أساليب التنشئة الأسرية وعلاقتها بالانتماء الوطني رسالة ماجستير للطالبة ريم محمد البخنسي
متابعات – الموقف الليبي
نوقشت في كلية الآداب واللغات بجامعة طرابلس قاطع (ب) يوم 17-11-2024م داخل مدرج المرحوم أحمد الفنيش، رسالة ماجستير والمعنونة: “أساليب التنشئة الأسرية وعلاقتها بالانتماء الوطني” مقدمة من الباحثة ريم محمد البخنسي.
وتناولت الرسالة علي المقدمة ومشكلة البحث والتساؤلات والأدبيات والدراسات السابقة والنظريات المتبعة والإجراءات المنهجية المتبعة فيه وتوصل البحث إلي عدة نتائج، وتقديم عدة توصيات ومقترحات فيما يلي ملخص يحتوي علي توضيح محتوي البحث.
المقدمة:يتحدد مستقبل الأمة إلي حد كبير بالأساليب التربية والتنشئة الأسرية التي يتعرض لها أفراد الجيل الجديد من أبنائها، فالوالدان أو أحدهما قد يستخدم أساليب وطرق متباينة من خلال إطار عملية التفاعل الاجتماعي، وقد تكون هذه الأساليب سلبية أو إيجابية متنوعة ومتداخلة.
دور الأسرة
الأسرة تلعب ولازالت تلعب الدور الكبير في إكساب الأطفال الخصائص والصفات الاجتماعية الأساسية، والدعائم الأولي للشخصية التي تؤثر بشكل مباشر علي تكوين شخصية الفرد والذي بدوره يؤدي إلى التركيز علي الانتماء الوطني للفرد.
أساليب التنشئة الأسرية والانتماء الوطني:
وعند الربط بين أساليب التنشئة الأسرية المتمثلة في الأسلوب الديمقراطي الذي يتبعه بعض الوالدين مع أولادهم أو الأسلوب التسلطي أو المتذبذب في التعامل وبين الانتماء الوطني الذي يمكن بحث تلك العلاقة من خلال عدة معطيات قد تكون متاحة من خلال الاستعانة بعدة مقاييس يمكن تطبيقها علي أفراد العينة والتي تتمثل في التفاعل الوظيفي والالتزام بالعمل والمحافظة علي الممتلكات العامة والانتماء والشعور الحسي بالوطن.
بالإضافة إلي الأدبيات والنظريات الاجتماعية المفسرة له كنظرية التبادل الاجتماعي، ونظرية التعلم.
حاول البحث الإجابة علي التساؤلات التالية: -هل هناك علاقة ارتباطيه بين أساليب التنشئة الأسرية والانتماء الوطني للأبناء؟
ويتفرع من السؤال الرئيسي عدد من الأسئلة الفرعية علي النحو الأتي: 1-هل هناك علاقة ارتباطيه بين الأسلوب الديمقراطي الذي يتبعه الوالدين في تنشئة أبنائهم وبين الانتماء الوطني؟
2-هل هناك علاقة ارتباطيه بين الأسلوب التسلطي الذي يتبعه الوالدين في تنشئة أبنائهم وبين الانتماء الوطني؟
3-هل هناك علاقة ارتباطيه بين الأسلوب المتذبذب الذي يتبعه الوالدان في تنشئة أبنائهم وبين الانتماء الوطني؟ وعلي هذا الأساس ومن خلال حاجة المجتمع الليبي إلي مثل هذا النوع من البحوث العلمية التي تهتم بالمواطنة، وتحديد سلوك الفرد داخل مؤسسات الدولة، سيقوم البحث بمحاولة الإجابة علي التساؤلات.
أجري البحث لمعرفة أساليب التنشئة الأسرية وعلاقتها بالانتماء الوطني من وجهة نظر الأبناء داخل مجتمع البحث، وهدف لتقديم تصور معرفي لتحديد الأنسب من أساليب التنشئة الأسرية لتعزيز الانتماء الوطني للجيل الجديد، والتعرف علي دور الأسرة الليبية في ترسيخ بعض مظاهر الانتماء الوطني.
والمنهج المتبع في البحث هو المنهج الوصفي التحليلي، ووحدة الاهتمام كانت: عينة من العاملين (ذكوراً وإناثاً) بأحد مؤسسات الدولة بواقع (114 مفردة).
كما اشتمل البحث علي متغيرين أساسيين: المتغير المستقل يتناول ظاهرة التنشئة الأسرية، ويتناول المتغير التابع الانتماء الوطني، حيث البحث عن ما إذا كان هناك علاقة ارتباطيه من عدمها بين المتغيرين، وتناول البحث مفهوم التنشئة الأسرية حيث أنها الأسلوب الذي يتبعه الآباء لإكساب الأبناء أنواع السلوك والقيم والعادات والتقاليد، وبذلك تكون جزءاً من التنشئة الاجتماعية التي هي عملية قائمة علي تعديل أو تغيير في سلوك الاجتماعي نتيجة التعرض لخبرات وممارسات معينة بحيث يؤدي تطابق سلوك الفرد مع توقعات الجماعة التي ينتمي إليها.
والمتغير التابع في البحث وهو الانتماء الوطني الذي يعد ركيزة من ركائز القيم الوطنية التي يُنظر إليها بكثير من الاحترام والتقدير، وشعور كل مواطن بأنه معني بخدمة الوطن، والعمل علي تنميته والرفع من شأنه، وحماية مقوماته الدينية واللغوية والثقافية والحضارية، والشعور بالمسؤولية عن المشاركة في تحقيق النفع العام، والالتزام باحترام حقوق وحريات الآخرين، واحترام القوانين التي تنظم علاقات المواطنين فيما بينهم، وعلاقاتهم بمؤسسات الدولة والمجتمع، والمساهمة في حماية جمالية ونظافة المدينة أو القرية التي يقيم بها، وحماية البيئة فيها، والتضامن مع باقي المواطنين والهيئات والمؤسسات الوطنية في مواجهة الطوارئ والأخطار التي قد تهدد الوطن في أي وقت، والاستعدادات للتضحية من أجل الوطن، وضمان وحدته الترابية، والارتكاز في ذلك على مبدأ عام يُفترض أن يربط بين مختلف فئات المواطنين وهو اعتبار المصالح العليا للوطن فوق كل اعتبار، وأسمي من كل المصالح الذاتية الخاصة.
-تحليل البيانات والنتائج العامة للبحث: تم استخدام وسيلة جمع البيانات وهي الاستبيان، وحُسب الصدق والثبات بعد إجراء الدراسة الاستطلاعية، واستخدمت الباحثة عدة وسائل إحصائية: مقاييس النزعة المركزية والتشتت،واختبار (ف)، واختبار (ت)، واختبار (مان-وتني)، واختبار (شبيرو-ويلك) ومعامل الارتباط بيرسون، وتحددت مشكلة البحث في التعرف علي بعض خصائص أفراد العينة، ومعرفة نوع الفروقات والارتباطات بين متوسطات درجات أفراد العينة علي المقاييس الثلاث وفقاً لمقياس الانتماء الوطني علي متغيرات البيانات الأولية المتمثلة في: النوع الاجتماعي، العمر، المستوي التعليمي،الحالة الاجتماعية، سنوات الخبرة، وطبيعة العمل، ولقد اتضح وجود فروق بين متوسطات جميع أساليب التنشئة الأسرية لعينة البحث والانتماء الوطني عند مستوي دلالة (0.05) تُعزي لمتغير النوع الاجتماعي، بينما لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير العمر، والحالة الاجتماعية وطبيعة العمل، بينما لا توجد فروق بين متوسط الأسلوب التسلطي لعينة البحث تُعزي لمتغير المستوي التعليمي، وتوجد فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوي(0.05) في متوسطات الأسلوب الديمقراطي ومتوسط الأسلوب المتذبذب في التعامل والانتماء الوطني، كذلك توجد فروق ذات دلالة إحصائية في متوسط الأسلوب التسلطي لعينة البحث تُعزي لمتغير طبيعة العمل عند مستوي الدلالة، بينما لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسط الأسلوب الديمقراطي ومتوسط الأسلوب المتذبذب في التعامل والانتماء الوطني.
وبالتالي قام البحث بالإجابة علي التساؤلات السابقة علي النحو التالي: 1- قام البحث بالإجابة عن التساؤل الأول: هل هناك علاقة ارتباطيه بين الأسلوب الديمقراطي الذي يتبعه الآباء في تنشئة أبنائهم والانتماء الوطني ؟ ومن خلال المتوسط الحسابي والانحراف المعياري، لمعرفة مدى الارتباط باستخدام معامل ارتباط بيرسون ،اتضح أن معامل الارتباط بين الأسلوب الديمقراطي والانتماء الوطني (0.692)، هو ارتباط موجب قوي ودال إحصائياً عند مستوى دلالة (0.05)، وهذا يدل علىٰ أن الأسلوب الديمقراطي الذي يتبعه الوالدان في تنشئة أبنائهم هو الأسلوب المنتشر نسبياً داخل الوسط العائلي في مجتمع البحث، ومن ثم إلى وصفه جزءاً من الثقافة وقبوله كقيمة وكسلوك (ممارسة) يهدفان إلى تحقيق وتعزيز مبدأ روح الانتماء الوطني.
2- للإجابة عن تساؤل البحث الذي مفاده: هل هناك علاقة ارتباطيه بين الأسلوب التسلطي الذي يتبعه الوالدان في تنشئة أبنائهم وبين الانتماء الوطني؟ قام البحث باستخدام المتوسط الحسابي والانحراف المعياري واستخدام معامل ارتباط بيرسون حيث تبين أن قيمة ارتباط بيرسون بين الأسلوب التسلطي والانتماء الوطني يساوي (0.031) وحيث أن مستوى الدلالة يساوي (0.745) ولذلك فإنه غير دال إحصائياً لأنه أكبر من (0.01).
ومن ثم فإن معامل الارتباط بين الأسلوب التسلطي والانتماء الوطني ارتباط موجب ضعيف جداً، أي العلاقة بين الأسلوب التسلطي الذي يتبعه الوالدان في تنشئة أبنائهم وبين الانتماء الوطني علاقة ضعيفة جداً (لا توجد علاقة).ج- توصل البحث إلى أن الأسلوب المتذبذب في التعامل الذي يتبعه الوالدان والانتماء الوطني له علاقة موجبة قوية. حيث إن قيمة ارتباط بيرسون بين الأسلوب المتذبذب في التعامل والانتماء الوطني لدى الأبناء يساوي (0.742) وحيث أن مستوى الدلالة يساوي (0.000) وهو دال إحصائياً لأنه اقل من (0.001).
ويمكن الإجابة عن تساؤل البحث الذي مؤداه: هل هناك علاقة ارتباطيه بين الأسلوب المتذبذب الذي يتبعه الوالدان في تنشئة أبنائهم وبين الانتماء الوطني؟ اتضح أن وجود علاقة موجبة وقوية بين الأسلوب المتذبذب في تنشئة الوالدان لأبنائهم مما يعزز الانتماء الوطني لديهم.
د-قام البحث بالإجابة علىٰ السؤال الرئيسي لموضوع البحث التي مؤداها: هل هناك علاقة ارتباطيه بين أساليب التنشئة الأسرية وعلاقتها بالانتماء الوطني؟ حيث يمكن الإجابة عليها ،تبين أنه يوجد علاقة ارتباطيه موجبة وقوية بين كل من: الأسلوب الديمقراطي والأسلوب المتذبذب في التعامل الذي يتخذه الآباء في التنشئة الأسرية وبين متوسط الانتماء الوطني.
وهذا ما يفسر التنشئة الأسرية فيما يتعلق بالأسلوب الديمقراطي والمتذبذب في تعامل الوالدين مع أبنائهم. بينما لا يوجد علاقة ارتباطيه بين متوسط الأسلوب التسلطي في التنشئة الأسرية وبين متوسط الانتماء الوطني.
ويمكن تفسير الارتباط الموجب القوى بين متوسطات الأسلوب الديمقراطي والأسلوب المتذبذب في تنشئة الوالدين لأبنائهم وبين متوسط الانتماء الوطني من خلال نظرية التبادل الاجتماعي من حيث روح المواطنة، فالمقصود بالتبادل الاجتماعي بين الفرد الموظف والمؤسسة الحكومية هو انتماؤه لها وليس لاعتبارات مادية فقط؛ بل تقوم علىٰ اعتبارات ناجمة عن قيم إنسانية يمكن أن تكون قد غُرست من خلال أساليب التنشئة الأسرية منذ الصغر حتى أصبح رجلاً وامرأة يستطيعا تطبيق ما هدفت إليه التنشئة الأسرية من غرس روح المواطنة.
وقدم البحث توصيات ومقترحات في ضوء النتائج التي تم التوصل إليها: انطلاقاً من النتائج العامة للبحث التي تؤكد علىٰ الدور الذي تقوم به الأسرة من خلال التنشئة الأسرية للأبناء في تعزيز الانتماء الوطني لدى الأبناء وما يؤثر ذلك علىٰ تكوين شخصية الأبناء داخل الأسرة ومن ثم داخل المجتمع، حيث مكّن الباحثة من التوصيل إلى مجموعة من التوصيات والتي تأمل بأن تسهم في مجال بناء الأسرة الليبية والنهوض بها حتى تكون مؤسسة فاعلة في بناء الفرد وتطوره، وتتمثل هذه التوصيات علىٰ ما يأتي: تشجيع الأسرة علىٰ إتباع أساليب التنشئة الأسرية الناجحة، حيث التوازن في المعاملة الوالدية من أساليب اللين والشدة، والتخفيف من لهجة الفرض وتسليط الأوامر.
وعلىٰ الأسرة والوالدين إتباع الأسلوب الديمقراطي في التعامل فيما بينهم لما له فائدة عظيمة تعود علىٰ الأسرة بالإيجابية ودعم قدراتها لحماية الجيل الجديد من تأثيرات التسلط أو التراخي في معاملة الأبناء.
استكمالاً للبحث الحالي تقترح الباحثة ما يلي: توجيه المزيد من الاهتمام وعمل بحوث ودراسات ذات العلاقة بموضوع البحث الحالي لما له أهمية بالغة وخاصة بما تمر به بلادنا ليبيا الحبيبة من غزو ثقافي وسياسي واجتماعين وخاصة تكون البحوث والدراسات في مناطق أخري داخل ليبيا، ومقارنة نتائجها بنتائج البحث الحالي، وربما باستخدام نفس المقياس الذي تم تطبيقه في البحث الحالي لاختبار مدى جدواه في الوصول إلى نتائج مقننة وتعميمها، ومدى تأثير درجة الاختلاف في تلك المناطق ومدى تأثير استخدام تلك الأساليب التي تتعلق بالتنشئة الأسرية، ودرجة مقياس الانتماء الوطني، انطلاقاً من الاعتقاد بالدور البالغ الأهمية للبحوث والدراسات المقارنة في إثراء البحث العلمي وخاصة فيما يتعلق بمصلحة الوطن والمواطن.