مقالات الرأي

الأنشطة الطلابية في الجامعات الليبية.. مطلب وضرورة

بقلم/ عبد المجيد قاسم

لطالما كانت الجامعات، في ليبيا وفي كل دول العالم، أماكن لتفجير طاقات الطلاب، حيث كانت الأنشطة الطلابية تمثل جزءًا أساسيًا من الحياة الجامعية، وكان للجامعات دور كبير في تحفيز المواهب وتطويرها من خلال الأنشطة المتنوعة في الأدب والرياضة والفنون وغيرها.

لقد كان النشاط الطلابي في الجامعات بمثابة منصة للطلاب ليعرضوا مهاراتهم ويطوروا شخصياتهم، ويصقلوا مواهبهم، لكن مع مرور الوقت، اختفى هذا النشاط الطلابي الفاعل من الجامعات الليبية التي باتت أشبه بالمدارس الثانوية، التي لم تكن هي الأخرى وحتى زمن قريب بمعزل عن النشاط الطلابي، مما يستدعي منا الوقوف لبحث أسباب هذا التراجع، والبحث عن سبل لعلاجه.

إن الأنشطة الطلابية،وخاصة في المرحلة الجامعية، تعد من العناصر الأساسية التي تسهم في بناء شخصية الطالب وتعزيز مهاراته، فالجانب الأكاديمي قد يأتيه الطالب مرغمًا، لكن هذا الجانب، وهو النشاط الطلابي يأتيه الطالب مختارًا وبشغف أحيانًا، والهدف منه تنمية مهارات التواصل، والتفكير النقدي، والعمل الجماعي، والقيادة، وعلاوة على ذلك، تساعد هذه الأنشطة الطلاب في اكتشاف مواهبهم وميولهم المختلفة، سواء أكانت في الأدب، مثل الشعر والكتابة القصصية والصحفية، أم في الفنون، مثل المسرح والموسيقى والرسم، أم في الرياضة التي تشكل وسيلة مهمة لصحة الجسم والعقل.

وقد كانت الجامعات في ليبيا سابقًا تُقيم مسابقات في الأدب والشعر، وتنظم فعاليات رياضية، وتصدر صحفًا جامعية تُحرر وتُنشر من قبل الطلاب أنفسهم، ما يتيح لهم فرصة التعبير عن آرائهم وتنمية مهارات الكتابة الإبداعية لديهم، كما أن هذه الأنشطة كانت تسهم في خلق جو من التفاعل الاجتماعي بين الطلاب من مختلف التخصصات والاهتمامات.

في الوقت الراهن، تشهد الجامعات الليبية تراجعًا ملحوظًا في الأنشطة الطلابية، فالجامعات أصبحت تركز بشكل أساسي على الجانب الأكاديمي دون الاهتمام بتطوير الأنشطة اللامنهجية التي كانت سابقًا جزءًا من الحياة الجامعية.

وفي نظري هذا التراجع يعزى إلى العقلية التي باتت تدار بها الجامعات، حيث يتم التركيز على جانب الكم أكثر من جانب الكيف، وعلى المدرس أكثر من الطالب، فالمناشط الجامعية باتت تقتصر على المؤتمرات العلمية التي يستهدف بها أعضاء هيئة التدريس الجامعي لغرض الترقية، وربما البروز الإعلامي، ليتراجع الاهتمام بالطالب الذي هو محور العملية التعليمية.

ومن ناحية أخرى ربما يعزى هذا التراجع إلى نظام الدراسة الفصلية التي يضغط فيها الوقت بحيث لا يتسع سوى لإتمام وحدات الدراسة، ولا يتسع لغير ذلك.

إن إحياء الأنشطة الطلابية في الجامعات أمرٌ ضروريٌ، فالجامعات ليست مجرد مؤسسات لمنح الشهادات وحسب، بل هي مؤسسات تنموية تهدف إلى إعداد الطالب للحياة العملية من خلال وظيفتها الأساسية في الإعداد العلمي، ومن خلال وظيفتها الفرعية كمكان لتطوير المهارات الشخصية والاجتماعية للطلاب.

لذا، يجب على الجامعات الليبية إعادة النظر في دور الأنشطة الطلابية والعمل على تعزيزها، وينبغي توفير الدعم الكافي للطلاب لتنظيم فعاليات ومهرجانات ثقافية ورياضية وفنية، وفتح المجال أمامهم للتعبير عن آرائهم وأفكارهم عبر المنابر المختلفة، بما في ذلك الصحف الجامعية والمواقع الإلكترونية.

ومن المهم أيضًا أن تتعاون إدارة الجامعة مع اتحادات الطلاب والهيئات المعنية بتنظيم الأنشطة لتوفير الإمكانيات اللازمة من قاعات، وأدوات، وموارد مالية، كما ينبغي أن يكون هناك اهتمام من الدولة والمجتمع بمسألة دعم الأنشطة الطلابية في الجامعات، لما لها من تأثير كبير في بناء المجتمع وتطويره.

إن إحياء الأنشطة الطلابية في الجامعات الليبية هو خطوة حيوية لتطوير البيئة الجامعية وتعزيز المواهب والقدرات الطلابية، فالعمل على إعادة إحيائها يمكن أن يكون له تأثير إيجابي بعيد المدى على الطلاب والمجتمع ككل، لذلك يجب أن تتضافر الجهود بين الإدارات الجامعية، والحكومة، والطلاب أنفسهم لتحقيق هذا الهدف.

زر الذهاب إلى الأعلى