تطبيق مسؤولية حارس الحيوان على مربي الحيوانات المفترسة
بقلم/ غادة الصيد
حيازة الحيوان مقيدة بضمان حائزه لسلامة الناس، حيث يفرض عليه القانون التزاما بحراسته وحفظه، فإن أخل بذلك حتى أحدث الحيوان ضررا بالغير، بأن قتل إنسانا أو أتلف مالا له، فإن حارسه يكون مسؤولا بالتعويض أمام المضرور، وقد نصت المادة (179) من القانون المدني الليبي على مسؤولية حارس الحيوان، حيث أكدت أن حارس الحيوان هو من يملك السيطرة والتحكم في مصير الحيوان، ويملك التصرف في شؤونه ويسمى صاحب اليد على الحيوان، وقد يكون الحارس شخصا طبيعيا أو قد يكون شخصا معنويا، يمارس السيطرة والتحكم على الحيوان بواسطة الأشخاص الطبيعيين القائمين على إدارته.
فالضابط القانوني للالتزام بالحراسة يرتكز على معيار موضوعي وهو التحكم والسيطرة والتصرف في شؤون الحيوان.
ومن ثم فمن لا يثبت له ذلك لا يعتبر حارسا للحيوان حتى ولو كان حائزا له، لأن حيازته له تكون عرضية إلى حيازة أخرى تملك السيطرة والتحكم في الحيوان، هذا ما لم يكن مالك الحيوان قد نقل الالتزام بالحراسة إلى الحائز العرضي، عندئذ يصبح حارسا له، وقد تنتقل الحراسة من المالك إلى غيره بطريق مشروع كالمشتري الجديد للحيوان بعد أن يتسلمه فعلا وليس من وقت إبرام العقد، والطبيب البيطري الذي يعالج حيوانا اقتضى علاجه الاحتفاظ به لديه، فأنه يصبح حارسا له من وقت تسلمه وينقطع التزام مالكه بالحراسة عليه وقد تنتقل الحراسة ولو كانت يد الحائز غير شرعية، كالسارق والغاصب للحيوان مثلا، وطالما أن الالتزام بحراسة الحيوان يتبع اليد، فإن صاحب اليد علي الحيوان يبقى حارسا له طالما هذا الحيوان تحت سيطرته الفعلية.
فإذا خرج الحيوان من يد صاحبه، فإن الحارس يبقي مسؤولا عنه وعن أفعاله الضارة. ولا يعفيه من المسؤولية أنه قام بواجب العناية أو الحفظ للحيوان ومع ذلك غافله وهرب أو تسرب، لذلك قضت المحكمة العليا بأنه:
(لا ترتفع عن الحارس المسؤولية بإثبات أنه لم يرتكب خطأ أو أنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة).
وعليه إذا تسبب الحيوان بعد هروبه أو تسربه من الحظيرة في الإضرار بالغير فإن حارسه يبقى مسؤولا عنه أمام المضرور بالتعويض.
أي أنه يجب أن يصدر فعل إيجابي من الحيوان بالنطح أو النهش أو الجرح أو الابتلاع، وهذا هو الفعل الضار، ويستوي أن يكون مباشرا بحيث يتصل فعل الحيوان بمحل الضرر مباشرة، أو غير مباشر كأن يهرب أسد أو نمر من حظيرته إلى الطريق العام حيث يزدحم الناس فيندفعون هروبا منه أملا في النجاة نظرا إلى طبيعته الوحشية، فيصاب بعضهم بأضرار نتيجة ارتطام بعضهم ببعض أو ارتطام بعضهم بالأرض.
إن مسؤولية الحارس تقوم على أساس الخطـأ المفترض طبقا لنص المادة (179) سابقة الذكر، أي أن المتضرر لا يلزمه إثبات الخطأ المفترض من جانب الحارس، فيكفي أن يثبت أن الضرر لحقه بسبب الحيوان الواقع في حراسة المدعي عليه، وأن الضرر كان جراء فعل إيجابي، كما أن هذا الخطأ المفترض غير قابل لإثبات العكس.
ومع ذلك يستطيع الحارس نفي هذه المسؤولية إذا أثبت أن وقوع الحادث كان بسبب أجنبي لا يد له فيهن كأن يثبت أن القوة القاهرة هي السبب في الضرر كهزة أرضية تحطم حظيرة أحد الأسود فيخرج إلى الطريق العام ويقتل عددا من المارة، أو يثبت الحارس أن الضرر كان بخطأ المتضرر نفسه، كأن يدخل شخص على أسد وهو في حظيرته بغير علم من حارسه فيقتله الأسد، أو يثبت أن الضرر الذي حدث كان بفعل شخص آخر وهو فعل الغير ولا يد له فيه، كأن ينخس شخص دابة عليها راكب بغير علمه فترفس برجلها شخصا كان مارا بجوارها فتكسر له عضوا، فالمسؤولية هنا تقع على الناخس وحده ولا مسؤولية على الراكب كحارس.