التغيير طريق للحرية والتطوير
بقلم/ المهدي الفهري
تغيير نظرتنا للحياة في كل الظروف الصعبة يعتمد على مدى وعينا وعمق تفكيرنا وإدراكنا أن فكرنا هو الشيء الوحيد الذي نمتلك حق استخدامه والسيطرة عليه بالكامل، وإن أي إخفاق أو تقصير في استخدامنا لذلك الحق سيقودنا حتما إلى فشل ذريع يصعب تفاديه وتجاوزه، فالذي لا يمتلك القدرة على التحكم في سلوكه ولا يتصف بالمرونة الفكرية، سيجد صعوبة في التواصل والتعامل مع الآخرين، وسيفتقر إلى القدرة على التغيير ويصطدم بالكثير من الصعاب ولا يستطيع الحفاظ على التقدم ومجابهة تحديات الحياة، وإذا كان الهدف من التعليم هو الحصول على المعرفة والمساهمة في بناء عقل فطن ومتطور لتحقيق أهداف التنمية وفي كل المجالات لدفع الفرد إلى بدء النمو والتطور من الداخل فإن الغرض من التغيير هو توسيع نطاق المعرفة لتشمل التغيرات المستمرة في الأفكار التي تؤدي بدورها إلى تمدد دائرة الأفق وتعميق مستوى الفهم لفهم أنفسنا والعالم بشكل أوضح وأكثر واقعية وبما يساعدنا في حل مشاكلنا بكل ثقة وثبات ويمدنا بالقدرة على التناغم مع المتغيرات المحيطة.
والاعتراف بأن قانون التغيير هو أداة للتقدم البشري ومنهج يسهم في تطور ورقي المجتمع يجعلنا نُقر بأن التغيير هو أحد القوانين الطبيعية الأساسية التي بنيت عليها حضارة الإنسان، وإن أغلب الإخفاقات الشخصية عادة ما تأتي من عدم التكيف مع التفكير العميق للعقل البشري والقدرة على التطوير، وهو أيضا سنة من سنن الحياة وناموس من نواميسها وتاريخ البشرية في مجمله وعمومه وفي جميع مراحله حافل وشاهد على التغيير الدائم وما يصاحبه من تغير وتبدل لمظاهر الحياة في جميع صورها وتنوعها، وهذا ما يميز الإنسان عن غيره من سائر الكائنات الحية الأخرى التي تظل تراوح في مكانها ولا ترتقي أبدًا، بل لعله يشكل إحدى الأدوات المهمة التي تحتم على المرء استخدامها للتحرر والتخلص من الاعتقادات الخاطئة والعادات البالية التي تسبب التردد والخوف والإحراج وتحد من حريتنا في الفعل والتعبير، وهو أيضا نمط حياة يعيش به البشر لتحقيق أهدافهم وللوصول إلى نظام أقوى للعلاقات الإنسانية التي تؤدي إلى التفاهم والوئام بين الناس وينذر في نفس الوقت الفاشلين في تكييف أنفسهم مع قوانين الطبيعة ومعارضة التغيير بدفع أثمان باهظة لا يمكن تحملها من خلال إصرارهم وتمسكهم ببعض المفاهيم والتقاليد المستهلكة وتحولهم إلى عبيد لها وأنهم سرعان ما يتلاشون ويختفون لأنهم ليسوا جزءا من المنظومة الشاملة للكون والتطور والحرية ولأن التغيير قادم سواء توقعناه أم لم نتوقعه وسواء رغبنا في ذلك أم أبينا.