التسول السياسي
بقلم/ عبد الله ميلاد المقري
كل الليبيين الذين شدُّوا الرحال أفرادًا أو جماعات، تنظيمات أو قبائل، لعواصم أطراف المؤامرة من الدوحة إلى أنقرة إلى لندن، أما واشنطن فيأتونها بعدما يقبلون العلم الأمريكي في بوابة القنصلية الأمريكية بتونس مهما كانت درجة العمالة لهذه الأشباح، فرئيس المجلس الرئاسي السابق ومرافقوه انتظروا في صالون القنصلية الأمريكية ثلاث ساعات حتى يتفضل عليه مساعد القنصل بهذه السفارة من تبصيمهم في أكثر من خانة طلب التأشيرة، ويتبرع مترجمه وحامل حقائبه بترجي نائب القنصل أن تعلن القنصلية عن لقاء بين هؤلاء المتحايلين على السلطة بداعي زيارة عمل للسفارة الأمريكية في تونس تتعلق بتطوير العلاقات بين البلدين، والفضيحة رفض السفارة ذلك، واكتفت بصورة للقاء الكادر الوظيفي الفني الخاص بمنح تأشيرات الدخول للولايات المتحدة، وخرجوا من باب السفارة حيث واجههم عامل نظافة بنظرة ازدراء على ما وصل إليه حال بعض الليبيين الذين ركبوا موجة التسابق على الدول الغربية من أجل الحصول على دعم لمشاريعهم في الوصول إلى المراتب العليا للسلطة الفاسدة التي لم تزدهم إلا فسادًا.
ومع الأسف لم يتوقف هذا الانحدار الوطني والأخلاقي، فذهب أكثر إلى التوسط من أجل الحصول على وظائف عليا في المرحلة الانتقالية، حتى جميع من تولى إدارة البعثة الأمنية للدعم في ليبيا باسم الأمين العام الذين تولوا التواصل مع كل السياسيين والأفراد والمنظمات بما فيها مركز الحوار الإنساني يعلنون عن الحقيقة المبكية أن هذه الأعداد همها السلطة والحكم، ولا يعني لهم الوطن إلا استنزاف موارده وخيراته، وزيادةً في الانحطاط بعضهم تواصل مع العدو الصهيوني بصفة سرية من أجل التوسط لدى البيت الأبيض ووزارة الخارجية البريطانية في الحصول على حصة مقابل العمالة الزائدة عن الحد لهذه الدول مقابل الدعم لهذا الشخص الذي سجل في تاريخه أدوارًا من العمالة.
ومن هنا ربما يقول قائل إن هذه الحالة قد يكشف عنها يومًا وتتحول إلى القضاء الليبي الذي سيتعامل معها بكل القوانين التي تجرم هذه الاتصالات، وستكشف الوثائق لهذه الدول من خلال أرشيف وزارات الخارجية للدول الكبرى وكذلك دوائر المخابرات عندما تسمح الإجراءات السرية في نشرها، لا سيما أن الدول الأوروبية وفق الدستور والقانون لن يتم الاحتفاظ بهذه الوثائق في أدراج المخابرات أو الحكومات، ويتطلب ذلك في هذه الدول نشر هذه الوثائق، وبالتالي سيكون أمام الأبناء والأحفاد رزمة من المعلومات التي ستدين آباءهم الذين جرتهم العمالة للخارج في تحقيق منفعة والحصول على مواقع في مرحلة ما من وجود هذه الدولة الفاسدة، ولن يمحو الزمن هذا العار لأبنائهم، وقبورهم لن تنال الرحمة.
كل الشعوب التي ناضلت من أجل الحرية والاستقلال والكرامة تقدم في سبيل ذلك الفخر والاعتزاز للفقراء المكافحين الأوفياء الذين لم تلوث جباههم للركوع للمغتصب الأجنبي، ويأتي الفقراء في مقدمة من يضحي في سبيل الوطن بالعزة والكرامة لهم ولأرواحهم الزكية التي تسجل كل فخر وتقدير، وسيبقى التاريخ نورا يضيء قبورهم وستشملهم صفحات التاريخ الناصعة، بالمجد لهم وسيرهم الوطنية، أما المتسولون على أعتاب السفارات الأجنبية فسيفضحهم التاريخ ويلعنهم الشعب إلى أبد الآبدين.