حكاية التفريط!
بقلم/ ناجية الصغير
بين وقع المطلوب وطرق المرفوض يقبع ميزان التربية مترنحًا فمن يشد الحبل ليلتقط دلو السلوك ومن يفلته ليندلق بتزين الأخلاق الرديئة على أسفلت التعاليم والتعليم فيحترق المراد والمستطاع.
الأمهات يعشن في دوامة الاعتراف بالأمومة أو نكرانها والتنصل منها بحجة السن الصغير وزمن الانفتاح وعالم الموضة والأزياء الذي ترغبه ويحتاج منها ضريبة الإهمال حتى تواكبه كما هو يريد ويشاء، وبين انسلاخ مرغوب وانسلاخ إجباري يحدث زلزال التفريط ويُحدث دمارًا يلحق بالطفل والشاب ويتركهم تحت ركام التأجيل في قانون التربية الوالدية.
الواقع التربوي الأسري يعاني الكثير وتتفاقم مخلفاته يوما بعد يوم، والمتاهة الأخلاقية فيه لا نهاية لها لأن الباحثين من الآباء والأمهات عن مرادهم يتبعون طرقًا ملتوية تتحايل على الحقيقة الساطعة والطريقة الواضحة التي تخبرهم أن النجاة وطوقها يتوفران، ولكن هنالك ما يشتت ويقطع انتباههم ويجعلهم غافلين.
يقول الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم “تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي”، وهذا الذي تركناه جعلنا نتخبط فلا نعلم معنى التربية ولا ندرك كنهها ونحيا بين تبعية العقل وتطبع السلوك لكل ما هو مستورد وآت من حيث لا قانون ولا ضوابط اجتماعية لتتفاقم الأزمات وتنحل الأخلاق وتكثر عيوب المربين وتزداد هوة الخلاف ويفسد قضية الود التي باتت تزداد وتتسع بين كل بيت وبيت وبين أفراد البيت الواحد حتى وصلنا لتسجيل جرائم تذهل حتى فاعلها حين يندم ولا ينفع ندم.
التفريط في التربية يختلف عن أي تفريط آخر، لأنه وباء يحدثه شخص ويدفع ثمنه مجتمع برمته، ويتخبط معه النسيج الاجتماعي الذي يحدد علاقة الناس ببعضهم حتى لا يدركوا صوابهم من الأخطاء، وللحكاية بقية تطول في وسط يعج بالمسؤوليات التي يحاربها التفريط المدجج بكل المغريات.