الوطن والحلم.. رحلة التفوق والإبداع
بقلم/ المهدي الفهري
ما يدفعنا إلى تخطي جدار الخوف والتفوق على أنفسنا هو إدراكنا أن لدينا عقلًا خاليًا من القيود نستطيع استخدامه في مواجهة مخاوفنا وتحقيق جميع النهايات المرجوة، فالخوف إهانة للعقل المبدع الذي يسعى إلى الحرية ومقاومة ما لا يريد، وامتياز السيطرة الحصرية والتلقائية على عقولنا كفيل بالتغلب على تحدياتنا وتخليصنا من العقد المفروضة ذاتيًا التي يحاول البعض تضخيمها في أذهاننا، والسبب الرئيسي للنجاح الذاتي هو غياب الخوف وليس التقدم في التعليم الرسمي فقط، في حين يعزز التمسك بطرح مجموعة من الحقائق والدفاع عنها من ثقة الآخرين في عالم يفتقر إلى الأهلية الأخلاقية لقول الحقيقة وفي ظل انقسام عمودي لأقطاب الأزمة، وهذا لا يعني الدفاع عن الحق خارج قنواته وأصوله، فلكل مسار طرقه وأدواته، وعلينا اختيار الطريقة التي تمكننا من الوصول إلى تحقيق الهدف بأقل ثمن وكلفة، ويفرض علينا أيضًا دراسة ومقارنة الواقع بالواقع والتفريق بينهما دون أن نغفل ونعي بوجود واقع ثالث علينا تلمسه واكتشافه، ما يجعلنا أقرب خطوة للتمييز بين ما هو ممكن وبين ما هو خارج التوقعات.
ورغم كل ما نتخذه من استعداد وحرص فإن المقياس والمعيار الذي نعتمد عليه في كل مرة في قراءة الأحداث قد يخطئ أحيانا ويبتعد عن الدقة وبخاصة عندما يكون المستهدف هو الإنسان أو الأشخاص بمعنى أدق، وتلك مسألة سلوكية وأخلاقية طال ويطول الحديث والاجتهاد بشأنها بين أكبر الفلاسفة والمفكرين وعلماء الاجتماع. وحب الوطن عند البعض غريزة فطرية ونمط ثابت من السلوك ووسيلة بديهية من العمل والتفكير والحرية كذلك، وهذا ما يحتاج إلى قراءة شاملة تقربنا من الفهم الصحيح والعميق لبعض الأفكار وبعض المصطلحات وبما يبعدنا عن الوقوع في لبس سيطرة الأداة والمنهج عن نسق التفكير السليم في وقت تغيرت فيه الوسائل والأدوات وفق تحديات الزمن وعدم الخروج عن المنظومة النصية التي تقودنا إلى إيضاح الحقيقة وتبيانها، فحياة كل شخص تختلف عن الآخر وترتفع قيمتها عندما تعم كل البشر.
إن الحياة ذاتها تستمد سعادتها من سعادة الآخرين، وهكذا هي حياتنا بين حمق وحلم يلفها الغضب والغموض من حين إلى حين ويكسوها ويزينها الحلم والعطاء بعد كل حين، وعلينا أن نختار لأنفسنا المركز الأجمل والأفضل الذي يشبهنا ويناسبنا، وكم هو جميل أن نستثمر في أوقات الرضا والطمأنينة كما يجب، وأن نستشعر بأننا سعداء وألا نستسلم لثقافة الهزيمة وأن تبقى عزيمتنا كما رغبتنا راسخة، فالأعمال العظيمة تستغرق وقتا وصبرا طويلا، وأن نخصص مساحات كافية لاستشعار أنفسنا وتلمس أحاسيسنا، ونحن كلنا ثقة وأمل وتفاؤل في ما هو آت وقادم رغم كل المحن والشدائد والبيع بالمزاد الخفي، فالأمل يخرج من الألم، والإبداع عادة ما يولد من رحم وعمق المعاناة، وأن العقل الإيجابي المتطور نحو مستقبل واعد هو القوة التي لا تقاوم ولا تقهر، وهو الجدير بتحقيق حلم يعانق الوطن ووطن يعانق ويحتضن الجميع.