الفيتو الأمريكي وجه آخر للرعاية الحصرية للإرهاب الصهيوني
بقلم/ محمد علوش
ما زالت الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الحصري للإرهاب الصهيوني ولجريمة الحرب والإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة المدمر، وهذا “الفيتو الأمريكي” الذي يمثل عقلية هذه الإدارة التي انحازت إلى العدوان وشاركت به ضد الإنسانية وضد الضمير العالمي، وهذا الأمر يمثل فشلًا ذريعًا لمجلس الأمن في القيام بدوره، حيث تتجلى فيه ازدواجية المعايير التي تنتهك الأعراف والقوانين الدولية، ما يفقد منظومة الأمم المتحدة مصداقيتها، وهو ما سيؤدي إلى عواقب مدمرة على النظام الدولي عمومًا، وهذا “الفيتو” يظهر بوضوح أن الإدارة الأمريكية شريك فعلي للاحتلال في جرائمه الوحشية ضد شعبنا الفلسطيني، وأن سياستها بتوفير الحماية للاحتلال سوف تجر المنطقة إلى المزيد من الدمار وعدم الاستقرار، وهو ما تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية -باختلاف وتعدد إداراتها- المسؤولية أمام العام وأمام التاريخ.
إن استمرار العدوان الصهيوني نتيجة لهذا “الفيتو” سيؤدي إلى تدهور خطير في الأوضاع الإنسانية في القطاع، فهذه الخطوة المشؤومة أعطت “إسرائيل” الضوء الأخضر لتصعيد عدوانها، والاستمرار في حرب الإبادة الجماعية وارتكاب المزيد من المجازر الدموية الإرهابية والتدميرية بحق الشعب الفلسطيني، حيث يواصل الاحتلال جريمته الوحشية ويستمر في استخدام سلاح التجويع والتهجير والتطهير العرقي لإفراغ قطاع غزة من سكانه، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ومنظومة الأمم المتحدة اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، باتت بحاجة إلى إصلاح جوهري بعد فشل مجلس الأمن الدولي في النهوض بمسؤولياته والمهام الموكلة به لحفظ الأمن والسلام والاستقرار في العالم بسبب “الفيتو الأمريكي”، إذ شلَّت الولايات المتحدة هذه المنظومة وعطلتها وفرضت المعايير المزدوجة بالتعامل مع قرارات الشرعية الدولية ومع القانون الدولي، ووجب على بلدان العالم الحرة التي ترفض الخضوع والإملاءات الأمريكية وترفض الابتزاز والمساومة ضرورة الإسراع بالعمل على إصلاح النظام الدولي نحو نظام ومجتمع دولي أكثر عدالة وإنصافًا وديمقراطية وبما ينهي الهيمنة والاحتكار الأمريكي كفصل أسود في تاريخ البشرية في العصر الحديث.
إن الوقوف ضد مشروع القرار الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة والذي حصل على تأييد 14 عضوًا من أعضاء المجلس الـ15، لا يمثل سوى الوقاحة والبلطجة السياسية، وهو بالتأكيد بمثابة استمرار للهيمنة الأمريكية على الهيئة الدولية وشلل لإرادة المجتمع الدولي، وتاريخ أمريكا المنحاز للاحتلال يثبت من جديد أمام العالم أجمع أنها قد انتقلت من مربع الانحياز إلى الشراكة الفعلية للاحتلال، ووقوفها اليوم بمهمة محامي الدفاع والحماية عن الاحتلال الإسرائيلي يجدد دورها في رعاية إرهاب الدولة المنظم من قبل جهازها وكيانها الوظيفي “إسرائيل” في المنطقة، حيث يردد نتنياهو سرًّا وعلانية مشروعه المتعلق بالشرق الأوسط الجديد.
وفي مواجهة المواقف والسياسات والمخططات الأمريكية المتساوقة بالمطلق مع مواقف وسياسات ومخططات حكومة الاحتلال الفاشية، يجب أن تكون هناك مواقف وسياسات فلسطينية وخطة عمل وطنية، والتحرك على كافة المستويات لفرض الحصار والعزلة على الاحتلال وصولًا الى إنهاء الاحتلال، حيث نعيش بدايات جدية للصحوة العالمية تجاه القضية الفلسطينية، وصمود أبناء شعبنا في كافة أماكن تواجدهم وخصوصًا في العاصمة القدس وفي قطاع غزة وفي الضفة الغربية، هو فرصة للاستثمار السياسي، وبناء تحالفات دولية جديدة لدعم وإسناد الحقوق الوطنية العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها الحق في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وما يتطلبه ذلك من ضرورة إنهاء المرحلة السابقة بكل تداعياتها، ونعتقد أن الرد على الولايات المتحدة وإسرائيل أساس لتصليب الموقف الفلسطيني، ومن هنا تكمن الأهمية بالتوجه نحو الدول الكبرى وخصوصًا جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي، بالعمل على إيجاد صيغة دولية تخرج وتحرج الإدارة الأمريكية، ولفرض الرؤية الفلسطينية، بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة بعاصمتها القدس، وهو ما يستدعي توحيد الساحة الفلسطينية والخطاب السياسي باطار برنامجي تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.