مقالات الرأي

فنزويلا في مواجهة الإمبريالية الأمريكية.. إرادة شعب

بقلم/ محمد علوش 

الإمبريالية الأمريكية تفقد صوابها وهي ترى وتتابع ما قرره الشعب الفنزويلي، الذي عبَّر عن إرادته الوطنية الحرة والمستقلة، ورفضه الإملاءات والمشاريع الأمريكية المعادية وأيَّ شكل من أشكال التدخل في شؤون فنزويلا الداخلية وفي بناء الديمقراطية الفنزويلية الجديدة. 

قبل أيام أدى الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، اليمين الدستورية لولاية ثالثة، تنتهي في عام 2031، وسط حضور قيادات القوات المسلحة والحزب الاشتراكي الموحد والوزراء والقضاة ومسؤولين حكوميين آخرين، إضافةً إلى ما يزيد على 2000 مندوب من أكثر من 120 دولة ومن بينها دولة فلسطين، حيث تشرفت بالمشاركة ممثلًا عن بلدي فلسطين وعن جبهة النضال الشعبي الفلسطيني في هذا اليوم التاريخي المشهود.

استمعنا إلى الكلمة التي وجَّهها الرئيس مادورو، التي أكَّد خلالها على الأهمية القصوى للدستور المعتمد منذ عام 1999 الذي يضمن تحقيق دولة القانون والحقوق، كدولة اشتراكية ديمقراطية حقيقية في مواجهة الإمبريالية، وأن هذا الدستور هو النصر الحقيقي، وأن فنزويلا تسير بفضله على الطريق الصحيح.

وأمام المواقف الأمريكية الساذجة ومحاولات التدخل السافرة إزاء الوضع في فنزويلا ومحاولة تفصيل نموذج الديمقراطية الذي تريده الإمبريالية، لا الديمقراطية التي يريدها ويعمل على تحقيقها الفنزويليون أصحاب المصلحة الأولى في بناء دولتهم الديمقراطية، فالسلطة التي يمثلها الرئيس مادورو، أوكلت له بموجب الدستور والانتخابات العامة، ولم يمنحنه إياها رئيس أجنبي أو حكومة غربية، ولقد تم تنصيبه رئيسًا بفضل شعبه، ولن يكون يومًا خادمًا للأوليغارشية وداعمًا للهيمنة الغربية والإمبريالية.

إن الدولة البوليفارية مارست حقها في الدفاع عن نفسها في مواجهة مؤامرة إعلامية واضحة المعالم، برعاية الولايات المتحدة وتابعيها في أمريكا اللاتينية والعالم، وهذه المؤامرة الخبيثة هدفت إلى تقويض رئاسة دولة فنزويلا فيما يشبه الاستفتاء العالمي، ولكنَّ الشعب الفنزويلي فاز بهذا الرهان وانتصر على الإمبريالية.
النظام الفاشي المعاصر يشهد حالة تراجع، والأوليغارشية تعيش حالة تفكك، ولكن إن أرادوا المواجهة، فلتكن كما يريدونها، فالإمبريالية تفقد صوابها، والشعب الفنزويلي سيبقى دومًا إلى جانب رئيسه، والواقع أنَّ الإمبريالية والأوليغارشية واليمين المتطرف لم يتعلموا أي درس من كل ما حدث في الماضي. 
نقف إلى جانب فنزويلا ورئيسها الشرعي المنتخب الذي يؤكد أن الدفاع عن حق فلسطين في الحياة والاستقلال والوجود هو الدفاع نفسه عن حق فنزويلا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي في الوجود، ففي قائمة القضايا الإنسانية التي تسعى إلى تحقيق عالم عادل، تأتي القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في الاستقلال والسلام وفي دولة مستقلة وكاملة وعادلة، وأنَّ فلسطين هي القضية التي توحِّد الإنسانية.

يأتي نهج الرئيس مادورو استمرارًا لمسيرة المناضل والزعيم الأممي هوغو شافيز رئيس فنزويلا السابق، الذي أسس وبدأ مرحلة سياسية فريدة من عمر أمريكا اللاتينية، التي أعادت إلى القارة مدَّها اليساري ودعمها للقضية الفلسطينية وللقضايا العادلة في العالم، حيث مثلت هذه المسيرة حالة فريدة ونادرة أخذت بالتمدد في أرجاء القارة اللاتينية، الأمر الذي أزعج الأمريكيين وحلفاءهم، ما عرض فنزويلا وبلاد أخرى في أمريكا اللاتينية مثل كوبا لعقوبات أمريكية وغربية في ظل تنامي العداء لفنزويلا البوليفارية.
إن العلاقات الفلسطينية الفنزويلية علاقات تاريخية ووطيدة، والتضامن الفلسطيني الفنزويلي تمتد جذوره إلى عقود من الزمان، ففنزويلا وكوبا الثائرة ودول أخرى في أمريكا اللاتينية تقف إلى جانب القضية العادلة للشعب الفلسطيني، ولديها مواقف مبدئية وثورية ثابتة ومتقدمة في دعم وإسناد النضال المشروع للشعب الفلسطيني لنيل حقه بالحرية والاستقلال وتقرير المصير، وفنزويلا وشقيقاتها في القلعة اللاتينية ظلت على مواقفها انتصارًا لحرية فلسطين، وما بين المعاناة من الاستعمار قديمًا ومرورًا بمواجهة التدخلات الإمبريالية والفاشية، صارت التحديات متماثلة، والمصائر متطابقة، فكان طبيعيًا أن تكون فنزويلا هي فلسطين وأن تكون فلسطين هي فنزويلا كما أرداها الثائر شافيز، وأن يكون الصوت اللاتيني منفردًا في دعم القضية الفلسطينية ومنحازًا للحق الفلسطيني.

فشلت السياسات الأمريكية وستفشل دومًا في محاولات احتواء الشعب الفنزويلي الملتف هو قيادته المخلصة، ورغم الحصار الظالم وفرض المزيد من العقوبات، وكل أشكال التدخل السافرة في شؤون وقضايا فنزويلا وفي انتخاباتها الرئاسية، ليست سوى محاولات بائسة للنيل من وحدة وصلابة الشعب الفنزويلي وخياراته الديمقراطية، وهي بكل تأكيد اعتداء على الحرية وعلى الديمقراطية وعلى القانون الدولي.

نعتقد تمامًا أن الفترة الرئاسية الجديدة للرئيس نيكولاس مادورو ستكون فترة قوية من أجل صنع السلام والرخاء والمساواة والديمقراطية الجديدة، وهذا ما تعهد به أمام البرلمان، وأعاد التأكيد عليه في خطابه الجماهيري الحاشد أمام القصر الجمهوري في كراكاس بمشاركة مئات الآلاف من الفنزويليين ومن ضيوف فنزويلا من بلدان العالم المختلفة، وكنت واحدًا منهم، حيث كرس الخطاب مكانة الرئيس وحاضنته الشعبية والجماهيرية الواسعة، بل وهذا التضامن الأممي العريض وواسع النطاق من أحرار العالم، حيث حاولت الولايات المتحدة العبث والتدخل بانتخابات فنزويلا لتكون قوة الانتخابات قوة عالمية بهذا الاحتفاء بالولاية الجديدة لرئيس فنزويلا رغم كيد الإمبريالية المتوحشة التي وجه لها شعب سيمون بوليفار صفعة قوية لن تنساها.

زر الذهاب إلى الأعلى