ثقافة الصمت
بقلم/ ناجية الصغير
يقولون إن كان الكلام من ذهب فالسكوت من فضة، ولكن عن أي صمت يا ترى يتحدثون؟ فالصمت أنواع كثيرة، منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي، والسلبي منها لو نوعان سلبي بضرر بسيط وسلبي بضرر كبير عميق، وحين نرى من حولنا نجد أن كل الأنواع ماثلة حاضرة وكلها تزدحم بالصفعات، فكل صمت عن حق هو موت من نوع مختلف، وكل صمت عن نصيحة هو ضمور بالروابط، وكل صمت عن الخطأ يجعله يتمدد ويسيطر حتى يكون الصواب ضئيلًا وربما تلاشى.
الصمت في مواضع الصمت حكمة، والصمت في مواضع القول خسة، وبين حكمته وخسته يقف كثر تائهين، فمن يجيد خوارزمية التقويم حتى يعالج صمت الصواب ليتذكر الخطأ أنه موجود.
الخلل في دائرة العلاقات الاجتماعية سببه السكوت عن التصويب من بداية الانحناء أو الاعوجاج فيها بحيث تتراكم العثرات وتستمر لتكون عقدا بحبال الوصل لا تمرر حتى الزلات الصغيرة ويقف الجميع على ذات الخط عاجزين عن الاقتراب، الخوف والحذر رفيقهم والاكتفاء بالمشاهدة أعمق أفعالهم، ويستمر مسلسل القطيعة والمجاملات، وفي كل حلقة يكون هناك سيناريو مختلف وأبطال مختلفون يتلاحقون مع تلاحق الأيام والأحداث والأخطاء ويبقى الصمت سيد الموقف وفيصل السلامة في عالم بات طابعه مقاطعة وعزلة.