“كلاكيت” ليبيا
بقلم/ عفاف الفرجاني
الغانيَّة هانا سيروا تيته، خلفًا للمبعوث الأممي السنغالي عبد الله باثيلي، الذي استقال بعد أن فقد البوصلة لخارطة طريق كانت ستحل الأزمة في ليبيا، معللا هذا الخذلان، بعجزه عن التحرك الإيجابي لدعم العملية السياسية في ليبيا في وجود مسؤولين وعصابات تعطي الأولوية للمصالح الشخصية على حساب مصلحة المواطن، جاء قرار باثيلي متأخرا، فالسنغالي عبدالله لم يأت بالجديد في تقييمه للوضع في ليبيا، ويعرفنا ويعرف العالم من هو رئيس الحكومة وميليشياته في طرابلس، فالجميع يعرف والأمر ليس متسترا، فعهر الحكومة السياسي وعهر المليشيات الأمني، يمارس جهارا نهارا أمام الليبيين والمجتمع الدولي، المطلوب كان سهلا وبسيطا، وهو العمل على مبادرة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، الذي رفض من قبل خوري الأمريكية نائبة المبعوث الأممي في ليبيا، رغم أنه اتفاق ليبي/ ليبي ويصب في مصلحة الشعب الليبي كونه صادرا من جسم تشريعي واستشاري.
جميعنا يعلم أن خوري تعمل على تنفيذ أجندة الأمم المتحدة وسياسة بلدها أمريكا تجاه ليبيا، فهي برفضها للمبادرة تستكمل إخفاقات باثيلي في التعامل مع الملف الليبي، فالأخير عمل بصلاحيات سفير للسلام وليس مبعوثا أمميا لبلد تعاني القلاقل السياسية والفوضى الأمنية، باثيلي الذي تقمص دور شيخ المحلة داخل العاصمة طرابلس ظل يجوب فلل حي الأندلس وحي دمشق والنوفليين متزودا بالقليل من الحنكة والكثير من المجاملات، مستمتعا برائحة الشواء والنبيذ مع نسمات هواء عروس البحر، ليأتي في آخر ورقة من الكتاب ليقدم استقالته! عبدالله ليس الأول ولا الأخير الذي يبعث كممثل للأمم المتحدة في ليبيا، فقد وصل عدد المبعوثين الأمميين إليها حوالي العشرة على التوالي لحل الأزمة الليبية، بعد إسقاط نظامها الجماهيري، المعضلة في حل القضية الليبية تكمن في وجود كيان الأمم المتحدة نفسها فخروجه من المشهد الليبي يعني استقرار ليبيا ورخاءها.
فليبيا سقطت سياسيا وأمنيا بقرار من الأمم المتحدة في سنة 2011 وعزل نظامها السابق بقرار من الأمم المتحدة ووضعت تحت البند السابع أيضا بقرار من الأمم المتحدة.
السؤال الذي يطرح نفسه وبعد حوالي ثلاث عشرة سنة في وجود عشرة مبعوثين ولم توفق الأمم المتحدة في حل الأزمة الليبية، بينما نجد ذات الموقف، بل أصعب من هذا إبان النظام الجماهيري حيث أطيح في ظرف شهور، أين هم اليوم وأين مجلس الأمن مما يحدث من فوضى وعبث وتقسيم وتهجير وتشرذم في ليبيا!!!؟
في تقديري أن البعثة لا تحمل في طياتها سوى مواقف مكرّرة وشعارات متشابهة لا تخدم الحدّ الأدنى من طموح الشعب الليبي الذي لا يريد إلا السلام والاستقرار والحياة الكريمة، إن فشل البعثة والأمم المتحدة بشكل عام في حل الأزمة الليبية يضعنا أمام حقيقة واحدة هي عدم نية الأمم المتحدة بالوفاء بالتزامها لمساعدة الليبيين في تجاوز أزمتهم وبناء دولتهم، وهو ناتج عن حسابات سياسية واقتصادية تخدم مصلحة أعضائها الدائمين والنافدين، إن الاستمرار في هذا النهج والسكوت عنه أمر ليس مقبولا من الليبيين، اليوم تنتظرون المبعوثة الجديدة تيته، لحل الأزمة أمر لا يعول عليه رغم سيرتها الذاتية التي تشهد لها بالشجاعة والحكمة والخبرة، إلا أن نجاحها في حل الأزمة الليبية مرهون بدعم المجتمع الدولي والإقليمي ومساندته لها وبالضغط على الفاعلين المحليين من الحكومة والمليشيات، على الليبيين رفضها ورفض أي مبادرة من الأمم المتحدة التي هي السبب الحقيقي وراء هذه الأزمة، أن لم تخدم مبادرة مجلس النواب ومجلس الدولة وتصب في إطار المصالحة الوطنية التي تنادي بتشكيل حكومة انتقالية جديدة تطيح بحكومة دبيبة لتذهب بنا إلى انتخابات حرة ونزيهة.. غير ذلك هو إهدار للوقت وانبطاح لإرادة الأجنبي.