سقوط سوريا في يد جماعات مسلحة مدعومة من تركيا والكيان وأمريكا
متابعات – الموقف الليبي
بعد فشل العدو الصهيوني في حربه على المقاومة الفلسطينية واللبنانية حقق اختراقًا مهمًا بإسقاط حصن من حصون المواجهة العربية “دمشق” وتسليمها إلى الإرهابيين المدعومين من الأمريكان، بعد نحو 14 عامًا من الصمود والمقاومة، بينما تترقب الشعوب العربية وتنتظر على من سيأتي الدور القادم من البلدان العربية التي مزقتها الفرقة والتشرذم والخيانات لصالح المشروع الصهيوني في المنطقة.
بعد نحو أحد عشر يومًا فقط سقطت سوريا في يد التنظيمات المتطرفة دون قتال بعد أن خذلها الجميع لتدخل سيناريو جديدًا من الفوضى مروراً إلى التقسيم وضياع مقدرات الشعب الذي خدع من قبل النظام التركي وألقى سلاحه ولم يواجه الجماعات المسلحة التي كانت بالأمس القريب تقطع رؤوس العرب والمسلمين في سوريا والعراق وتنتهك الحرمات تحت عناوين متشابهة صنعها الغرب وسميت “تنظيم القاعدة ـ داعش” وغيرها بدلًا من قتال الصهاينة.
يتوقع أن يؤدي سقوط النظام السوري إلى تفكك الدولة السورية بشكل أكبر، مع تصاعد النزاعات المحلية بين الفصائل المتنافسة على السلطة والمناطق الحيوية، وقد يؤدي هذا التفكك إلى ظهور مناطق نفوذ جديدة للفصائل المسلحة، سواء أكانت كردية أم درزية أم سنية أم شيعية، ما يزيد من تعميق الهوة بين الطوائف.
وبحسب مراقبين قد تشهد المنطقة تصعيدًا للأزمات الطائفية التي قد تمتد إلى البلدان المجاورة مثل لبنان والعراق، وفي العراق، على سبيل المثال، يمكن أن تستفيد تنظيمات مثل “داعش” وتنظيم “القاعدة” من الفراغ الأمني الناتج عن سقوط النظام السوري لتوسيع نشاطاتها، ما يعيد إشعال الصراعات في بلاد مهدَّمة بالفعل.
أزمة اللاجئين والتحديات الإنسانية
أدت الحرب السورية إلى نزوح أكثر من 12 مليون شخص، بما في ذلك نحو 6 ملايين لاجئ، ما جعل سوريا واحدة من أكبر مصادر اللجوء في العصر الحديث، ومع انهيار النظام، من المتوقع أن يتفاقم وضع اللاجئين السوريين، بحيث قد يواجهون المزيد من صعوبات العودة إلى ديارهم في ظل غياب الاستقرار وسيطرة القوى المختلفة على الأرض.
ستطال الأزمة الإنسانية في سوريا الدول المجاورة بشكل كبير، خاصة تركيا والأردن والعراق ولبنان، التي تحمل العبء الأكبر من اللاجئين، وهذه الدول ستضطر إلى التعامل مع تدفق مستمر للاجئين والمجتمعات المتصدعة، ما سيؤدي إلى تحديات اجتماعية واقتصادية هائلة، وتزايد الضغط على الأنظمة السياسية في هذه البلدان، وقد تتصاعد الاحتجاجات والاضطرابات الاجتماعية داخل هذه الدول مع تزايد الاستياء من الأوضاع المعيشية المتدهورة.
حكومة الأسد تدعو إلى الحفاظ على وحدة سوريا
وفي ضوء الأحداث طالب رئيس الوزراء السوري محمد غازي الجلالي، الأحد، السوريين بعدم المساس بالأملاك عامة، قائلًا: “لا أنوي مغادرة منزلي إلَّا بصورة سلمية، بحيث أضمن استمرار المؤسسات العامة ومرافق الدولة، وإشاعة الأمان والاطمئنان للمواطنين وأتمنى على الجميع أن يفكروا بعقلانية”.
وقال إن حكومته “مستعدة للتعاون مع أي قيادة جديدة يختارها الشعب السوري”، مؤكدًا أنها “ستقدم كل التسهيلات وتنقل الملفات الحكومية بشكل سلس ومنهجي بما يحفظ مرافق الدولة”.
وأضاف الجلالي في كلمة متلفزة: “سأظل في منزلي ولن أغادره، وذلك بسبب انتمائي لهذا البلد وعدم معرفتي لبلد آخر غيره وطنًا”، متابعًا: “في هذه الساعات التي يشعر فيها الناس بالقلق والخوف، وحرصًا على المرافق العامة للدولة التي هي ليست ملكًا لأحد، إنما هي ملك لكافة السوريين، فإننا نمد يدنا إلى كل مواطن سوري حريص على مقدرات سوريا، وذلك للحفاظ على مقدراته”.
الاحتلال الصهيوني يستغل الفرصة
على الفور استغل الكيان الصهيوني حالة الفوضى التي أعقبت سقوط النظام السوري وقام بالتقدم عبر السياج، في الجولان المحتل إلى المنطقة العازلة لتحسين الدفاع، كما واصل حفر خندق على طول خط وقف إطلاق النار مع سوريا، بحسب إذاعة الجيش.
وأعلنت إذاعة الجيش الصهيوني، عن تقييد حركة المرور في الجولان المحتل، واعتبار جميع الأراضي الزراعية المحاذية للشريط الحدودي مع سوريا مناطق عسكرية مغلقة، يمنع على المزارعين دخولها، وفقا لقناة روسيا اليوم.
أزمة نزوح جديدة مع سيطرة المسلحين على دمشق
من جهتها أعلنت الأمم المتحدة أن تقديرات مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية تشير إلى نزوح ما لا يقل عن نصف مليون رجل وامرأة وطفل، منذ تصعيد الأعمال العدائية في سوريا، بما في ذلك 100 ألف شخص تركوا منازلهم أكثر من مرة.
وذكر المتحدث الرسمي باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك، في تصريحات السبت أن معظم النازحين من النساء والأطفال، منوهًا بأن عشرات الآلاف من الأشخاص وصلوا الآن إلى شمال شرق سوريا.
وأشار إلى تقديرات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات غير الحكومية العاملة في شمال شرق سوريا التي تشير أيضًا إلى نزوح ما بين 60 ألفًا و80 ألف إنسان حديثًا، بما في ذلك أكثر من 25 ألفًا تتم استضافتهم حاليًا في الملاجئ.
ونوه بأن الملاجئ تمتلئ بالنازحين بمجرد تخصيصها، لا سيما أن النازحين ينامون في الشوارع أو في سياراتهم في ظل درجات الحرارة المنخفضة مع بداية فصل الشتاء، كما أعلن مكتب الأمم المتحدة في سوريا إجلاء الموظفين غير الضروريين في سوريا، وأنها مصممة على البقاء في سوريا وتقديم كافة خدماتها للشعب السوري في هذا الظرف العصيب.
ردود الفعل الدولية حول سيطرة الإرهاب على سوريا
وحول ذلك توالت ردود الفعل الإقليمية والدولية التي رصدتها صحيفة “الموقف الليبي” حول الأوضاع في سوريا، بعد سقوط النظام السوري، وأجمعت على تأكيد “القلق” من تداعيات الأزمة، وسط تحذيرات أممية من “العواقب السلبية المترتبة عليها”، في وقت تواصل فيه دول الجوار السوري الاتصالات فيما بينها لبحث تطورات الموقف.
الصين: نأمل أن تستعيد سوريا استقرارها
أعربت الصين، الأحد، عن أملها في أن تستعيد سوريا “الاستقرار في أسرع وقت ممكن”، بعد إعلان فصائل مسلحة دخول قواتها دمشق ومغادرة الرئيس بشار الأسد البلاد.
وأفادت وزارة الخارجية الصينية في بيان بأن بكين “تتابع عن كثب تطور الوضع في سوريا، وتأمل أن تستعيد سوريا الاستقرار في أسرع وقت ممكن”.
وأشارت إلى أن “حكومة الصين ساعدت مواطنين صينيين كانوا يريدون مغادرة سوريا بطريقة آمنة ومنظمة، وحافظت على الاتصال مع المواطنين الصينيين الذين بقوا في سوريا”.
وأضافت “ندعو الأطراف السورية المعنية إلى اتخاذ إجراءات عملية لضمان سلامة المؤسسات والأفراد الصينيين في سوريا”.
الإرهاب مصدر أساسي للقلق اليوم في سوريا
من جهته قال الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، إن مبعث القلق الرئيسي في سوريا هو التطرف والإرهاب.
وأضاف قرقاش: “الأدوار الدفاعية والعسكرية ينبغي ألا تكون تحت سيطرة الجماعات المسلحة، يجب عدم السماح للأطراف غير الحكومية باستغلال الفراغ السياسي”.
وأكد أن الأحداث الجارية في سوريا مؤشر على الفشل السياسي، مشيرا إلى أن آخر 24 ساعة أظهرت أن المنطقة لا تزال تمر بأوقات عصيبة ومتوترة. وتابع: “علينا أن ننتظر ونرى ما سيحدث في سوريا بعد ذلك، الحل هو دولة يمكن الوثوق بها”.
ولفت المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى أن مصدر الخوف الرئيسي هو سلامة أراضي سوريا التي لا تزال تحت التهديد.
وقال قرقاش إن “تفكير الردع الإيراني تحطم بسبب الأحداث في غزة ولبنان وسوريا، لكن إيران لا تزال طرفًا مهمًّا بالمنطقة”. وتابع: “علينا أن نستغل هذه اللحظة للتحدث مع إيران بشأن المنطقة”، مشيرًا إلى أن الصورة في ما يتعلق بسلامة أراضي سوريا لا تزال “ضبابية” للغاية.
السيناريو الليبي في سوريا
وتكهن سالم المسلط، معارض سوري سبق وحضر محادثات السلام عام 2015 في جنيف، بوضع خارطة طريق سياسية محتملة بعد رحيل نظام الرئيس بشار الأسد وسيطرة الجماعات المسلحة على سوريا.
وسالم المسلط هو الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وهي مجموعة من فصائل المعارضة التي اجتمعت معًا بهدف الإطاحة بنظام الأسد.
وقال لشبكة CNN إنه سيكون هناك أولًا انسحاب لجميع الفصائل المسلحة خارج المدن ولن تكون هناك سوى الشرطة المدنية.
وأضاف المسلط، الذي كان أيضًا رئيس الحكومة السورية المؤقتة، لشبكة CNN، إن الخطة ستكون “العمل الجاد على الحفاظ على جميع مؤسسات الدولة وحمايتها” وإبقاء جميع الموظفين في مناصبهم.
وواصل، سيتم تشكيل هيئة انتقالية لتتولى القيادة لمدة تتراوح بين ستة وتسعة أشهر، تليها انتخابات لبرلمان جديد وقيادة مدنية.
ملامح المرحلة الانتقالية
شدد مدير مركز صقر للدراسات الاستراتيجية مهند عزاوي على أهمية رسم خارطة طريق تتضمن تنسيقًا عربيًّا ودوليًّا لدعم سوريا.
وقال عزاوي: “القرار العربي أصبح أكثر استعدادًا لدعم استقرار سوريا، شرط التوافق على مشروع سياسي يحقق تطلعات الشعب السوري”.
ومع ذلك، أشار إلى تحديات كبيرة تتعلق بقدرة المعارضة على التوحد وتقديم قيادة موحدة للمفاوضات مع المجتمع الدولي.
في السياق ذاته، رأى العسكري السوري المتقاعد الذي يدعم المعارضة أسعد الزعبي، أن المرحلة المقبلة يجب أن تركز على ضبط السلاح داخل سوريا.
وقال: “الالتزام الوطني بين الفصائل المسلحة يعكس وعيًا عميقًا بمصلحة الوطن، وهو ما يجب البناء عليه لتجنب صراعات داخلية في المستقبل”.
ويرى المحلل السياسي عادل محمود أن المعارضة السورية الحالية تتسم بتعدد الأطياف بين الفصائل المسلحة ذات المرجعيات الإسلامية والأيدولوجية، إلى جانب القوى السياسية الليبرالية، وهذا التنوع، يمثل “تحديا للوصول إلى توافق حول شكل الدولة المقبلة”.
وأضاف: “من المرجح أن يتم تشكيل مجلس عسكري مؤقت لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، لكن يبقى السؤال حول طبيعة النظام المستقبلي”.