وطن واحد وقضية واحدة
بقلم/ محمد علوش
نعيش واقعًا يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم، والشيء الجوهري المطلوب القيام به الآن هو القيام بزمام المبادرة لإصلاح النظام السياسي الفلسطيني، حتى لا تفرض أية أجندات “إصلاحية” خارجية، فالاحتلال الإسرائيلي قام بالتنصل من الاتفاقيات السابقة، وعمليًا يقوم باحتلال قطاع غزة، وضم الضفة الغربية، ورغم الاتفاقيات المجحفة وخاصة اتفاقية “أوسلو” التي وافقت عليها منظمة التحرير والتزمت بها، إلا أنّ حكومة الاحتلال لم تعد ترى هذا الاتفاق أو غيره مقبولًا لها، ولذلك يجب فك الارتباط والعلاقة مع الاحتلال.
وإنّ الهدف المركزي في ظل هذه الظروف والتحديات هو تجسيد الدولة الفلسطينية، ويجب أن يكون هذا الملف وطنيا شاملا، داخل الوطن والشتات، عبر استنهاض الوطنية الفلسطينية، وذلك تحت شعار الدولة الفلسطينية، وهذا يتطلب إنهاء الانقسام، وإتمام ملف المصالحة، وتعزيز الإرادة الوطنية الحرة وامتلاك زمام المبادرة للتحرر من كل الرهانات الخاسرة التي لا يمكن أن تتغير بتغير الإدارات الأمريكية، فالأجندة واحدة.
هناك ركود وجمود في النظام السياسي، وقد آن الأوان لإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية للممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، بإعادة دمقرطة العملية السياسية والنقابية وتفعيل عمل كافة اللجان ودوائر العمل لتنهض بالمهام الموكلة بها لتكون أداة تفعيل حقيقية تعيد الاعتبار لمكانة ودور المنظمة كقائدة لنضال شعبنا ومشروعنا الوطني التحرري.
والحقيقة أننا نشعر بعدم الارتياح تجاه بعض المواقف العربية والإقليمية والدولية، خاصة من خلال طريقة تعاملها مع الوضع الفلسطيني وتدخلها في الشأن الداخلي، ومن هنا نرفض الوصاية الخارجية على الشأن الداخلي الفلسطيني، ونولي كل الاهتمام لاستقلالية القرار الفلسطيني الداخلي والتمسك به، وهذا الحق الثابت لا علاقة له بالتنسيق والعمل المشترك مع الدول العربية، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية على المستوى الدولي، ويتوجب على الفلسطينيين بكافة ألوان طيفهم السياسي الحرص على وحدة منظمة التحرير الفلسطينية والوحدة الداخلية للفصائل الفلسطينية، فالتدخل الخارجي يعيد الفلسطينيين إلى مرحلة الوصاية وهو غير مقبول على الإطلاق.
وهناك ضرورة ملحة بالعمل على تصليب الأوضاع الداخلية الفلسطينية، بما يعزز من صمود أبناء شعبنا، لمواجهة كافة التحديات في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به القضية الفلسطينية، في ظل استمرار الاحتلال بجريمة الحرب والإبادة الجماعية وتنفيذ المخططات الاستعمارية المعادية، وانسداد أفق العملية السياسية وخطط الاحتلال الهادفة لما تسميه حسم الصراع، وتصاعد إجراءاتها أحادية الجانب التي تستهدف الأراضي الفلسطينية، وأهمية مجابهة كافة التحديات التي تواجه شعبنا وقضيتنا الوطنية، ورفع شعارات وطنية عنوانها أنه لا أمن ولا سلام ولا استقرار في المنطقة دون حل القضية الفلسطينية وتقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، فكافة اتفاقيات التطبيع مع دولة الاحتلال لن تحقق أي استقرار في المنطقة، بل تمثل تطبيعًا مجانيا يكافئ الاحتلال، ما يتطلب تعزيز وحدتنا الوطنية البرنامجية في مواجهة هذه الاتفاقيات التي طعنت نضال الشعب الفلسطيني في القلب والخاصرة.
وإن الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام أساس لإعادة ترتيب الوضع الداخلي وتهيئة الظروف في مواجهة التناقض الرئيس مع الاحتلال، واستمرار الانقسام سيبقى ضارًا بقضية شعبنا، وهو ما يتطلب البناء على ما تم الاتفاق عليه في الصين وفق صيغة “إعلان بكين” لاستكمال الحوار الوطني، مع التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد، ورفض شعبنا لأي محاولة للبحث عن بدائل عن المنظمة، ومحاولات زرع بذور الفتنة والعبث بالأمن والاستقرار الداخلي والالتفاف حول وحدة الشعب والقضية والهدف في مواجهة سياسات وإجراءات الاحتلال، وعلى هذا الأساس وكثابت وطني فإن منظمة التحرير الفلسطينية يجب الحفاظ على وحدانية تمثيلها وفق برنامجها السياسي، كما يجب في ذات السياق الحفاظ على السلطة الوطنية الفلسطينية كمنجز وطني تشكل الأساس الذي نبني عليه دولتنا الفلسطينية المستقلة وذات السيادة.
هناك تحديات مصيرية تواجه شعبنا وقضيتنا الوطنية، وهو ما يتطلب توحيد الموقف الفلسطيني للتصدي لسياسات وإجراءات الاحتلال، والعمل على إنهاء الانقسام المدمر وتغليب التناقض الرئيس في مواجهة مخططات وممارسات الاحتلال وإعلاء راية المصالحة الوطنية لبناء نظام سياسي واحد وقانون واحد وسلاح واحد ورؤية وطنية وسياسية واحدة تحافظ على مشروعنا الوطني وتواصل المسيرة نحو حقنا بالدولة والحرية وتقرير المصير، في وطن واحد ومن أجل قضية واحدة.