واقترب حلم صهيون
بقلم/ عفاف الفرجاني
“الأسد يلعب بالنار”.. هكذا صرح الصهيوني نتنياهو، ليستنفر بعدها الخونة والعملاء من جحورهم ليقاتلوا النظام، بدعم صهيوني أمريكي تركي، المؤامرة الإقليمية ضد سوريا ورئيسها بشار الأسد الغرض منها استكمال المخطط الصهيوني في إقامة دولة إسرائيل، ونجحوا اليوم في إسقاط النظام في دمشق.
الكارثي أن هناك دولا عربية وإسلامية متورطة في تدمير سوريا والمنطقة بالكامل بحجة دفاعها عن الحريات والديمقراطية وحقوق الشعوب، هذه الحرب القذرة التي استمرَّت لأكثر من أربع عشرة سنة بين كر وفر، بين الشرعية المتمثلة في الشعب والحكومة وبين مرتزقة وعملاء وحاقدين ما يعرفون (بالجيش الحر والنصرة وهيئة تحرير الشام وقوات حماية الشعب الكردي والدواعش والقاعدة وغيرهم) الممولين من أمريكا وإسرائيل، عادوا ليعود شبح الحرب والدمار إلى الواجهة بعد هدوء دام لأكثر من خمس سنوات.
حدث هذا بعد حالة الفراغ الأمني والسياسي وانشغال المساند الأول حزب الله في الحرب الصهيونية على لبنان، بالإضافة إلى خوف الصهاينة من التعاون الإيراني الـروسي الأخير في المنطقة باعتبارهم القوة العسكرية الوحيدة التي تشكل خطرًا كبيرًا على الكيان الصهيوني وأمريكا. أيضًا بعد كسر شوكة جماعة أنصار الله اليمنية في المنطقة من خلال وكالة صهيونية لدول جارة.
ما يحدث اليوم في سوريا وفلسطين ولبنان من قبل الإرهابيين المرتزقة المدعومين من الدول العظمى وإسرائيل ما هو إلا تمهيد لرسم خارطة جديدة للمنطقة تكون فيها إسرائيل الحاكمة.
الوضع العربي الراهن يعيش تفككا سياسيا وانهيارا أمنيا، عمل عليه لفترة طويلة من قبل الراعي الرسمي إسرائيل وحليفتها أمريكا.
لم تعد هناك منطقة عربية آمنة، حتى التي في منأى عن الحروب تعاني الأزمات الاقتصادية والمالية، والتي نجت من الاثنين، تمارس عليها إملاءات خارجية لتعيش التطبيع الناعم المعلن، في هذه الأيام ليبيا الحاضرة الغائبة تشرَّح على طاولة المفاوضات بلندن في حضور العالم العربي والدولي، وشعبها يعيش الانقسام والتشرذم.
مصر تعاني حربًا اقتصادية في قوت حياتها من خلال مؤامرة صندوق النقد الدولي، على الرغم أن مصر التزمت بكل الشروط المطلوبة منها وأولها تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات المحلية، إلا أن الصندوق يتخبط وفي انتظار القشة التي ستقصم ظهر مصر لتتمكن منها أمريكا وإسرائيل لتؤلب ضدها نفاياتها من المرتزقة، إلا أن البنك المركزي ووزارة المالية كانوا قادرين على إجهاض المؤامرة.
تونس هي أيضًا اقتصادها اليوم شبه متوقف ونموه قائم على الاستهلاك، ويعاني تضخمًا على مستويات مرتفعة، فتونس مطالبة بتسديد ما بين 7 و8 مليارات دينار (2.5 مليار دولار) قبل نهاية 2024.
المغرب أيضًا في تراجع كبير لشعبية الملك. في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ المغرب المعاصر تصرح الجماهير وعبر مظاهرات شعبية تعرب عن انتقادها للملك، ممتعضين من غيابه في المشهد السياسي وسلبيته في عدم التدخُّل لكبح الأزمة الاقتصادية بالداخل المتسببة فيها الحكومة، معلقين “الملك طيِّب، والطبقة السياسية سيّئة” وهذا يفقد فاعليته في تسيير البلاد، وهذا ما يريده الأعداء المتمكنون من السلطة.
أما الدول العربية الأخرى التي تعيش في العالم الموازي لنا فقد تم استلابها فكريًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا، ولا تحتاج إلى حروب لإعادة رسم سياسة الكيان الصهيوني والأمريكي معها، فكل ما تملكه في قبضة أسيادها حتى مناهجهم التعليمية تسير وفق إرادة الثالوث الشيطاني.
فلسطين ولبنان تنامان وتصحوان على قنابل العدو الصهيوني، وسوريا تسقط في يد الاحتلال الإرهابي.
من هنا حدث استقطاب جديد بين الأنظمة العربية فيما بينها، وأصبح هناك تباين، فهناك من ترى أن السلام خطوة مهمة للاستقرار في ظل انعدام توازن القوى والانبطاح لإرادة القوى العظمى والأخرى لا تقبل التسوية ولو كلفها ذلك حياة أبنائها، وبين ذاك وذاك مؤامرة مستمرة.