ماذا نتوقع من ترامب؟
بقلم/ ناصر سعيد
من المتوقع أن تشهد سياسة الولايات المتحدة تجاه ليبيا مع تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة تحولًا تسعى من خلاله الإدارة الجديدة إلى إحياء المفاوضات السياسية بشكل أكبر مع الأطراف الليبية والضغط على الدول الإقليمية الكبرى للحد من تدخلاتها العسكرية. ومع ذلك، قد تستمر في دعم بعض تلك الأطراف، بشروط أمريكية تلتزم فيها بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
وباعتبار أن ليبيا واحدة من أكبر الدول المنتجة للنفط في شمال أفريقيا، وأن المصالح النفطية الأمريكية في المنطقة قد تكون عاملًا مهمًا في السياسة الأمريكية تجاه ليبيا، ومن هذا المنطلق فمن المتوقع أن تبقى السياسات التي تعتمد على حماية حقول النفط ومرافق الطاقة في ليبيا جزءًا أساسيًا من استراتيجية ترامب، الذي قد يعزز دعم القوى المحلية التي تضمن حماية قطاع النفط، وفي مقدمتها القيادة العامة للقوات المسلحة، لضمان عدم تأثر صادرات النفط الليبية التي تهم الاقتصاد الأمريكي.
أما فيما يتعلق بإعادة الإعمار، فعلى الرغم من أن ترامب لم يكن دائمًا من الداعمين للمساعدات الإنسانية أو إعادة بناء الدول التي مزقتها الحروب، فإنه قد يتحول إلى دعم استقرار ليبيا اقتصاديًا إذا كان ذلك يتماشى مع مصالحه الجيوسياسية، إذ يتوقع أن يشجع على إعادة الإعمار بمشاركة شركات أمريكية كبيرة، حيث يمكن أن تكون المشروعات المتعلقة بالبنية التحتية والطاقة وسيلة لتحفيز الاقتصاد الأمريكي وتحقيق عوائد مالية.
إن سياسة ترامب تجاه ليبيا بعد عودته لسدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية قد تشهد استمرارًا في دعم القوى العسكرية المحلية وفي مقدمتها القيادة العامة للقوات المسلحة، بالإضافة إلى الضغط على القوى الإقليمية مثل تركيا وروسيا لتقليص نفوذها في البلاد. مع تقليل التورط العسكري الأمريكي المباشر، وقد يعزز ترامب سياسة الحرب بالوكالة وهي السياسة التي انتهجتها أمريكا في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي لتحقيق أهدافها الجيوسياسية، بينما يظل الوضع الليبي في صلب التحولات الإقليمية التي تتطلب حكمة استراتيجية للتعامل مع التحديات المتزايدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
خلاصة القول إن الوضع في ليبيا بالتأكيد سيكون على طاولة ترامب والذي لديه من الملفات ما يفوقه أهمية مثل الحرب في أوكرانيا وملف غزة والمواجهة مع إيران فضلًا عن الحرب الاقتصادية مع الصين والتوترات مع كندا والاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يتطلب من القوى الوطنية الفاعلة أن لا تستكين وتبقى في دائرة انتظار الفعل، فنحن أصحاب الفعل في الأساس ونحن المفعول بهم إن استمررنا في انتظار ما يتصدق به علينا ترامب أو غيره من رؤساء الغرب، والحل إن لم يأت من قناعاتنا فلن يأتي به غيرنا، وسنبقى في دائرة انتظار الوهم الذي انتظرناه منذ ما يزيد على عقد من الزمان.