تطبيق مسؤولية حراسة الأشياء الخطيرة على أضرار تسرب النفط
بقلم/ غادة الصيد
مما لا شك فيه أن قواعد المسؤولية عن حارس الأشياء الخطيرة تجد مجالا خصبا في منازعات تلوث البيئة ومنها منازعات تسرب النفط، ففي أحوال عديدة تكون صور الأضرار بالبيئة ناجمة عن تشغيل الآلات والمعدات ذات الطبيعة الخطيرة، أو تلك التي تحتاج إلى حراسة خاصة، ومن هنا وجدت المسؤولية عن حراسة الأشياء، والتي تقوم على افتراض الخطأ من جانب الحارس افتراضا لا يقبل إثبات العكس، ولا يستطيع حارس الشيء أن يتخلص من المسؤولية بإثبات أنه لم يرتكب خطأ أو أنه قام بما ينبغي عليه من عناية، وإنما لا بد من إثبات السبب الأجنبي.
وقد نصت المادة (181) من القانون المدني الليبي علي ذلك بقولها: (كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسؤولا عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، هذا مع عدم الإخلال بما يرد في ذلك من أحكام خاصة)، وبناء على ذلك تطبق هذه المسؤولية على كثير من مصادر الأضرار البيئية التي تسبب تدهورا أو تلوثا للبيئة في عناصرها المختلفة من التربة والهواء والماء وتطبيق هذا النوع من المسؤولية يكون متجسدا في الأشياء الخطرة مثل النفايات الخطرة التي قد تسبب تلوثا للبيئة من خلال استخدامها استخدامات غير منضبطة بالضوابط القانونية المطلوبة ومخالفة تلك الضوابط قد ينجم عنه أضرار بيئية من غير الممكن تلافيها أو الحد من خطورتها، وقياسا على ذلك يمكن تطبيق هذه المسؤولية عن حراسة الأشياء على النفط، ذلك لأن النفط عند تسربه ينتج عنه أضرار بيئية على التربة والهواء والماء.
إن الأساس في جعل مسؤولية حارس الأشياء الخطرة مسؤولية مفترضة هو في إمكانية السيطرة عليها دون الإضرار بالغير، ومن ثم تكون الحراسة على مصدر المخلفات لا على المخلفات ذاتها، وهذا ينطبق على أنابيب توصيل النفط، فهي مصدر لتسرب النفط، وبالتالي فإن الحارس لها تفترض مسؤوليته عن الأضرار الناتجة عن تسرب النفط من هذه الأنابيب.
كما أنه يتم إبرام اتفاقيات تضمن للدول المنتجة للنفط مرور ما قد تمده من خطوط أنابيب عبر أقاليم دول العبور، كما تضمن تلك الاتفاقيات لشركة البترول الحق في إنشاء وصيانة وتشغيل خط أنابيب أو أكثر، هذا إلى جانب كافة الأعمال التبعية التي قد يقتضيها تشغيل تلك الخطوط، وبالتالي فالشركة لها حق الحراسة والصيانة على هذه الخطوط التي تنقل النفط أو المنتجات النفطية، وهي من الأشياء التي تتطلب حراستها عناية خاصة.
فاذا ما حدث تسرب فمسؤولية الشركة مفترضة على أضرار هذه المواد، والمسؤولية هنا تعتبر مسؤولية مفترضا فيها الخطأ في جانب حارس الشيء افتراضا لا يقبل إثبات العكس، ولا يستطيع المسؤول دفع المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي، وهذا ما استقر عليه القضاء الليبي.
فإذا كان سبب التسرب النفطي من المنشأة النفطية ومنشأة توليد الطاقة وسفن نقل النفط، بسبب خلل في تجهيز الآلات والمعدات مثل مواسير توصيل النفط أو خزانات النفط في المنشأة وصهاريج النفط في السفن، أي خلل في الآلات، فإن الدولة أو الشركات المسؤولة عن هذه الآلات والمعدات، تسأل عن الأضرار التي يتسبب فيها هذا التسرب وفقا لقواعد حراسة الأشياء، فالمسؤولية هنا مسؤولية مفترضة في حق الدولة أو الشركات.