البعثة الأممية تقترح آلية لوضع خارطة طريق تقود لتشكيل حكومة جديدة
تقرير – سيد العبيدي
شهدت الأيام الأخيرة مباحثات سياسية مكثفة على مختلف الأصعدة حول الأزمة في ليبيا، بداية من اجتماع “مجموعة العمل” في لندن الأربعاء مرورا بالإحاطة التي قدمتها القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية أمام مجلس الأمن الدولي وصولاً إلى اجتماعات أعضاء مجلسي “النواب والدولة” في مدينة بوزنيقة المغربية.
في ظاهر الأمر تبدو المباحثات وكأنها تريد تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، بهدف الوصول إلى تفاهمات من شأنها إعادة إحياء المسار السياسي في ليبيا من خلال الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة وإجراء الانتخابات العامة في أقرب الآجال، بينما النوايا غير الواضحة للدول المتداخلة في الشأن الليبي تظهر عكس ذلك، مع استمرار رئيس الحكومة منتهية الولاية عبدالحميد الدبيبة في عرقلة أي مسار يخرج ليبيا من أزمتها الراهنة.
إحاطة ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن الدولي
حول ذلك أكدت القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا ستيفاني خوري في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي الاثنين الماضي، أن عقبة الانقسام السياسي باتت تهدد إجراء الانتخابات، بالإضافة إلى تضرر ملف المصالحة الوطنية. وتطرقت كذلك إلى أهمية الاتفاق حول ميزانية موحدة للعام المالي 2025.
وقالت خوري إن الانقسام السياسي في ليبيا يعطل الاستحقاقات الديمقراطية، مشددة على أن الوضع القائم غير مستدام، مشيرة إلى أن أزمة المصرف المركزي كانت تذكيرا بضرورة إنهاء الجمود السياسي، لافتة إلى أن وحدة ليبيا باتت مهددة بفعل استمرار الانقسام السياسي بين الأطراف والجهات الفاعلة في البلاد.
كما أشارت إلى أن إجراء الانتخابات البلدية بعث برسالة مفادها أن الشعب الليبي يتوق إلى ممارسة حقه الديمقراطي، حاثة السلطات الليبية على دعم المرحلة التالية من انتخابات المجالس البلدية.
ونوهت إلى أن المرحلة الثانية من انتخابات المجالس البلدية ستبدأ الشهر المقبل، وحثت السلطات الليبية على دعمها، لاسيما مع توق الليبيين إلى اختيار ممثليهم وفق ما أكدوا عبر انتخابات المرحلة الأولى للمجالس البلدية التي جرى تنظيمها خلال الشهر الماضي.
المصالحة الوطنية في ليبيا تتضرر
كما أشارت إلى أن جهود المصالحة الوطنية في ليبيا تتضرر جراء تنافس المصالح ومحاولات السيطرة على الموارد، مشيرة في هذا السياق إلى اندلاع اشتباكات الزاوية الأحد الماضي، واشتباكات أخرى في الصحراء في التاسع من ديسمبر الجاري.
ولفتت “خوري” إلى أنها قدمت للشعب الليبي خطتها للعملية السياسية، منوهة بأنها ستيسر العملية وفقا لعدة مبادئ أبرزها الوحدة والاستقرار وتوحيد الإنفاق الحكومي، مستعرضة خطتها التي قدمتها إلى الشعب الليبي.
تشكيل حكومة موحدة أولوية
وقالت خوري في إحاطتها إن من بين أولويات العملية السياسية التي كشفت عن تفاصيلها للشعب الليبي تشكيل حكومة موحدة تعمل لصالح جميع الليبيين، منبهة إلى خطورة “الإجراءات الأحادية” التي أدت إلى تأزيم الوضع في ليبيا.
وأضافت أن نجاح العملية السياسية بتيسير الأمم المتحدة يعتمد على الإرادة السياسية والتزام الأطراف الليبية بالإجراءات التي توحد ولا تفرق، مشددة على أهمية توحيد الدعم وتنسيق الدعم من الشركاء الإقليميين والدوليين.
ضرورة الاتفاق على ميزانية موحدة
وحثت القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا القادة الليبيين على ضرورة الاتفاق على ميزانية موحدة لضبط الإنفاق العام خلال السنة المقبلة 2025، مشيرة إلى أن الوضع المحلي الراهن والتطورات الإقليمية يحتمان الوصول إلى تسوية سياسية دائمة في ليبيا.
وقالت ستيفاني خوري إن “المدافع ما زالت صامتة في ليبيا، هناك تغيرات إقليمية ووضع اقتصادي مستمر، لذلك علينا أن نغتنم الفرصة من أجل تحقيق تسوية سياسية دائمة”، منوهة بأن “أعضاء هذا المجلس والأطراف الإقليمية والدولية أمامهم فرصة وعليهم واجب في مساعدة ليبيا لتسوية الخلافات وتوحيد المؤسسات والانتقال إلى حكم ديمقراطي”.
الاتحاد الأوروبي يرحب بمقترح “خوري”
وفي السياق رحَّبت بعثة الاتحاد الأوروبي بمقترح القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية في ليبيا “ستيفاني خوري”، مؤكدة في بيان لها دعم المقترح بالكامل، معتبرة أن إطلاق مبادرة جديدة للأمم المتحدة لإحياء العملية السياسية في ليبيا تعد تطوراً إيجابياً جاء في الوقت المناسب.
ودعا بيان بعثة الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف الليبية والدولية المعنية إلى الانخراط بطريقة هادفة ومسؤولة وبناءة مع الأمم المتحدة وممثلها في ليبيا، مؤكدا أن الالتزام الجماعي بآلية الوساطة الجديدة ضروري لضمان نجاحها.
وجددت بعثة الاتحاد الأوروبي دعمه الراسخ للدور المحوري لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ولعملها من أجل التوصل إلى حل سياسي قائم على حوار شامل بين الليبيين يهدف إلى تجديد شرعية المؤسسات الليبية من خلال إجراء انتخابات وطنية، وفقا للبيان.
الغرب يدعم مقترح بعثة الأمم المتحدة
كما رحبت سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإحاطة التي قدمتها خوري، والتي عرضت خلالها النهج الذي تقترحه بعثة الأمم المتحدة لدفع العملية السياسية في ليبيا إلى الأمام.
وأعربت سفارات الدول الغربية في بيانها عن دعمها القوي للجهود الشاملة التي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق سياسي يعكس مسار التفتت المؤسسي في البلاد، ويساهم في توحيد الحكومة الليبية على نطاق واسع.
كما أكدت على أهمية وضع مسار موثوق نحو انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، حرة ونزيهة، بما يتماشى مع تطلعات الشعب الليبي ووفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي.
وأضافت السفارات أنها على استعداد لبذل كل ما في وسعها لضمان نجاح هذه الجهود، مشيرة إلى أهمية تشجيع جميع الأطراف الليبية على الانخراط في عملية الأمم المتحدة بحسن نية، والتعاون بروح من التسوية السياسية.
كما دعت إلى الامتناع عن أي مبادرات موازية وغير منسقة، قد تضر بالجهود التي تقودها الأمم المتحدة، مشددة على التزامها التام بالحفاظ على استقلال ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها.
اجتماع مجموعة العمل في لندن
والأربعاء احتضنت العاصمة البريطانية لندن، اجتماعاً لمجموعة العمل الدولية الخاصة بليبيا، لمناقشة الوضع الراهن الذي يشهد جمودا سياسيا مستمرا، وذلك بمشاركة “الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا ومصر وتركيا”.
ولم يشارك مع مجموعة العمل الدولية الخاصة، والمؤلفة من 7 دول أي من أطراف النزاع في البلاد، ما أثار تساؤلات بشأن فرص نجاح هذا الاجتماع في التمهيد لخريطة طريق لاستئناف العملية السياسية في ليبيا. وكشف السفير البريطاني في ليبيا، مارتن لونغدن، تفاصيل اجتماع مجموعة الاتصال الدولية P3+2+2 بشأن ليبيا المنعقد في بريطانيا.
وبين أنه أجريت مناقشات قيمة مع الشركاء الدوليين حول كيفية دعم العملية السياسية للأمم المتحدة وتطلعات الليبيين بشكل أفضل.
وأضاف: “رغم التحديات الواضحة فقد شاركنا بتفاؤل حقيقي وقناعة بأن العمل معًا يمكن أن يجعلنا شركاء أفضل لليبيا”.
وذكر أن اجتماع لندن شهد الاتفاق على خطة ستيفاني خوري، لانطلاق حوار سياسي جديد، وتشكيل حكومة مصغرة، بمهام محددة، منها إجراء الانتخابات. وأشار إلى أنه جرى الاتفاق على تشكيل لجنة حوار مصغرة.