مقالات الرأي

قيمة الزمن حيازة لا تقدر بثمن

بقلم/ المهدي الفهري

المفكرون والفلاسفة والعظماء الذين قادوا التطور البشري لا يعترفون بالفشل، ولا يسمحون لأنفسهم بالخمول والارتهان للكسل، ولا يفكرون في كيفية قضاء وقتهم الضائع، بل يركزون على الطريقة المثلى لاستثماره، ويدركون أن نمو العقل لا يتم من خلال التململ الأعمى في أفكار الآخرين، ولكن من خلال ممارسة القدرات الفردية والاستفادة من الوقت كقوة دافعة لتطور البشرية والتكيف مع الواقع وتخطي الظروف والمصاعب المصاحبة للعيش، وهذا لا يعني أن كل حقيقة في قلوبهم موجودة دائما في وعيهم، بل لأنهم طوروا معارفهم الخاصة بطريقة تسهل عليهم فهمها وهم يحتفظون بعقل مفكر مشغول للغاية بأنماط الفكر البنّاء والاستخدام السليم للوقت والتفكير الإنساني المبدع الذي يبدع به الإنسان في حل مشكلات عصره وزمانه ويجعل منه مقياسا دائمًا لرقيه وتحضره ويضيف للحياة بهجة ومتعة ويبعث السعادة في قلوب الحالمين بها من خلال السعي لتطبيق أجدى السبل لحماية النفس من تدفق الأفكار السلبية وتحويلها عند مرورها بأذهانهم إلى أفكار إيجابية.

فالحضارة بأكملها تعتمد على عقول هؤلاء الذين ينظمون أوقاتهم لخدمة البشر وتطوير الكون ويسهمون في زيادة كفاءة العمل واتساع المعرفة ومدى قدرتها على تنقية الحياة وتطويرها إلى حال أفضل.

ورغم أن الوقت مقدار محدود من الزمن فإن قيمته لا تقدر بثمن، وهو أهم ما نحتاج إليه وأكثر ما نسيء استغلاله، إذ يشكل أكبر عامل من عوامل قانون التغيير الكبير الذي يضع كل شيء في حالة تطور مستمر، ويسهم في تنظيم الحياة وإدارة المهام بشكل فعال كمفتاح للنجاح والتغيير الإيجابي مما يحفّز العقل على التركيز لإنجاز الأعمال المطلوبة، وهو أيضا يمثل العامل الأول لاستمرار الكون حيث يعمل وفق عادات وأنماط ثابتة مما يسمح للأحياء على الاستمرار في الحركة ويفتح الفرصة لتصحيح الأخطاء والتخلص من العادات السيئة وعدم ترك أي وقت للتفكير في المخاوف والإحباطات والكفيل بتغير الأحوال إلى نقيضها بما يزرع الأمل في قلوب المعذبين في الأرض ويلهم المناضلين بمواصلة الكفاح والعطاء ويسمح بتكرار المحاولة من خلال التجربة والخطأ، وهو أغلى حيازة لدينا لمعرفة أخطائنا وخطايانا.

ونحن ندرك أن إضاعة الوقت إضاعة للحياة وأن وقتنا على الأرض محدود مهما طالت مدته وقد لا يكفي لتحقيق كل الأهداف المرسومة، ولكن ذلك لا يمنعنا من استغلاله وإدارته بطريقة مثالية واتباع أحسن الوسائل المتاحة لاستخدامه الاستخدام الأمثل..والزمن كفيل بمعاقبة أولئك الذين يتجاهلونه أو يهملون قوانينه.

زر الذهاب إلى الأعلى