مقالات الرأي

الفكر البشري بين التحدي والإبداع

بقلم/ المهدي الفهري

الإنسان هو صانع الأفكار ومبدعها ولولا الإنسان لما وُجدت الأفكار والفكر الإنساني يمثل مفتاح التغيير وتحقيق التوازن في الحياة وفي الكون ويكتسب أهمية أكثر من صاحبه، إذ يرحل المفكرون وتبقى أفكارهم خالدة بغض النظر عن المؤيدين أو المناوئين لها، وفي داخل الإنسان طاقة كامنة لا يحتاج إلا إلى توجيهها واستعمالها، ويمتلك سلطة ذهنية تفوق في قدراتها أي قوة بدنية إلى جانب قوة داخلية تمكِّنه من معرفة ذاته وتؤهله إلى صناعة الأفكار وتطويرها وجعله قادرًا على خلق الكثير من الفرص المفيدة لنفسه ولغيره عن طريق الغوص في عمق الذات وتحديث الأفكار القديمة بطرق جديدة ومفاهيم متطورة، والوصول إلى علاقة مرنة بين الفكر والتوازن الطبيعي.

وعلى الرغم من أن الفكر الجديد دائما ما يشكل تحديًا للفكر القديم فإن الإنسان الذي يمتلك الملاكات الذهنية والإرادة القوية يمكنه استغلال طاقاته وبناء موقف إيجابي تجاه تحديات الحياة بما يتيح له تحسين قدرته على الملاحظة والانتباه وتوسيع نطاق تركيزه ومداركه في تطوير حياته العملية والنفسية وفقًا لقوانين الحياة.

وفي ظل قدرات غير محددة فقد مُنح الإنسان امتياز السيطرة على كل شيء تقريبًا في هذا الكون عدا قدومه إليه ورحيله عنه، كما أعطي الحق في تحديد مصيره، وجعله أما ناجحًا أو فاشلًا من خلال توجيه إمكاناته لمواجهة الإحباطات التي تنتج عن الطبيعة أو عن الأخطاء الفردية.

ورغم وجود الظلم في كل زمان ومكان فإنه يغيب في علاقة الفرد مع عقله ويختفي في علاقته مع القوانين الطبيعة للكون التي صممت بذكاء لتعاقب المخالف على أفعاله بشكل تلقائي، فهناك ظروف قدرية لا يمكن للإنسان السيطرة عليها، لكنها لا ينبغي أن تؤثر على راحته النفسية باعتبارها أمرًا واقعًا لا مناص منه وجزءًا من الواقع الحتمي، وفي المقابل هناك ظروف اختيارية مثل الغضب والخوف والفقر والأنانية، يمكن التغلب عليها من خلال استخدام العقل والتفكير الإيجابي، ومع أنه نادرًا ما يستغل هذه القدرة وكثيرًا ما يقع في المحظور وفي خضم هذا العالم الذي نعيش فيه وفق نظام مثالي للتوازن لعل أفضل طريقة للحصول على مزايا من هذا القانون هي استعمال قوة الفكر والاهتمام الفكري والرغبة العميقة في المعرفة لربط أنفسنا بالظروف التي يمكننا السيطرة عليها بطريقة مناسبة لتحقيق أهدافنا وتسخير هذه القوة الفكرية لتحقيق الانضباط الذاتي والقيام بردود فعل ملائمة تجاه الظروف التي تؤثر على حياتنا ولا يمكننا السيطرة عليها.

ومن خلال هذا التحليل الموجز للتوازن ولقوة الفكر وتوازن الحياة وبين التحدي والإبداع يتضح أن هذا القانون يعمل وفق نمط متناغم متماشيًا مع نمط الطبيعة والخطة الشاملة للكون باستثناء الإنسان الذي يمتلك القدرة على الانحراف عن هذا التوازن وجميع القوانين الطبيعية الأخرى ما يضعنا أمام حقيقة ثابتة أن من يعمل ويبدع ويراعي هذه القوانين ستنصاع الطبيعة لعزيمته ولنضاله وسيصل بحكمة وقوة إلى تحقيق أهدافه، ومن يختار الطريق المخالف لنواميسها فعليه أن يكون على استعداد لدفع ثمن انحرافه.

زر الذهاب إلى الأعلى