غزة تنتصر
بقلم/ ناصر سعيد
بعد 470 يومًا على حرب الإبادة التي شنَّها الاحتلال الإسرائيلي ضدَّ غزة، أهل القطاع يعودون إلى ديارهم في مختلف المناطق ويحتضنون المقاومين، في أعقاب سريان وقف إطلاق النار.
وبعد أكثر من 15 شهرًا فشل فيها الاحتلال في القضاء على المقاومة، التي واصلت عملياتها في “طوفان الأقصى” حتى اللحظة الأخيرة، خرج مقاومو كتائب الشهيد عز الدين القسَّام، معتلين آلياتهم العسكرية، بين أبناء شعبهم في جنوبي القطاع، الذين لم ينتظروا طويلًا ليعودوا إلى منازلهم التي أحالها الاحتلال ركامًا، فما إن انسحب “جيشه”، حتى بدأ الأهالي يدخلون المناطق المحاصرة، وكانت المشاهد في القطاع تعكس وحشية العدوان الصهيوني الذي كان يمارس سياسة الإبادة الجماعية من قتل ممنهج يستهدف الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير للمؤسسات التعليمية والصحية والغذائية والمساجد والبيوت، لم تكن تلك العصابات قادرة على المواجهة المباشرة مع المقاومة إلا من خلال سياسة الاغتيالات، وبالنتيجة فشل العدوان وهزمت الإبادة وانتصرت القضية رغم حجم التضحيات الكبيرة والعظيمة من دماء وأرواح أبناء الشعب الفلسطيني.
الدكتور مصطفى الزائدي تناول بالتحليل ما حققته المقاومة وطرح تساؤلات مهمة منها: “هل انتصرت المقاومة أم لم تنتصر؟ سؤال مطروح بين النخب، لكن الفلسطينيين أجابوا عنه تلقائيًّا لحظة إعلانه بخروجهم مع المقاومين في مشاهد رهيبة تعكس حالة القوة التي يشعرون بها، رغم ما قدموه من تضحيات وقوافل الشهداء الذين ارتفعوا، وحجم الدمار والخراب الذي أحدثته دولة الكيان، فالقساميون ورفاقهم من حركة الجهاد والجبهة الشعبية نجحوا في فرض مطلبهم الذي رفعوه منذ 7 أكتوبر عام 2023 وهو الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال مقابل الرهائن الذين أسروهم، فلم يقولوا لحظة إعلان طوفان الأقصى إنهم سيحررون فلسطين، بل قالوا إنهم سيحررون الأسرى”.
وأخيرًا تنبع أهمية اتفاق وقف إطلاق النار من كونه يوقف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن التقييمات السطحية التي تحاول حصره في إطار “النصر” أو “الهزيمة”، فرغم أن هذه الحرب لم تحرز النصر المطلق على الاحتلال من قبل المقاومة، ولكنها في المقابل، لم تكن هزيمة لا لغزة وشعبها الذي سطر أروع ملاحم الصمود والصبر، ولا للمقاومة، إذ لا يزال مقاتلوها حتى لحظة التوقيع في مواقعهم يشتبكون ويكبدون العدو الخسائر.