الانضباط الذاتي ومواجهة التحديات
بقلم/ المهدي الفهري
القراءة بعقل مفتوح والارتقاء بالكتابة من خلال تنمية الصورة الجمالية والذوق الجمالي للمقارنة بين الجميل والقبيح والجيد والرديء ربما تكون حافزًا لجعلنا أكثر ميولًا وقدرة على التمييز بين الخطأ والصواب والسير في الاتجاه الصحيح، إنها أمر يتعلق بالاتزان النفسي ورجاحة العقل، وخطوة نحو عقل متطور وفكر متفتح، يتحسس أحوال الواقع، ويسعى إلى تأمينه فكريًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا على المستوى الفردي والمجتمعي لامتلاك الأهلية اللازمة لمواجهة التحديات والصعوبات، ورفض قبول الحياة القهرية التي لا يرغب بها الشخص، والتي لا يشعر في كنفها بالسكينة والاطمئنان.
إن التركيز على الخلافات البينية فقط لن يحل المشكلة، بل سيزيد من صعوبتها، ولن يفيدنا ذلك في شيء، لذلك يجب علينا التمسك بالأولويات والتكيف معها والبحث عنها عبر وسائل وطرق علمية وموضوعية وباستخدام قدرات عقلية قوية من خلال نظام انضباط ذاتي يتسم باللطف والبساطة ويتسع لاستيعاب الباحثين عن مكان لهم في عقول وقلوب الآخرين.
إن القراءة بهذا الشكل تعد مسلكًا يوميًا للسعادة والنجاح تكشف للفرد العديد من الطاقات الإيجابية التي يحملها والتي قد يجهلها مع أهمية الحرص على السيطرة على مواقفنا العقلية وضبط إيقاع الموقف العقلي الإيجابي لتحقيق التوازن المطلوب وتفادي المشاعر السلبية التي قد تصيب البعض بالإحباط وتحد من كفاءتهم في العمل ومن أسلوبهم في التعامل مع الآخرين وتحول دون القيام بواجباتهم بطريقة ودية وممتعة وإمكانية مساعدتهم في جعل الحياة أكثر راحة وسعادة وقدرة على تحقيق التفوق كي يتجاوزوا أحزانهم وآلامهم، وهذا لا ينقص من قدرنا وقدرتنا في شيء، بل لعل هذا ما يتوجب علينا فعله والاتسام به حتى يتحول لدينا إلى سلوك مكتسب في البيت وفي العمل.
هذه الفرضية تجعلنا نعيش ونحن سعداء ونسعى إلى ضمان وصول السعادة إلى كل القريبين منا، وتشعرهم معنا بالقناعة والقبول، ومجرد التعاطف مع معاناة الآخرين لا يعني بالضرورة تقديم الحلول السريعة لهم، بل يعني المشاركة الوجدانية والإنسانية التي تخفف من وطأة الألم والحزن، وتحد من هول وعمق المعاناة ومن نتائجها، والجهد والكد من أجل تحقيق الفكرة يقودنا إلى معرفة الذات، وهذا لا يعني أن نصنع منها شخصية مركبة ومزدوجة بعضها حسن وبعضها سيئ، أو أن نرتبط بشريحة اجتماعية معينة دون سواها، وإنماء يعني أن ننقلها إلى جيل اليوم ليكون أكثر وضوحًا وأكثر إيمانًا بعلم ومدرسة الحياة، ويُقدم على مواجهة الرهانات المستقبلية ولا يهابها ليثبت نجاحه فيها، وهذا هو المهم، ولعل ذلك يخلصه من الحماقة والحيرة ويفتح أمامه كل أبواب الراحة النفسية والشعور بالارتياح.
فالنجاح لا يعتمد دائمًا على ما أخذنا بل يعتمد أيضًا على ما قّدمنا وما أعطينا وهذه حقيقة غائبة لا ينتبه إليها أو يعيرها كثير من الناس العناية والاهتمام، مع أنها تعتبر من أهم الوسائل والطرق والأدوات لكسب ود الأشخاص ونيل رضاهم وبناء علاقات أخوية ناجحة، مع أن قيمة العطاء قد لا تكون مجزية في بعض الأحيان، إلا أن قيمته المعنوية تظل كبيرة، وربما تحقق السعادة للمانح أكثر من الممنوح له، لأن السخاء يخلق جوًّا من السرور والسعادة، وتكون آثاره أعظم كلما كانت له أبعاد ودوافع اجتماعية وإنسانية، ويفتح الطريق للتعاطف وبناء أسس المشاركة العاطفية اللازمة لتحقيق الراحة النفسية والهدوء الشخصي ومواجهة تحديات الحياة اليومية باتزان نفسي وعقل منفتح وفكر ناضج وخلق بيئة من التوازن في حياتنا وحياة الآخرين.