مقالات الرأي

نهاية الدرس!

بقلم/ سالم أبوخزام

مصر من كبريات الدول العربية، ولعل عاصمتها القاهرة تنبض بالعروبة، تحسها وتشعر بها، وقد جسدتها جامعة الدول العربية فأعطت الشعور بأنها بالفعل عاصمة كل العرب، رغم هوانها وضعفها وعدم قدرتها على إحداث أي فعل إيجابي، لكن كرمزية تنقل ذلك الإحساس إلى كل عربي من المحيط إلى الخليج.

إن الشعور بالقومية العربية قد جاء مع جمال عبدالناصر وكبر وتنامى في وجداننا، وبالتالي فإن مصر كبيرة بتاريخها وحضارتها، بأطبائها وفنونها وآدابها، أيضا بعلمائها وساستها، مصر كبيرة بأنشطتها الرياضية والفنية والسياحية وغير ذلك.

جيش مصر حامي الحمى هو المؤسسة العريقة والعظيمة الذي أجهض كل تآمر على مصر، وبالتالي دافع وتحمل مسؤولية النهوض بمصر فوق أكتاف الرجال الأبطال، بعد أن حمل مسؤوليات الحرب والسلام والنجاح فيهما، إن الجيش العظيم هو من دافع عن شرف الأمة العربية، فلو سقطت مصر أبان أحداث وخراب ما عرف زورًا بالربيع العربي وما جلبه من شؤم علينا كلنا! لو سقطت مصر لتحطمت هذه الأمة وتقطعت أوصالها وذهبنا جميعًا أدراج الرياح، وبالتالي فإنني أدعو كل العرب إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه مصر، لأجل أن تبقى واقفة مهابة أبد التاريخ.

كل أطراف مصر ملتهبة فجنوبها السودان يحترق بفعل انقسام قوتها إلى قسمين والنيران مشتعلة بكل مكان وبالفعل خرجت السودان بعد تقسيمها من المعادلة العربية، والآن تبحث لتعود إلى الحياة بعد مجاعة مستمرة، وضياع هيبتها وسحق أطرافها بين نازح ومهجر، ومصر هي من يدفع الثمن، في أقصى الجنوب سد النهضة لضرب مصر في مياهها الربانية وتجويعها وتسخين كل الأطراف لإدخال مصر في حرب جديدة، وغرب مصر تقف ليبيا على شفا حفرة من النار لسحبها إلى منطقة تعيش التوتر، ويهدف إلى فتح جبهة تدمر الأمن بمصر وتفتح النار على مصراعيها، فالمطلوب الثبات لصد هذا الجنون وإفشاله بقيام دولة حقيقية بليبيا للدفاع عن أمن مصر وكل شعبها، والبحر المتوسط حيث تركيا وما تلعبه من أدوار خبيثة في المنطقة لصالح مجموعة الناتو للإخلال بالسلام العالمي ضغطًا متصلًا لسحب جيشها، أو في أقل تقدير تدميرها اقتصاديًّا، أما سيناء بتحريك سراديبها وطرقها السرية وإبقاء البندقية المصرية جاهزة ومتوترة لبدء الصراع العربي الصهيوني مجددًا، وإسقاط معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والدخول في حرب جديدة هدفها إشعال المنطقة كمحاولة مباشرة مع مصر، والداخل المصري وإشعاله اقتصاديًّا لانشغالها بشعبها وتحطيمها من الداخل في ضوء:

  • تيارات الإسلام السياسي المضاد لكل نهج قومي أو تقدمي، لضرب العمق الاجتماعي المتماسك في مصر وعيًا بمراحل هذا المخطط اللعين.
  • القوة الظلامية الكامنة المختبئة والمستعدة لتمزيق مصر من الداخل حال إفساد الأمن المصري القوي.
  • أعوان الاستعمار والرجعية المتخلفة المناهضة للرئيس عبدالفتاح السيسي ومحاولة إبطاء التقدم المصري بناء وحضارة ومشاريع لصالح شعبنا العربي، فالجيش العامل يبني ويقود مصر، رغم كل الظروف إلى الأمام، ويجسد فعلًا “يد تبني وأخرى تحمل السلاح”.
  •  المجموعات الإرهابية المتخندقة داخل مصر والمختبئة لانتهاز اللحظة المناسبة لضرب مصر من الداخل، وإشعال الجحيم بكل مكان، غير أن الأمن المصري واع ومستعد ومنظم لمتابعة هؤلاء المجرمين وخلاياهم النائمة.

بات المشهد العربي واضحًا أمام الجميع يتبنى ضرب الأركان العربية، الواحد بعد الآخر بدءًا من العراق، ثم تونس، وليبيا، اليمن، السودان، لبنان، وسوريا، أن ضرب وتفجير البلاد العربية من الداخل فتحطيم بغداد مقدمة للقضاء على سوريا وإنهاء جيشها تمامًا، وما جرى بليبيا واضح جلي أمام الشعوب العربية، فالآن تعاني التمزيق شرقًا وغربًا، وأن بقية ضرب الأقطار العربية آتٍ لامحالة، فالدور على الجزائر لاكتمال حلقة التآمر، وربما بطريقة جديدة هي استغلال العشرية السوداء الفاشلة، لعقاب الجزائر على مواقفها التقدمية لصالح أمتنا العربية، وأن البلدان العربية المتخاذلة وأعني الخليج بيوت المال وملاك الثروات وأهمها النفط، حتما يمثل خزائن للصرف على كل الخراب أولًا، ثم ليتحمل مسؤولياته الجسيمة أمام كل الشعوب العربية، ولعل بعد حرب غزة وإفنائها عن بكرة أبيها وقتل كل رجالها وشبابها حتى الأطفال والشيوخ، فلم يسلم أحد منها، وتم تدميرها بالكامل في ملحمة أخرى لصبر شعبنا في فلسطين أمام هذا الصلف وهذا العناد.

أمتنا وهي تعاني الضعف والهوان، وفي ظل عجزها وسكوتها وتبجح العدو، فقد تدخلت الطبيعة والعدالة السماوية ورب العباد بأن سلط عليهم نيرانه المستعرة التي لا تبقي ولا تذر! فهي الأعنف من كل القنابل والصواريخ والطيران والبوارج والمدافع والغواصات الاستراتيجية وأي دعم مخابراتي مع الأقمار الاصطناعية، وكل وسائل التجسس! غزة المنتصرة بفضل صبر شعبها، المقاومة بإرادة عجيبة، لن تسلم الرهائن الإسرائيلية المجرمة إلا باشتراطات فلسطينية عربية تكسر خشوم هذا العدوان الآثم وبأثمان باهظة!

إن الهجرات الإسرائيلية من الداخل إلى الخارج، وشعور الصهاينة لأول مرة بتقلص دور الأمن الموعود، هو المسمار الأول في نعش الصهيونية وبداية النهاية لهذه الغطرسة وهذا الجبروت.

نخر إسرائيل من الداخل وضرب تركيباتها السكانية الهشة هو بدء إعلان لنهاية ما خططه هرتزل وأعوانه، وبالتالي فإن الظلم لابد له من نهاية مهما طال! المؤسف حقًّا هو استثمار الأموال العربية في إعادة إعمار الولايات المتحدة، من قبل قطر، السعودية، الإمارات العربية بمليارات من الدولارات، كامتصاص لأرزاق أهلنا في الخليج غصبًا عنهم! وبالتالي هذه الأنظمة وبيوت المال تبقى خزائن تدفع وباستمرار لصالح الغرب والولايات المتحدة، وإسرائيل!

تدمير الوطن العربي يسير وينفذ حسب المخططات المرسومة، على أن يكون الخليج بأكمله هو نهاية لهذا السيناريو، فالمطلوب الاستفادة القصوى من جميع مدخراته!

كل هذه الضغوط موجهة إلى مصر لأجل إسقاطها كآخر حلقات هذا الصراع، ويبقى السؤال المطروح، هل يستيقظ العرب بعد أن لفحتهم النيران، أم أنهم سيواصلون التآمر على أنفسهم، مقابل حفنة من المال؟

اليوم نعرف تمامًا المعنى الحقيقي للاتحاد الأفريقي، ومعاني اقتصاد الدينار الأفريقي، ولماذا الساتو ضد الناتو، ومعنى قيادة ليبيا لهذا العمل العظيم الذي كسر وقضي عليه في مهده! لن يعرف معاني ذلك سوى جيش مصر وقياداته الحكيمة، وكل من علق بشرف نجوم سيناء فوق أكتافه بشرف ومسؤولية قومية!

زر الذهاب إلى الأعلى