التضامن مع الشعب الفلسطيني واجب كل الأحرار في العالم
بقلم/ محمد علوش
سبق أن تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1978 قرارًا تاريخيًّا هامًّا بإعلان يوم 29 نوفمبر من كل عام، يومًا للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، تذكيرًا بالمأساة التي عانى ويعاني منها الشعب الفلسطيني منذ نكبته الأولى عام 1948 وحتى نكبته الثانية المستمرة منذ عام 2023، وتأكيدًا على حقوقه الوطنية العادلة والمشروعة – المغتصبة، وكخطوة على طريق تصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكب وما زال بحق هذا الشعب الفلسطيني من خلال ما يسمى بوعد بلفور المشؤوم.
وجاءت هذه الذكرى بهذا العام فيما يتمادى الاحتلال الإسرائيلي، ويواصل انتهاكه الصارخ للقرارات والأعراف والمواثيق الدولية، وفي مقدمتها الحق في الحياة وفي التحرر وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني وأن يحكم الفلسطينيون أنفسهم بأنفسهم، فيوم التضامن العالمي ينطوي على اعتراف بمعاناة الفلسطينيين المتواصلة، وإقرار بحقوقهم ونضالهم وتضحياتهم وصمودهم، ودعوة لكل شعوب العالم ودوله للتضامن مع الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية كافة، حيث صادفت هذه الذكرى فيما تستمر حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وفيما يسعى كيان الاحتلال الإرهابي إلى تكريس مخططاته وإجراءاته العدوانية وتنفيذ سياسته الاستيطانية الاستعمارية التوسعية وتنفيذ أحلام الصهاينة في إقامة دولتهم الكبرى المزعومة.
لا بد أن تتضافر الجهود الدولية والعربية والإقليمية، وأن تتحرك كل الشعوب الحرة وقواها الحيّة لوقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وإرهاب الدولة المنظم وسياسة الأرض المحروقة والتهجير القسري، ولإمداد قطاع غزة وأهله هناك بكل وسائل الحياة، وانطلاق حملة عالمية لإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الهمجيّة، وتفعيل كافة القرارات الدولية ذات الصلة، وبضمنها تلك القرارات الصادرة عن الجنائية الدولية، لمحاكمة مجرمي الحرب الفاشيين القتلة وسفاكي الدماء ومنتهكي حقوق الإنسان، ليكونوا عبرة لغيرهم من الطغاة والمجرمين، ووضع حد لهذه الفاشية والعنصرية المتوحشة التي يجب أن تتوقف، وإنهاء الاحتلال الإحلالي والكولونيالي الذي يمثل أبشع أشكال الاحتلال الذي عرفه التاريخ، وأن يجسد الشعب الفلسطيني حقه الطبيعي بالحرية والسيادة الوطنية في ظل دولته الفلسطينية المستقلة وعاصتها القدس.
وإذ نثمن هبّة شعوب العالم وخروجها ضد العدوان الفاشي، فإننا ندعوها من جديد لكسر حالة الصمت عبر إعلاء صوت جميع الأحرار في العالم برفض هذا الاحتلال وهمجيته وجرائمه، وممارسة الضغط المتواصل على الحكومات لتقوم بدورها بالضغط الجدي لوقف حرب الإبادة الجماعية وسفك الدماء الفلسطينية، فالعالم الذي أعطى الشعب الفلسطيني حقه بإقامة دولته على أرضه، واعترف به كشعب له حق تقرير المصير من خلال الاعتراف بضرورة قيام دولته، مطالب بأن يتوقف عن الكيل بمكيالين وعن سياسة ازدواجية المعايير، وأن يطبق ما شرّعه من قرارات ذات صلة بقضيتنا الوطنية، وأن يترجم ذلك بالأفعال الملموسة وليس فقط باتخاذ مزيد من القرارات رغم أهميتها.
لقد آن الأوان ليتوقف إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه دولة الاحتلال بخرق واضح لكافة الأعراف والمواثيق الدولية، حيث تتصرف إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال كدولة فوق القانون الدولي، ورغم كل محاولاتها وممارساتها من أجل إلغاء وجود الشعب الفلسطيني وعدم الاعتراف بحقوقه أو بتمثيله السياسي الذي جسدته منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وإحدى أهم منجزاته الوطنية التي تحققت بفعل النضال والصمود والتضحيات العظيمة على مدار عقود طويلة، فإن هذه المحاولات جميعها باءت وستبوء بالفشل، وسيتمكن الشعب الفلسطيني عبر تضحياته الجسام من فرض حضوره على الصعيد العربي والإقليمي والدولي، ومن تعزيز مشروعية نضاله وحقوقه الوطنية الثابتة والعادلة والمشروعة.
يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني رسالة من أجل العدالة والإنصاف، ويتوجب الإدراك العميق أنه لا استقرار ولا أمان في منطقة الشرق الأوسط، ما دام هناك تنكر لحقوق الفلسطينيين وحرمانهم من إقامة دولتهم الوطنية، وهو ما يتوجب أن تتوجه كل الجهود لتحقيقه فور وقف العدوان الصهيوني الفاشي، ولقد بات ملحًا أن تفعّل شعوب المنطقة، بالاستناد إلى حركة التضامن العالمية، كل طاقاتها لوقف التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأن تضغط بمختلف الأشكال النضالية الشعبية على حكوماتها لنصرة فلسطين وشعبها، وأن تتحوّل مواقفها الداعمة إلى ممارسة حقيقية وواقع ملموس.