مقالات الرأي

الغاية تبرر الوسيلة

بقلم/ ناجي إبراهيم

الغرب الاستعماري الإمبريالي، وفي سعييه الدائم الذي لا يتوقف لأجل السيطرة على الشعوب واحتلال أرضها ونهب ثرواتها، لا يتورع عن استخدام كافة الوسائل والأساليب، حتى البشعة منها، ولا يتردد في استخدام الأسلحة الأشد فتكًا وتدميرًا للإنسان والبيئة، وهو مجبول على ذلك وفق سلوكه التوسعي وتحويله الكرة الأرضية إلى الصراع والصدام والتقاتل، لا يكاد ينطفئ في مكان حتى يشتعل في مكان آخر، معتمدًا في ذلك على صناعة الأكاذيب وتزوير الحقائق واستخدام الشعارات الإنسانية للتغطية على النوايا الحقيقية لتجد رواجًا وقبولًا عند طيف واسع من الرأي العام الذي يتم استغفاله في كل مرة بكذبة الحريات وحقوق الإنسان، ووصف الشعوب المستهدفة بأنها تمارس سلوكًا مضرًّا بتلك القيم الإنسانية النبيلة، ولا ضير إذا تعرضت للغزو لأجل تحقيق العدالة والحرية وحقوق الإنسان، حتى صارت هذه الشعارات رديفًا للاحتلال، ولتقديمه في ثوب إنساني ويسقط عنه كل التهم بالقتل والدمار ضد شعوب وبلدان كانت قد اكتوت بنيران الاحتلال وزالت تحت شعارات كاذبة ومخادعة، ثم غزو أفغانستان بكذبة محاربة الإرهاب، واستبيح العراق أرضًا وشعبًا بكذبة أسلحة الدمار الشامل.

دخلت ليبيا في فوضى لا نهاية لها بفعل التدخل الغربي والأطلسي بكذبة حماية المدنيين، والذي كذبته تقارير إعلامية وسياسية بدأت تظهر للعلن في أروقتهم السياسية وكبرى وسائلهم الإعلامية تؤكد عدم وجود نية للنظام الليبي بإبادة المدنيين الكذبة التي روجوها وسوقوا لها، لدعم رغبتهم في التدخل العسكري ضد الشعب الليبي لغايات هم اختاروها وصنعوا لها المبررات القانونية والسياسية والأخلاقية ونفذوها على الأرض بأبشع الصور ونتج عنها آلاف القتلى والمعجبين والمسجونين ظلمًا والمقتولين تحت التعذيب وقبلهم أسر بكاملها قضت حتفها جراء القصف الجوي العنيف الذي استخدمت فيه حتى الذخائر المحرمة والمجرمة قانونًا، وأدخلت ليبيا في فوضى وحروب وعدم استقرار وحكومات فاشلة وعميلة باختيارهم لا اختيارنا نحن الليبيين، من صنع القاعدة وأعطاها الشرعية الجهادية؟ ومن شيطنها ووضعها على قوائم الإرهاب؟ ومن صنع داعش ومولها ودربها وسلحها ووفر لها الدعم اللوجستي؟ من درب الجولاني وغيَّر ولاءه من النصرة إلى داعش وألبسه ثوب هيئة تحرير الشام؟

باعتراف هيلاري كلينتون أمريكا هي من صنع داعش والاعتراف وفقًا للقوانين الجنائية سيد الأدلة، وفقًا لذلك تتحمل أمريكا المسؤولية الجنائية عن كل الجرائم التي ارتكبتها داعش وفروعها وأذرعها والمنشقون عنها في جميع الساحات التي لحقت بها أضرار مادية جراء العمليات الإرهابية، وبالتبعية وعلى اعتبار داعش منظمة إرهابية وفق تصنيفاتهم وقوانينهم فجميع الداعمين والممولين لها مشمولون بهذا الوصف ومسؤولون عن جميع ما ارتكبته داعش والنصرة والقاعدة من جرائم وانتهاكات ضد حقوق الإنسان.

ما الذي تغير في سوريا؟ حتى يتوحد هذا الغرب على دعمها والإعلان عن تخفيف العقوبات، بل ورفعها وتدفق المساعدات التي تأخد الطابع الإنساني مثلما يسوقون؟ هل تبدل الشعب السوري حتى يغدق عليه هذه الأموال والإعانات أم أن الجولاني بدل جلده مثلما غير بدلته؟

الشعب السوري هو نفسه الذي تعرض لحصار وتجويع دام قرابة خمس عشرة سنة أو أنه مكافأة له لإطلاق يد الجيش الصهيوني في الجولان والجنوب السوري تمهيدًا لحلمهم في دولة تمتد من النيل إلى الفرات الذي بات على مرمى حجر من تمركزات جيشهم الذي يستعد للوصول إلى الفرات بدعم مليشيات قصد الكردية المحمية بالقوات الأمريكية التي تحتل شرقه لتمكين الإسرائيليين من شفته الغربية وتضع الأردن بين قطبي كماشة لتعبيد الطريق أمام الحلم الصهيوني من احتلال يثرب وشمال الجزيرة العربية، وربما بسط سيطرتها على طريق الحجيج إلى مكة.

الغرب ماض في أكاذيبه التي تبرر مضيه في تنفيذ مشاريعه في منطقتنا، والعالم ونحن ماضون في تصديقه بسذاجة، ونوجد له المبررات أيضًا تارة بغياب الديمقراطية وتارة أخرى بحماية السلام والاستقرار من أجل التنمية، ولم يتحقق لنا السلام ولم نصل إلى التنمية ولن يسمحوا لنا بذلك، كيف يسمحون لنا بتنمية تحرمهم ثرواتنا وتحسن مجتمعاتنا ضد التنمية، المشروع الوحيد الذي يحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية مشروع المقاومة التي تقود للنصر وهزيمة المشروع الاستعماري وعلى أقل تقدير تعطيله أو رفع تكلفته، ويعملون وفق نظرية الغاية تبرر الوسيلة مهما كانت الوسيلة وسخة وحقيرة وربما قاتلة وشريرة.

زر الذهاب إلى الأعلى