحول هذه العصابات التي تدير السلطة إلى خارج الشأن الليبي، هذا هو الفيصل في ذلك، ولم يعد وجود هذه المؤسسات التشريعية والتنفيذية قادرا على إدارة الدولة وتحقيق الوحدة الوطنية ولا حتى مشاريع المصالحة الوطنية وقوانينها فهي في دائرة العبث خارج وحدة البلاد وخارج إرادة الشعب، ومشروع القوة الوطنية ينطلق من وحدة المؤسسات التي كل يوم تهترئ وتتجزأ ضمن محاولات خلق انقسامات، ويقوم مجلس النواب بين الحين والآخر ببعث مؤسسات موازية بدل الحفاظ على وحدة مراكزها الإدارية.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى