مقالات الرأي

ما بعد دمشق

بقلم/ عبد الله ميلاد المقري

هكذا هي حالة العروبة التي تساق إلى المجهول، فبعد بغداد وطرابلس الغرب وصنعاء تلحق دمشق بما أصاب هذه العواصم من خسارة لشعاع العمل النضالي العروبي وتخسر مركزها الفكري والثقافي والأدبي طيلة هذه الحروب والصراعات الداخلية والمؤامرات الخارجية، ويستهدف مركزها العروبي من قبل المجموعات المنظمة قتاليًّا وإرهابيًّا، فقد تكحلت بالسواد هذا الأسبوع، والدموع تحرق مآقي أهلها ويبكيها العرب والعجم وكل من سكنت روحه في حضنها، فهي العاصمة التي يقصدها كل أطياف العرب من كل المفكرين والفنانين والمؤرخين، وهي تضمهم بعشقها الصوفي وتعطيهم من عبق الشام، فدمشق تستهدف من قبل مجموعات مجرمة دفعت بتدمير ذاكرتها العربية القومية، وهذه المجموعات المسخرة من قبل العدوان التركي بالتخطيط والتنفيذ مع أمريكا والعدو الصهيوني.

وبسقوط دمشق تكون الكارثة محقة فعلا وتفتح الطريق للعدو الصهيوني الذي أصبح يدمر كل مواقع مقاومته ويحرق الأرض ليصل إلى مبتغاه في انطلاق مشروع نتنياهو الشرق الأوسط الجديد الذي يحقق حلم الصهيونية من الفرات إلى النيل، وبذلك ستفقد القوة القومية مجابهة الصلف والغرور الصهيوني، وما كان هذا ليحدث لولا تآمر قيادات عربية وانحرافها عن دورها العروبي وانحيازها للتبعية الأمريكية المساندة للعدو الصهيوني، فالمشروع العربي المقاوم للعدو الصهيوني للأسف اليوم تنكسر إرادة شعبه وتموت النخوة النضالية التحررية في مركز قياداته، ولا يعني ذلك القبول بالأخطاء المنحرفة التي ترتكب في إدارة الدولة الوطنية وتغييب الجماهير العربية عن اختياراتها وانحياز قادة الخليج إلى مشروع الدولة اليهودية من نافذة التطبيع، بالتنسيق مع العدو الإقليمي التاريخيّ الذي تقوده تركيا أردوغان بحلمه في إعادة الإمبراطورية العثمانية على قتل القومية العربية وقضيتها المركزية فلسطين العربية، وكان الزعيم جمال عبد الناصر قد نبه إلى أن تركيا سيأتي زمان تقوم بالتحالف مع العدو الصهيوني في استهداف الوطن العربي واحتلال المشرق العربي، ولن تتوقف على أعتاب بغداد حيث تقوم اليوم منظومة الجيش الصهيوني بتدمير سوريا والانطلاق من جبل الشيخ ومرتفعات الجولان والاتجاه شرقا بعدما يتم قضم لبنان ومشيخات الخليج العربي، وهو ما يحققه المشروع الصهيوني التركي الإخواني الذي أصبح يهدد كيان الأمة العربية بالقضاء على روح المقاومة العربية لهذا الكيان الاستعماري المغتصب لفلسطين العربية وهو يتوسع بدعم أمريكي وتركي وغربي استعماري.

زر الذهاب إلى الأعلى