المصالحة الوطنية والسلام المستدام
بقلم/ سالم أبو خزام
من أكثر العناوين إثارة لدى الليبيين وهو مؤدٍ إلى تنافس غير حميد لمحاولة استغلاله سياسيا، إلا أن ما عقد ببنغازي خلال الفترات الأخيرة أظنه أفضل الخطوات نحو المصالحة، تحت عنوان المصالحة الوطنية والسلام المستدام، هذا المشروع نفذ بجدية تامة وأظنه قد تجاوز الجميع ونجح للأسباب التالية:
- أعد هذا العمل بواسطة نخبة متميزة من الأكاديميين والسياسيين ومثقفين ليبيين لا شأن لهم أبدا بكل الصراعات السياسية في ليبيا.
- تم دراسة الموضوع بشكل فائق من قبل مكونات مجتمعية عريضة وبوقت كاف، حيث استمرت هذه المرحلة أكثر من عام كامل.
- تم دراسة هذا الموضوع لدى مجتمعات أخرى خارجية كجنوب أفريقيا مثلا، وألحقت بصميم العمل، مع الأخذ في الاعتبار خصوصيات المجتمع الليبي.
- انطلق هذا المشروع من المناطق الجنوبية (براك الشاطئ) وتلك مناطق عرفت بحيادها التام وعدم انخراطها بأية صراعات سياسية أبدا.
شارك في إعداد المشروع عدد من الأساتذة والبحاث من مختلف الجامعات الليبية المرموقة، ومنها: جامعة بنغازي، جامعة مصراته، جامعة طرابلس، وجامعة سبها، ثم خضع المشروع إلى التدقيق والمراجعة وقدم إلى مجلس النواب وتم قبوله، لكن قبل ذلك قدم ملخص الموضوع موجزا جدا إلى المجلس الرئاسي بمعرفة الأساتذة: محمود أبو شيمة، وآسيا الشويهدي، ولم يلاق أي اهتمام!
عليه استقبل المشروع مجلس النواب، واتخذت إجراءات البداية وهي:
- عقدت ورشة عمل متخصصة من الأساتذة وجملة من البحاث وعدد من المثقفين من مختلف مناطق البلاد وبكامل تنوعها، الورشة اهتمت بمشروع القانون وسجلت حوله عدة ملاحظات من مختصين ومهتمين ولأكثر من جلسة، وتقرر إحالة المشروع بكامله إلى كليات القانون الليبية لوضع اللمسات المهمة من قبل أهل الاختصاص والتأكد من صحته وسلامته.
- التأم بعد ذلك بقاعة مجلس النواب ببنغازي عدد من مكونات المجتمع الليبي وممثلين عن تلك القبائل ليشهدوا على وثيقة المسؤولية التاريخية بشأن المصالحة الوطنية والسلام المستدام ويدشنوها بالإجماع، ومن كل الوطن وبالكامل، شرقا، وغربا، وجنوبا.
أثناء التدشين ألقي عدد من الكلمات من كل أنحاء ليبيا، موجزها الإشادة بالعمل، حضرها مسؤولون رفيعو المستوى، وتم الاتفاق صراحة ومن مبدأ الحياد التام في مسألة المصالحة الوطنية والسلام المستدام على عقد ملتقيين الأول بسبها والثاني بطرابلس، ليصبح مجموع الملتقيات للغرض ثلاثة موزعة كالتالي: الشرق بمدينة بنغازي، الجنوب بمدينة سبها، والغرب بمدينة طرابلس، لأجل أن يشهد الوطن نفسه على سلامة خطى المصالحة الوطنية والسلام المستدام، شرقا، وغربا، وجنوبا.
أشير إلى أن مجلس النواب وبمدينة بنغازي قد تولى إصدار قرار يتضمن أسماء رئيس وأعضاء اللجنة التحضيرية الدائمة لهذا الغرض، والمزمع متابعتها لأنشطتها المتعددة، وسيتم اختيار هيئة للمصالحة الوطنية، يرجح أن تراعي أبرز النقاط وأهمها:
- أن يكون رئيس وأعضاء الهيئة أغلبهم من القانونيين والمتقاعدين من سلك القضاء وكبار المثقفين.
- أن يتميزوا بالحياد التام والكامل لأجل نجاح العمل وألا يكونوا ممن انخرط في أية صراعات سابقة نهائيا.
- أن يتميزوا بالحكمة والنزاهة، ومشهود لهم بذلك.
- يفضل من عمل بالمصالحات المحلية بالوطن وكون خبرات محترمة وكفاءة.
هذا المشروع الذي يأتي موجزه وملخصه في زهاء 60 صفحة، لا يحتاج إلا من يجيد فهمه وتحليله على أرض الواقع، لأن ليبيا وبمنطلقات هذا العمل الشاق والمضني ستتحول إلى دولة من مصاف دول العالم المحترمة، لينتهي الصراع نهائيا ونبدأ صفحات جديدة تقوم على الاحترام، وإذا كان ثمة ما يجب أن يقال فإن أصدق القول هو البدايات المثلى لهذا المشروع في ظل سلطة واحدة وحكومة واحدة ورئاسة واحدة، وتراب واحد، لانتهاء كل مظاهر الفساد المالي والأمني، حينها سيكون للمصالحة معنى وهي بالفعل حجر الزاوية وأساسه لإعادة بناء وطن يتساوى فيه كل المواطنين وجميعهم!