مقالات الرأي

العاصمة تسرق الحياة 

بقلم/ عفاف الفرجاني

ما تعرف بثورة فبراير وحسب زعم أنصارها أنها جاءت في أولوياتها تصحيح الوضع الاقتصادي في ليبيا، وأن ليبيا كما يزعمون تعاني تخلفا تنمويا ومن أساساته البنية التحتية التي كانت تعاني أزمة اقتصادية ومالية لعدم اهتمام الدولة بها، وأن المواطن الليبي يعاني كثيرا من المشاكل التي يحدثها هذا التخلف، انتصرت فبراير وفتحت خزائن الدولة الليبية لمتصدري المشهد السياسي باختلاف مستوياتهم من حكومات متتالية ومؤسسات وميليشيات.. الخ.

من أجل طي حقبة الماضي لحاكم طاغية ونظام جماهيري متخلف، نجح ثوار فبراير وعرابوها من الخارج في إسقاط النظام ليستبدل عهد جديد يعيش فيه الليبي رفاهية الحياة، حتى أنهم وعدوا الليبيين بإيصال خبزهم بسيارات مرسيدس الفخمة عند أبواب بيوتهم!

ما ادخرته ليبيا خلال عقود ماضية من مليارات لتساهم في إحداث ثورة في عالم التنمية المستدامة والتي تم بالفعل التعاقد عليها في عهد النظام السابق، اليوم بين أيدي حكام ليبيا الجدد التي وصلت في آخر إحصاءاتها قبل 3 سنوات أي منذ 2011 إلى 783 مليار دينار ليبي، أي نحو 576 مليار دولار أمريكي وفقًا لسعر الصرف الرسمي تم صرفها، حتى أن آخر إحصائية لآخر حكومة وصلت قيمة الإنفاق فيها 165 مليار دينار للعام الماضي.

هنا نقف قليلا ليس على سبيل المحاسبة فليبيا ارتهنت للأجنبي قبلها، ولكن للممارسات الفعلية لحكومة دبيبة التي أدت إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي الذي بدأ يتنامى في الربع الأخير من العام 2023، الأمر الذي جعل من الصعب على «المركزي» الدفاع عن سعر الصرف المتداول.

فعندما وجه الاتهام إلى حكومته بأن هناك شبهة فساد وتهريب تأتي من خلال شراء 200 مليون دولار بـالعملة المزوّرة، رد بكل جراءة على ما سماه الإشاعات وتعاهد بالرد القطعي بالأرقام والإحصائيات، وتعاهد أيضا على استكمال مسيرة عودة الحياة.

وهنا تأتي الأسئلة الموضوعية عن أي عودة حياة والعاصمة تغرق في “شبر ميه”!

هطول الأمطار في اليومين الماضيين الذي هو أضعف ما تقاس به البنية التحتية غرقت العاصمة وطرقها الرئيسية، مما تسبب في تعطيل حركة السير، وتعطيل العمل الإداري والميداني وتوقف المدارس والجامعات عن العمل.. هذه الأمطار المتوسطة كاشفة عن مدى هشاشة البنية التحتية للمدينة ومدى كذب الحكومة على المواطنين، وعن حجم المهدور والمختلس من خزينة الدولة، هذا الوهم الذي يغزله رئيس الحكومة على المواطنين في كل لقاء ليتسنى له صرف المليارات في مشاريع ما تعرف بعودة الحياة ما هو إلا تخدير ولعب بمشاعر الشعب لانتزاع حياتهم وهم راضون.

ما حصل في العاصمة من عبث بسبب لترين من الأمطار، علله المشرف على مشروع توسيع الطريق بالعاصمة طرابلس بأنه “تجمع المياه في جزيرة عودة الحياة، التي جرى تهالك منظومة تصريف المياه القديمة في الخط الرئيسي دون صيانة”، هذه المنظومة التي لم يكلف سيادة الرئيس معالجتها قبل إهدار المال العام على شكليات زائفة.

كل ما ذكر يقودنا إلى أن الحكومة كان من وراء تعاقدها مع شركات تونسية يعد مشروع ما يعرف بعودة الحياة باكورة أعمالها في العاصمة ونتائجه ظهرت من أول هطول للأمطار وهذا ما تداولته وسائل التواصل من انتقادات واسعة من سكان المناطق المتضررة لرداءة وجودة هذا المشروع الذي نفدته حكومة الدبيبة بالتعاقد مع شركة “تونسية” بتكلفة ضخمة.

في الوقت الذي تستطيع فيه حكومة الدبيبة التعاقد مع كبرى الشركات العالمية مقارنة بما هدر من مال عام، بدل هذا التعاقد البراغماتي من الطرفين لشركات نكرة لا يعرفها إلا الدبيبة وجماعته.

زر الذهاب إلى الأعلى