غزة الصمود والنصر
بقلم/ علي أبوقرين
فلسطين منذ عام 47 وهي قضية أساسية وجوهرية ومصيرية للفلسطينيين والعرب والمسلمين، والحضارة المزيفة والمعايير المزدحمة تكشر عن أنيابها وتظهر على حقيقتها، والعالم يتابع على المباشر القتل والدمار والإبادة الجماعية والتطهير العرقي لسكان قطاع غزة بأسلحة الدمار الفتاكة، والحمم التي تتساقط على رؤوس المدنيين الأبرياء العزل، وتدمر البيوت على رؤوس ساكنيها، والمدارس والمساجد والكنائس تدك على من فيها، وتقصف المستشفيات والمرافق الصحية وتُحرق وتُدمر على رؤوس المرضى والجرحى والأطباء والتمريض والعاملين فيها، وتقصف سيارات الإسعافوالإنقاذ والطوارئ، ويقتل الطبيب والمسعف والجريح، ويقتل الطفل والرضيع والجنين والأم والجد والجدة والخال والعم، تباد عائلات بكاملها وتشطب من السجلات أسماؤها، ويحاصر العدوشعبًا أعزل في رقعة صغيرة من الأرض يطالبونه بالنزوح في العراء بلا مأوى ولا غذاء ولا ماء ولا دواء، ويقتلونهم على الطرقات وفي المخيمات، وتغيب كل قوانين وأعراف ومبادئ الإنسانية التي يفترض أن تحمي الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى والجرحى، وتحمي المدارس والمستشفيات ودور العبادة.
في الوقت الذي تُسير للعدو جسور جوية، وأساطيل بحرية، وخزائن مفتوحة من مدعي الحضارة والإنسانية، الفلسطينيون في غزة تدمر مخابزهم ومخازن السلع الغذائية وآبار المياه، وتقفل عنهم المعابر ليموتوا بكل الطرق وجميع السبل بالسلاح الذي لا يبقي لا جسدا ولا شجرا ولا حجرا، وبالتجويع وبالمرض، وهذا ما يفعله المستعمر والمحتل والمتحالف مع الشر أعداء الإنسانية.
تناسى العرب والمسلمون أنهمهم الحضارة الإنسانية، وهم المبادئ والأخلاق النبيلة، وهم أهل العلم والثقافة والمعرفة التي يعيش عليها العالم اليوم، تناسى العرب والمسلمون أنهم الطب والهندسة والزراعة والرياضيات والفلك والصناعة، ونسوا ابن سينا والرازي والطبري وابن البيطار وجابر بن حيان والمجوسي وداود الأنطاكي والبيروني، ونسوا أنهم أول من شيد المستشفيات وصنع الأدوية ووضع القوانين والأنظمة الصحية، ويشهدعلى ذلك تراجمهم والنوري والدمشقي وابن طولون والمؤيدي والمستشفيات المنتشرة من أقاصي المشرق إلى أقاصي المغرب حتى الأندلس التي شُيدت بها أكبر وأجمل مستشفيات الدنيا، ويقيم بها المرضى الفقراء من الرجال والنساء لمداواتِهم إلى حين برئِهم وشفائهم، ويصرف ما هو معد فيهاللمداواة، ويفرق للبعيد والقريب، والأهلي والغريب، والقوي والضعيف، والدنيء والشريف، والعلي والحقير، والغني والفقير، والمأمور والأمير، والأعمى والبصير، والمفضول والفاضل، والمشهور والخامل، والرفيع والوضيع، والمترف والصعلوك، والمليك والمملوك، من غير اشتراط لعوضٍ من الأعواض، ولا تعريض بإنكار على ذلك ولا اعتراض، وهذه كانت كلمة المنصور بن قلاوون في افتتاح بيمارستان ابن طولون منذ 800 عام وجميع مستشفيات العرب والمسلمين في خدمة البشرية على نفس النهج والمبدأ.
نسي العرب والمسلمون الأزهر أقدم جامعة ولاتزال تعمل والزيتونة والقرويين، وتناسوا أن أبناءهم رجالا ونساءً هم من تعج بهم اليوممعامل ومراكز الأبحاث والجامعات والمستشفيات والمصانع في بلدان مدعي الحضارة المزيفة، التي أسقطتهاالمقاومة وحق تقرير المصير وتحرير الأرض، والصمود والشجاعة والإيمان.
إن الدرس الذي قدمه الفلسطيني في غزة والمدن الفلسطينية ومن ساندهم ودعمهم وناصرهم والأحرار الذين زلزلوا ميادين مدعي الحضارة أصحاب المعايير المزدوجةأنه لا خير ولا رجاء ولا إنسانية في من صنعوا أمجادًا وحضارات مزيفة باحتلال الأوطان وقتل الشعوب ونهب ثروات الأمم واستعباد البشر، ومن لوثوا الكون وغيروا المناخ، وحرمواالشعوب الفقيرة الدواء والغذاء، ودعموا الظالم والمحتل، النصر والمجد لفلسطين العربية الأبية ولمن يساندها ويقف معها، والخزي والعار لمن وقف دون ذلك.