حجية حكم التحكيم وقوته التنفيذية
بقلم/ غادة الصيد
يجب التمييز بكثير من العناية بين حجية الأمر المقضي فيه وقوة الأمر المقضي به، والقوة التنفيذية، فكثيرًا ما يقع الخلط بينهم، وكثيرًا ما تستعمل إحدى العبارات ويكون المقصود بها العبارة الأخرى، فحجية الأمر المقضي فيه تعني أن ما سبق عرضه على هيئة التحكيم وتم الفصل فيه لا ينبغي أن يطرح مرة أخرى أمام نفس الهيئة التحكيمية التي أصدرت الحكم، أو أمام أي محكمة أخرى لتفصل فيه من جديد، فإذا ما تم طرح النزاع مرة ثانية، فعلى القاضي أن يقضي بمنع إعادة نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، لأن الحجية تقوم على اعتبارات الصالح العام، فهي تبنى على اعتبارين أساسيين هما:
- ضرورة وضع حد للمنازعات.
- تجنب تضارب الأحكام.
فحكم التحكيم الصادر في منازعات عقود الاستثمار يكتسب حجية الأمر المقضي فيه بمجرد صدوره، فلا يجوز لأي من الخصمين أن يلجا إلى القضاء بعد صدوره، إلا أنه يمكن مع قيام هذه الحجية أن ترفع بشأنه دعوى ببطلانه إذا توافرت شروطها، وهذه الحجية تثبت للحكم قبل وضع الصيغة التنفيذية عليه، ويرتب على ذلك أن يتمسك الطرف الذي صدر الحكم لصالحه به، وبما يقرره له من حقوق في مواجهة من صدر ضده، وهذا الأخير لا يجوز له طلب إعادة النظر في النزاع مرة أخرى أمام أي جهة قضائية أو تحكيمية.
ويشترط لقيام حجية أحكام التحكيم أن يكون هناك اتحاد في الخصوم. أي اتحادهم بصفاتهم لا بأشخاصهم، فلا يكون للخصم الذي خسر الدعوى أن يقوم بتوكيل محامٍ ثانٍ لرفع نفس الدعوى، أو أن يقوم بنفسه بتوليها بدلًا من محاميه تعللًا باختلاف الخصم.
واتحاد المحل، أي لا بد أن يكون موضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم وموضوع الدعوى الجديدة واحدًا.
واتحاد السبب: أي اتحاد الأساس القانوني الذي بنيت عليه الدعوى.
أما المقصود بقوة الأمر المقضي به، إذا أصبح الحكم نهائيًّا غير قابل للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية، سواء صدر كذلك أم أصبح كذلك بانتهاء مواعيد الطعن، أو برفضه وبعدم قبوله، وإن بقي قابلًا للطعن فيه بالطرق غير العادية.
وبناء عليه فإن التمييز بين حجية الأمر المقضي فيه، وقوة الأمر المقضي به، ليس تمييزا في مستوى الدرجة، بل إن الأمر يتعلق بفكرتين مختلفتين، تؤدي كل منهما إلى خدمة هدف محدد، فحجية الأمر المقضي فيه هي صفة للحماية القضائية التي يمنحها الحكم.