الحكومة تنفد من ثالوث الرقابة
بقلم/ عفاف الفرجاني
من ضمن الصلاحيات الممنوحة قانونيًّا لرئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد أن “يأمر بتجميد أي أموال يشتبه في أنها متحصلة من جريمة فساد، وفي حالة ثبوت الجريمة طبقًا للتشريعات النافذة يجوز له أن يأمر بالحجز الإداري”، هذا يأتي وفقًا لأحكام قانون الحجز الإداري لسنة 1970م في ليبيا.
أيضًا جهاز ديوان المحاسبة الليبي، الجهاز الأعلى للرقابة المالية والمحاسبة في ليبيا، وهو هيئة مهنية مستقلة ومحايدة، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة يتبع الديوان السلطة التشريعية مباشرة، هذا الجهاز من ضمن صلاحياته أنه مخول بممارسة الرقابة النظامية بشقيها المالي والقانوني من خلال فحص ومراجعة الحسابات والقوائم المالية والعمليات الفنية الأخرى للجهات الخاضعة لرقابته.
أيضًا هناك هيئة الرقابة الإدارية التي تأسست 1955 والتي مرت بتغييرات تشريعية وهيكلية بسبب ما مرت به الدولة من تغيرات، من ضمن مهامها كهيئة الرقابة على أموال الدولة ومتابعة الأجهزة التنفيذية في الوزارات والمصالح والهيئات العامة، هذه الهيئة وفق قانون 2013 لها ذمة مالية مستقلة، وهي مخولة بأخذ صلاحيات النيابة العامة في التحقيق لضمان حسن إدارة المال العام، هذه الكيانات الثلاثة وبذممها المالية المستقلة وبصلاحياتها الواسعة، لم تستطع إيقاف الفساد المالي في ليبيا، سواء من الحكومة أم من الوزرات السابقة والحالية، حتى أن آخر التقارير تشير إلى أن هناك نحو 550 قضية فساد إداري ومالي من استغلال مال عام وإساءة استعمال الوظيفة هي المحالة إلى مكاتب الجهات القضائية المعهود لها بهذه القضايا، وهذا يتطلب سرعة الإنجاز للحفاظ على حقوق الدولة المادية إلا أنها متأخرة نسبيًّا، لما هناك من مناطق حمراء لم تستطع الهيئات القضائية ملاحقتها وجلبها لوقوعها في دائرة الحصانة الأمنية.
على سبيل الذكر لا الحصر في السنوات القليلة الماضية قامت هيئة مكافحة الفساد بمراسلة وزارة الصحة وأيضًا مصرف ليبيا المركزي حول اختلاس 73.500 مليون دولار بحجة شراء تطعيمات ضد وباء كورونا في الوقت الذي لدى ليبيا مخزون من اللقاح يكفي ويفوق احتياجاتها، ولم يسترد المال ولم تعاقب الجهة المسؤولة.
أيضًا على سبيل الذكر ديوان المحاسبة، الذي يعد أكبر جهة رقابية في ليبيا، كشف عن تقريره لعام 2022، تضمن وقائع فساد ضخمة، من اختلاس المال العام عن طريق عقود وهمية، والتوسع في إبرام عقود للتوريد بالإضافة إلى إنفاق الملايين على شراء السيارات والفلل فضلًا عن استفادة أشخاص لا تربطهم علاقة وظيفية بديوان الحكومة في فنادق خارج البلاد وتحصلهم على النقد، هذا غير التواطؤ مع خصوم الدولة في قضايا ومنازعات، من خلال القيام بتحرير مراسلات تعزز وضع الخصوم ضد الدولة الليبية، ومصالحها في القضايا المنظورة بالتحكيم الدولي، والذي جاء في تقرير معد في 680 صفحة مقسمة إلى فساد مالي وتواطؤ أجنبي، ولم يتزحزح هذا الملف ولم يُعاقَب المتورطون.
هيئة الرقابة الإدارية حذرت الدبيبة من المساءلة القانونية لمخالفته أحكام القانون. وأعلنت في كذا بيان لها رفض كتاب الدبيبة الموجه إلى الجهات العامة بشأن فتوى إدارة القانون، التي انتهت إلى الرأي بالاختصاص الحصري لديوان المحاسبة في المراجعة المالية دون جدوى، وكان مصير البيانات الضرب بعرض الحائط.
في تقديري على الجهات المختصة وخاصة القضائية إصدار قانون يوحد هذه الجهات السالف ذكرها وإعادة هيكلية إدارتها وانتقاء كوادر وطنية لها باع طويل في هذا المجال وإنقاذ ما يمكن من أموال الشعب الليبي الواقعة بين مطرقة الحكومة والميليشيات وسندان الأجسام السالف ذكرها.. فكله يقع ضمن إهدار المال العام واستحداث أقسام أمنية تكون ضمن هيكلية هذا الكيان وتكون لها صلاحيات قانونية واسعة مرتبطة بالأجهزة القضائية ومكتب النائب العام لتسهيل ضبط المتورطين والمتآمرين وتحويلهم للمساءلة بدل هذا الثالوث الذي لا تتعدى وظيفته الكثير من البيانات والقليل من الفعل.