المنقوش.. كبش فداء أم حصان طروادة؟
بقلم/ محمد جبريل العرفي
من المفيد ربط هدف وتوقيت إجراء اللقاء مع نجمة المنقوش، وإعادة إثارة الحديث حول التطبيع مع الكيان، مع مشروع رئاسي المقاتلة لتمرير قانون المصالحة (المفخخ)، وتنظيم بعثة (الحكم) للقاء بتونس حوله وإصرار المتصهينين لإقراره، لا يختلف اثنان عاقلان على أن الجزيرة أداة إعلامية قطرية إخوانية متصهينة، قطر موظفة عند الأنجلوساكسون خدام الصهيونية، لرعاية المشروع الإخواني الصهيوني في المنطقة. الجزيرة لا تختار ضيوفها عبثًا، ولا تثير مواضيع لملء الفراغ، بعد 2009 انكشفت عورة الجزيرة، وانفضح خطابها المغلف بالعروبية والتحررية، الذي كان لاستمالة المشاهدين وكسب ثقتهم، ولتزويق أفراد لتجهيزهم لمهام قذرة، مثلما زوقت محمود جبريل الله يرحمه، وأظهرته بأنه خبير دولي، بينما حقيقته كانت مدير مدرسة تدريب سرق البرامج التدريبية التي أعدها الخبراء ونسبها إلى نفسه.
نجمة المنقوش، فتاة ليبية كانت مغمورة ومحجبة، التقطتها المخابرات الأمريكية 2011 وأعادت صياغة شخصيتها مثلما عملت مع الجولاني وقبله بالحاج، الذي ارتبطت معه فكانت حصة المقاتلة في حكومة النكبة الوطنية، وبالتالي ظهورها على قناة الجزيرة ينسجم مع انحيازها السياسي، حددت الجزيرة عشرة محاور للقاء هي (مغادرة ليبيا والابتعاد عن الأضواء، الموقف من القضية الفلسطينية، كيف أصبحت المنقوش وزيرة خارجية، تحديات منصب وزير خارجية، مواجهات في جامعة الدول العربية، دعم استقرار ليبيا، الصراع بين الشرق والغرب، القوات الأجنبية في النزاع الليبي، غياب صوت ليبيا، والملفات الخارجية المعقدة، إرث القذافي والملك).
الملاحظ أنها أخفتدورها عام 2011 وحتى عندما تحدثت عن تأهيلها العلمي توقفت عند دراسة ماجستير القانون بقاريونس، ولمتتطرق إلى دراستها بأمريكا على حساب منحة من مصنع العملاء معهد (أولبرايت)، ولم تتطرق لوظيفتها بسفارة قطر بواشنطن،ولم تتطرق إلى لوجستيات لقاءروما مع وزير الخارجية الصهيوني (وزير الطقة الآن) ودور (الدبيباتشيلد) فيه، ولم تذكر بقية الأعضاء الخمسة من الوفد، وهم رئيس الوفد إبراهيم الدبيبة (المنتحل لصفة رئيس جهاز الأمن القومي)،ووليد اللافي (وزير المعاصي) وعبدالمجيد مليقطة (عراب اللقاء)، ومستشاريها حسام الغويل، وسالمين الجوهري، ولم تتطرق إلى حضور وزير الخارجية الإيطالي (أنطونيو تاجاني).
قالت إنها ابنة الشرق، وأوحت بأن علاقاتها طبيعية بقيادة القوات المسلحة، رغم أن لسانها خانها فعبرت عن عدم رضاها عن بناء الجيش، كما غازلت النظام بإعجابها بالسياسية الخارجية الليبية قبل 2011، وغازلت ما قبله بإعلانها عن انتماء عائلتها وحنينها إلى الملكية، ربما كل هذا من أجل تسهيل التسلل إلى المنطقة بدغدغة عواطف الجميع بأحاديث التقية.
المذاع من اللقاء ساعتان وثلث، جاء خالي الدسم، فلم يقدم لنا جديدًا باستثناء أنها أخفت حقيقة ما دار في اللقاء وبخاصة تجديد المعابد والمقابر اليهودية، والمساعدات الصهيونية بالقضايا الإنسانية والزراعية وإدارة المياه، اتضح من حديثها أنها تعاني من أنا عالية، ومنها حصولها على جائزة المرأة العالمية للشجاعة من أمريكا بعد شهر من إيقافها عن العمل، وأبدت حرصها على تثمين موقف قطر الحالي، وتبجيل أميرها تميم، لتظهر أنها مسنودة أمريكيًّا ومحبة للقطريين.
موضوع اليهود الليبيين أثير من قبل ليبيا الغدر حيث زار داوود الجربي ليبيا لأول مرة عام 2002 ثم 2007، وتم عرض عودتهم شرط أن يسلموا الأملاك التي سلبوها من الفلسطينيين ويعوضهم. وهذا الموقف يختلف عن التطبيع، بل حل مشكلة مواطنين ليبيين يدينون باليهودية.
الحقيقة المرة أن محاولة التطبيع مع الكيان لم تكن وليدة لقاء روما 2023.8.23 فالتواصل مع الكيان بدأ منذ 2011 من خلال برنارد ليفي والوثيقة التي أصدرها المنشف الانتقالي، وترحيب رئيسه بعودة اليهود الليبيين ومنح الإذن بفتح “دار البيشي” و”تجهيزها لاستقبال اليهود الليبيين”، حيث قام رئيس المنظمة العالمية لليهود الليبيين، ديفيد جربي بإعادة فتحه أواخر 10 عام 2011 ما أثار جدلًا واسعًا في ليبيا.
كما دشن رفائيل لوزون رئيس اتحاد يهود ليبيا القناة التي أفضت إلى لقاءات عمر القويري وزير الإعلام بحكومة الغويل برودس 2017 مع وفد صهيوني منهم قادة بالجيش الصهيوني، ورسالة الغويل إلى الوفد الصهيوني، ثم لقاءات البحر الميت بالأردن التي سهلها داوود الجربي رئيس رابطة الجالية الليبية اليهودية بأوروبا، ونظمها السفير الليبي بالأردن مع الدبيبة وأعوانه، وفي شهر7 عام 2022، التقى الجربي مع نائب رئيس حكومة النكبة الوطنية، وبسفراء أمريكاوإيطاليا في ليبيا، وتم الاتفاق على إحياء ذكرى مقتل أكثر من 700 يهودي في ليبيا على يد الإيطاليين، ومطالبة اليهود الليبيين بالاعتراف بهم كضحايا الهولوكوست.
التجربة السابقة أثبتت أن (الدبيباتشيلد) مستعد للتفريط في كل شيء والتحالف مع قاتل أبيه من أجل البقاء في كرسي السلطة، فلا يستبعد أن إخفاء الجزيرة لجزء منالمقابلة لابتزاز الدبيبة لمزيد من التنازلات، والارتماء في الحضن التركي وتوظيف ما جرى بسوريا لاستنساخ التجربة بليبيا، أو أنه دليل على احتراق ورقة الدبيبة، ودق إسفين في نعش رحيله.
المطمئن أن الليبيين من جموع ومنظمات اجتماعية وأحزاب ومنظمات ونخب، قد استفزهم الحدث، فغضبوا وتظاهروا ليقتلعوا المطبعين من كراسيهم، فتمت مواجهتهم بالرصاص والاعتقالات، ولكن الشرارة انطلقت ولن تطفأ نار الثورة إلى أن تقتلع (الدبيباتشيلد) وبقية المتصهينين.