خطط خوري وتحديات البرلمان
بقلم/ عفاف الفرجاني
في الوقت الذي يأمل فيه الليبيون حلولًا جديدة قادرة على إيجاد خارطة طريق تعيد ترتيب أولويات العملية السياسية في بلادهم، الذي من شأنه أن يسارع إلى إجراء الاستحقاقات الرئاسية المرتقبة، وبخاصة أن هناك هدوءًا أمنيًّا نسبيًّا في البلاد، طرح مجلس النواب الليبي مبادرته من خلال تشديد السيد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، على أن مجلسه “يؤمن بأن الانتخابات هي الحل للأزمة الليبية”، وجاء هذا بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدولة، وأكد على «اختيار رئيس حكومتها في جلسة برلمانية ستكون شفافة ومعلنة».
ووسط مخاوف سياسية وأمنية من تكرار سيناريو حكومة باشا أغا التي تم طردها من العاصمة طرابلس رغم تشكيلها من قبل مجلس النواب ومجلس الدولة، يطرحون مبادرات المصالحة الوطنية بين الفرقاء والتشديد على حلها.
في ذات الوقت نجد المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري قد أعلنت عن إطلاق خارطة طريق جديدة أمام مجلس الأمن، تضم لجنة فنية من الخبراء والكفاءات الوطنية الليبيين، على حسب قولها، وذلك لإيجاد نقطة التقاء لتوافق سياسي بين الأطراف المعنية وحل القضايا الخلافية بينهم، هذه الحلول المطروحة من قبل مجلس النواب التي تكمن آليته في حوار ومصالحة وطنية حقيقية ليبية ليبية.
من جانبها ترى البعثة الأممية أن الجهود الخارجية هي الوحيدة القادرة على حل الأزمة، قد يخلق هذا النوع مخاوف من صِدام بين البعثة الأممية ومجلسي النواب والدولة، ومن شأنه أن يخلط الأوراق ويؤخر العملية السياسية.
ما نلمسه من تحركات خوري السياسية، يعود بنا إلى المربع الأول الذي اشتغل عليه مبعوثون من قبلها.. تحشد خوري اليوم لقاءاتها مع الشخصيات وعناصر «العملية السياسية»، التي صرحت بها في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، من أبرزها معالجة الدوافع الأساسية للصراع، ومجمل التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية، وأهمية الملكية الوطنية الحقيقية لهذه المبادرة التي وصفتها بالشاملة، من خلال توحيد المؤسسات، وشرعنتها من أجل بناء الدولة.
خوري التي تعمل بخطٍ متوازٍ مع مجلس النواب تسعى إلى تكوين لجنة من خبراء ليبيين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية، متناسية أن الانتخابات الرئاسية التي كان مزمعًا عقدها في 2022 بمقاييس الانتخابات الدولية قد أجهضت بفعل قوة قاهرة كشف عنها أنها من الجانب الأمريكي، على لسان سفيرهم في ليبيا.. فأمريكا والبعثة وجهان لعملة واحدة.
في تقديري حول هذه المعضلة السياسية أن الخيار الأصح والأنسب يكمن في مبادرة مجلس النواب والدولة، أي مصالحة سياسية ليبية ليبية تنتج حكومة انتقالية من أجل السير في خطة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ولكن حتى نتفادى إخفاقات حوارات المغرب في تجربة حكومة باشاغا ولتكون هذه المبادرة ممكنة، فعلينا إدماج مبادرة خوري مع باقي الأجسام السياسية، هذا لو جردت النوايا من المؤامرة على الشعب، ستكون مبادرة حقيقية لحل الأزمة داخليًّا ومدعومة من المجتمع الدولي لضمان وضع أمني صحي لممارسة الحكومة الجديدة صلاحيتها الدستورية والسياسية والأمنية، والذهاب بها إلى انتخابات حرة ونزيهة، ولكن الحقيقة التي نعرفها جميعًا أن خوري ومجلس الأمن وأمريكا وحلفاءها في المنطقة لا يريدون حل الأزمة الليبية بل إطالتها وتدويلها، خاصة أن هناك ناقوس خطر يدق نتيجة التوأمة التوافقية بين مجلسي «النواب» و«الدولة» وإمكانية نجاحهما في اجتماعهما الأخير بالمغرب.
خارطة الطريق التي وضعتها الأجسام السياسية الليبية الأخيرة هي الأنسب والأصلح لاستقرار ليبيا وإذا كانت هناك نية صادقة لحل الأزمة من البعثة فستعمل معهم لتمكين الحكومة الجديدة من ممارسة مهامها وبحماية دولية من خلال قرار أممي شجاع يؤسس جسرًا جديدًا نحو الأمن والاستقرار والسلم.