تحت ظلال الحلم!

بقلم/ فرج بوخروبة
منذ أن وجدت الحياة في هذه الدنيا العظيمة، وجد الإنسان مكابدًا أمام قهر الطبيعة البشرية التي لا تعترف إلا بالقوي، مما جعل الإنسان أكثر قدرة وقوة وصلابة على أن يتعايش مع نفسه وهذا الكون القاسي ويطوعه كرهًا لرغباته حتى يتغلب عليه في حياته اليومية دون أي قيود تكبله وتخلق منه شيئا جامدًا دون أي مشاعر وأحاسيس وفق قوانين الطبيعة ووحشيتها، غير أن الإنسان هو ذاته الإنسان الذي يعيش حياة مستقرة بعد تطويع الطبيعة لخدمته في شؤون ومقتضيات حاجاته المادية والاجتماعية والنفسية، حتى تكونت التجمعات البشرية بداية ما بعد التكوين البشري، وتدرجت من الناحية الاجتماعية إلى التطور الذي حدث منذ القدم وحتى الآن، حيث أصبحت المجتمعات الحديثة أكثر كثافة ما زاد من مستوى التطور الذي شهدته المجتمعات البشرية، وأصبحت أكثر عرضة للخطر الوجودي، بسبب عدم المساواة بين الناس في ظل الظروف الحالية والمستقبلية التي تعيشها سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، فهاجس الخوف والقلق من مواجهة تحديات الحياة العامة وما يترتب عليه من عواقب وخيمة على الصحة والبيئة والمناخ والسلامة من الأمراض والأزمات والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية التي تهدد كيانه البيئي، حيث صيرورة الحياة وتمكن الذين يمتلكون القدرة والإرادة للتمعن في قهرهم ظلمًا وعدوانا، لكي يتمكنوا منهم ومن السيطرة عليهم، حتى يذعنوا لسلوكهم وجبروتهم والتعايش معها تحت وطأة الفقر والجوع والحرمان، تارة باسم الدين بموروث بالٍ، وتارة باسم الديمقراطية المزيفة وأخرى بتعرض إلى العنف والاستعباد تحت وطأة الطغاة والدكتاتورية، في المقابل تجد هذا الإنسان المقهور والذي لا حول له ولا قوة إلا بالالتحاق إلى ركبهم منساقا إلى رغباتهم الدنيوية دون أن يحرك ساكنًا أو عائقا أمام السطوة والقوة الجاثمة على صدورهم لسلب الحق والإرادة، ومن خلال ما تقدم يحق لكل إنسان الحلم بأن يعيش حياة كريمة دون معاناة أو تعب كحق يكفله له القانون كشريك في هذا الوطن العزيز، والذي له هو الآخر الحق في حمايته والذود عنه كلما تعرض لغزو خارجي! والحلم قد يكون بسبب سوء الأحوال الاقتصادية أو السياسية، والتي قد تؤدي إلى ضياع حقوقه المشروعة، ومن الحلم في الواقع أن هناك الكثير من الأمور المهمة التي يمكن أن تتحقق واقعًا ملموسًا بالنسبة لنا، وعلى المجتمع أن يتكفل بها والتي تتركز بشكل أساسي على: تعزيز العدالة والمساواة، حماية الحقوق الفردية والمجتمعية، تعزيز النظام والاستقرار، فرص مهنية واسعة، تنمية التفكير النقدي والتحليلي، المساهمة في التنمية الاجتماعية، التأثير في القرارات والسياسات العامة، وتعزيز المسؤولية الشخصية والاجتماعية.
وكل هذه الأحلام والتي من المفترض أن تكون مطالب وحقوقا مكتسبة يتضمنها دستور شامل لكل القوانين القاضية بأحقية الحكم في الدولة المدنية وبعقد اجتماعي ضامن للحقوق والحريات العامة والواجبات حتى يستقيم العود ويتحقق الحلم والطموح لنصبح شعبا واحدا في وطن يتسع للجميع تحت راية الدولة الوطنية الواحدة، فهل الحلم يتحول إلى حقيقة، أم هي أضغاث أحلام انعكاسًا لما يضمره العقل الجمعي؟!