مقالات الرأي

الفرق بين التسبيب والسبب في القرارات الإدارية 

بقلم/ غادة الصيد

لابد من عدم الخلط بين مفهوم السبب ومفهوم التسبيب في القرارات الإدارية، فالسبب عبارة عن الحالة القانونية أو الواقعية التي تدفع الإدارة إلى اتخاذ القرار، أما التسبيب فهو شرط شكلي لصحة القرار الإداري يؤدي إغفاله إلى بطلانه لعيب في شكله.

ولقد أكدت المحكمة الإدارية العليا على وجوب التفرقة بين وجوب تسبيب القرار الإداري كإجراء شكلي قد يتطلبه القانون، وبين وجوب قيامه علي سبب يبرره صدقا وحقا أي في الواقع وفي القانون، وذلك كركن من أركان انعقاده باعتبار القرار تصرفا قانونيا، ولا يقوم أي تصرف قانوني بغير سببه، والسبب في القرار الإداري هو حالة واقعية أو قانونية تحمل الإدارة على التدخل بقصد إحداث أثر قانوني هو محل القرار، ابتغاء وجه الصالح العام الذي هو غاية القرار.

وإذا كان القرار المطعون فيه، وهو قرار لا تلزم الإدارة بتسبيبه كإجراء شكلي، فإنه يجب أن يقوم على سبب يبرره، كما أن القضاء في سبيل أعمال رقابته على هذه القرارات أن يمحص هذه الأسباب لتبين ما إذا كانت تتفق وحكم القانون أم أأنها تخالفه، وهو ما يقتضي ضرورة التثبت من وجود الوقائع التي قام عليها القرار، وأن العبرة هي بحقيقة السبب، وهو ما أكدته المحكمة الإدارية العليا بقولها: إذا أوجب القانون على الإدارة تسبيب قرارها فعندئذ يتعين عليها تسبيب قرارها، وإلا كان معيبا بعيب شكلي.

والقرار الإداري سواء كان لازما تسبيبه كإجراء شكلي، أم لم يكن هذا التسبيب لازما يجب أن يقوم على سبب يبرره في الواقع والقانون – ذلك كركن من أركان وجوده ونفاذه – العبرة في تقدير مشروعية السبب الذي بني عليه القرار، يكون بمراعاة السبب الحقيقي الذي صدر استنادا إليه القرار المطعون فيه – خطأ الإدارة في ذكر سبب القرار لا يحول دون قيام جهة الإدارة بإعادة إعلان صاحب الشأن بالسبب الحقيقي وراء ذلك القرار – طالما استطاعت جهة الإدارة أن تثبت أن هذا السبب كان قائما في تاريخ إصدار القرار، وإنه كان بالفعل هو المبرر في تقدير جهة الإصدار – إذا كان هذا السبب الحقيقي ثابتا ومبررا قانونا لصدور القرار الإداري كان القرار بريئا من عيب عدم قيامه على سببه.

وإذا كان التسبيب يعني الإفصاح عن الأسباب التي يستند إليها القرار، ما يعني وجود رابطة بينهما، فإنهما بالرغم من ذلك فكرتان متميزتان، فالتسبيب أحد عناصر الجانب الشكلي للقرار والقواعد التي تحدده تتعلق بالمشروعية الخارجية للقرار، أما الأسباب فهي أحد العناصر الموضوعية للقرار، والقواعد التي تحكمها تتعلق بالمشروعية الداخلية للقرار.

والتسبيب يعتبر بالإضافة إلى أنه عنصر في القرار فإنه يعد جزءا أساسيا من مضمون مبدأ الشفافية، ولذا فإنه يعد أساسا للرقابة على القرارات الإدارية من قبل السلطة الإدارية الأعلى والمعنيين والمواطنين والقضاء على حد سواء، لأنه بواسطة التسبيب يمكن الرقابة على أسباب القرار والانحراف بالإجراءات، أما دور السبب فهو غير ذلك، إنه أساس القرار الذي يستند إليه، وأحد عناصر محل الرقابة على القرار، وليس أساسا للرقابة كما أن رقابة القضاء على الأسباب تولد نوعا من الالتزام بالتسبيب، وبناء على ذلك فإن التسبيب بما يعنيه من إفصاح وتوضيح للأسباب القانونية والواقعية المبررة لاتخاذ القرار إنما يعني في الواقع توضيحا لدراسة الجدوى التي قامت بها السلطة الإدارية قبل اتخاذ القرار كي تتأكد من سلامته من كافة الاعتبارات بما يحقق في النهاية الهدف وبما يجعل هذا الهدف متفقا مع المشروعية.

زر الذهاب إلى الأعلى