سوريا في قبضة الظلاميين
بقلم/ ناصر سعيد
قادت سوريا عبر عشرات السنين المشروع العربي للمقاومة والممانعة في مواجهة المخطط الصهيوني الغربي الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية وقيام شرق أوسط جديد، بقيادة الكيان الصهيوني، وبسقوط دمشق يوم الأحد، 8 ديسمبر 2024، تفتح الأبواب على مصاريعها لوضع هذا المخطط موضع التنفيذ بدعم من الإمبريالية العالمية والوكلاء الإقليميين.
ورغم الأهداف المعلنة للنظام التركي الأردوغاني المتمثلة في إعادة اللاجئين السوريين لتخفيف وطأة الأمر عليه فيما يتعلق بالسياسة الداخلية، واستخدام المهاجمين المرتزقة في محاربة مسلحي وحدات حماية الشعب الكردي من غرب الفرات على طول الحدود التركية فإن تلك الذرائع لا تخدم إلا مصلحة الكيان الصهيوني في محاصرة جبهة المقاومة وقطع الإمدادات والدعم المعنوي والأمني عبر سوريا.
سوريا آخر معقل عروبي قومي للمقاومة والممانعة، سقوطها كان قرارًا غربيًّا صهيونيًّا مدعومًا بالعتاد والطيران الحربي والمسير والقوات الخاصة الأمريكية مصحوبًا بحملة إعلام مضلل وتشويش على الاتصالات وإطلاق المجموعات الظلامية والمرتزقة التي يرعاها التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، ويتزعمها الرئيس التركي أردوغان.
إن تدمير وتقسيم سوريا ستكون له تداعيات خطيرة ونتائج وخيمة في المنطقة لعقود طويلة، وعندها سوف يصبح الكيان سيد الموقف، فلن تكتفي إسرائيل بالجولان، وسيتمدد التغول التركي لاحتلال أجزاء من الأراضي السورية وضمها إلى تركيا باسم محاربة الأكراد وحل مشاكلها الاقتصادية المزمنة.
إن ما جرى في سوريا يمكن أن يُنقل إلى ليبيا في أي لحظة فهو نفس الوضع تقريبًا ونفس الأطراف.. فلا ثقة في الأطراف الدولية الغربية، وأن حالة الجمود وإبقاء الأوضاع كما هي، هو أسوأ حال ومبتغى يتيح للخصم تجهيز نفسه ليسدد ضربة قاضية لا رحمة فيها.
المنطقة العربية والشرق أوسطية تحديدًا مقبلة على وضع تراجيدي مؤلم، والإرهاب هو من سيسيطر على مقاليد الحكم والموارد، وسيخلق مناخًا من الفوضى يُمكِّن الغرب من إدارة المشهد كما يريد، مما يُحتِّم على كل القوى الوطنية التي تؤمن بوحدة ليبيا وتنبذ الإرهاب وترفض التدخل الخارجي أن تتسامى فوق جراحها وتتناسى اختلافاتها قبل فوات الأوان، وإلا على ليبيا السلام وعلى العرب في شمال إفريقيا السلام وعلى الإسلام الحقيقي السلام وعلى ثروة وسيادة ليبيا السلام.