الاحتلال يفرض المزيد من إجراءات الضم وسلب الأرض الفلسطينية
متابعات – محمد علوش
يعمل الوزير الصهيوني المتطرف “بتسلئيل سموتريتش” منذ أشهر على سياسة تكرس ضم الضفة الغربية للكيان الصهيوني، ووصل الأمر إلى إعلانه يوم الاثنين الماضي إصدار تعليمات لإعداد خطط تطبيق السيادة على أراضي الضفة الغربية، مؤكدًا أن 2025 “سيكون عام السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية”.
وفي إطار توضيح الموقف، قال المحلل السياسي والخبير في مجال الاستيطان سهيل خليلية، إن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى ضم أكبر مساحة ممكنة من المناطق المسماة “ج”، وقد تبنت حكومة الاحتلال هذا المشروع منذ سنوات، وهو مشروع موجود على أجندة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
وأوضح خليلية، أن الحكومة الحالية سرعت من عملية الضم من خلال زيادة عدد الوحدات الاستيطانية في المستوطنات، والموافقة على مشاريع استيطانية جديدة، وتخصيص ميزانية تصل إلى 7 مليارات شيكل لتطوير شبكة الطرق الالتفافية الاستيطانية، وتقسيمها وفصل الفلسطينيين عن الإسرائيليين في استخدام هذه الطرق.
كما عززت حكومة الاحتلال الإسرائيلية الحالية بناء مناطق صناعية في الضفة الغربية كعامل جذب للمستوطنين، وسارعت إلى زيادة مصادرة الأراضي من خلال ما يسمى أراضي دولة، وفي العام 2024 وحده صادرت قوات الاحتلال 24 ألف دونم، وهذه الخطوات وغيرها تشير إلى مخطط لضم الضفة الغربية.
ويقول خليلية، إن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي حكومة استيطانية بامتياز، وعودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية سيشجع حكومة الاحتلال على تنفيذ مخطط الضم.
كيفية ضم الضفة؟
بحسب مخطط الاحتلال ستُضم 3 مناطق رئيسية إلى السيادة الإسرائيلية، والمنطقة الأولى هي الأغوار التي تشكل ربع مساحة الضفة الغربية، وفي معظمها حاليًا ما يسمى بأراضي دولة، إضافة إلى محميات طبيعية ومناطق تدريب وإطلاق نار ممنوع الدخول إليها، والمنطقة الثانية هي منطقة العزل الواقعة بين جدار الفصل العنصري وخط وقف إطلاق النار عام 1948، وتشكل نحو 12 % من مساحة الضفة الغربية، والمنطقة الثالثة هي تجمعات استيطانية تربط بين غرب الضفة وشرق الضفة مثل المنطقة بين تجمع “ارئييل” ومنطقة الأغوار، وتشكل على أرض الواقع فاصلًا استيطانيًّا يفصل شمال الضفة الغربية عن باقي مناطق الضفة.
والشق الثاني هو تجمع معالي ادوميم الذي سيفصل رام الله وسلفيت عن باقي مناطق الضفة الغربية، ويمتد حتى البحر الميت، والشق الثالث هو تجمع غوش عتصيون حتى البحر الميت، وسيفصل الخليل وبيت لحم عن باقي مناطق الضفة الغربية.
ويقول خليلية، إن هذا المخطط سيعمل على بناء دولة المستوطنين، التي تقوم على حكم ذاتي للمستوطنين، وسيكون لهم القرار في التخطيط والتنفيذ، وتشكيل قوة أمنية للمستوطنين تشكل نواة جيش المستوطنين.
وفيما يتعلق بشبكة الطرق سيفصل الفلسطينيين عن الإسرائيليين وسيكون بينهما تقاطع على شكل جسور وأنفاق، وهو ما يتيح لجيش الاحتلال فصل المناطق في حالة الطوارئ وهو ما يشكل تكريسًا لاحتلال الأرض وإعادة تشكيل الجغرافية السياسية للضفة الغربية.
نتنياهو يعتزم إعادة قضية ضم الضفة الغربية إلى أجندة حكومته
ويعتزم رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إعادة إدراج قضية ضم الضفة الغربية المحتلة ضمن جدول أعمال حكومته بعد تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب مهامه رسميًّا في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وقالت ما تسمى هيئة البث الإسرائيلية، الثلاثاء، إن نتنياهو قال في محادثات في الأيام الأخيرة إنه عندما يدخل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض، يجب إعادة إمكانية السيادة على الضفة الغربية إلى الأجندة.
وأشارت إلى أنه بذلك ينضم نتنياهو إلى أصوات أخرى في الحكومة تنادي بهذه القضية، وأردفت: على سبيل المثال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قال (الاثنين) إن “عام 2025، سيكون عام السيادة في يهودا والسامرة” أي الضفة الغربية.
وأضافت: في الواقع، فإن مخطط الضم جاهز بالفعل للتنفيذ: ففي عام 2020، كجزء من صفقة القرن لترامب، نُفِّذ عمل الموظفين من فريق القرن التابع للوزير ياريف ليفين (يشغل حاليا منصب وزير العدل) مع كبار المسؤولين الأمريكيين”.
وزيرة الاستيطان تدعو إلى استمرار احتلال غزة وضم الضفة الغربية
ودعت وزيرة الاستيطان في حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرفة أوريت ستروك، إلى استمرار احتلال قطاع غزة لفترة طويلة جدًّا، وضم الضفة الغربية، وقالت ستروك، من حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف، في تصريحات صحفية يوم الخميس، “لا أعتقد أنه يجب وجود إستراتيجية للخروج من قطاع غزة”.
وأضافت: “وضعنا أهدافًا واضحة جدًّا لهذه الحرب، وعندما حددنا أهداف الحرب فهي نوع من العقد بين الحكومة والجنود وعائلاتهم”، مجددة معارضتها وحزبها التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
وبشأن الضفة الغربية، قالت وزيرة الاستيطان إن مكتبها يعمل بأقصى سرعة تمهيدًا لتطبيق السيادة (ضم الضفة المحتلة).
وزعمت ستروك: “لا أريد أن أرسم شيئًا دقيقًا حاليًا. يجب أن يتمتع جميع الناس بحقوق الإنسان، لكن الحق القومي في الأراضي سيكون ملكًا لشعب إسرائيل فقط، يجب ألا توجد دولة فلسطينية”.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعومًا من الولايات المتحدة وأوروبا، للعام الثاني على التوالي، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان نحو 147 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
السفير الأمريكي يؤكد الانحياز والشراكة
ورجح السفير الأمريكي المقبل لدى “إسرائيل”، مايك هاكابي، موافقة واشنطن على خطة “إسرائيل” لضم الضفة الغربية.
وقال في مقابلة مع إذاعة، بُثت يوم الأربعاء، إن إمكانية موافقة إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على ضم الضفة للسيادة الإسرائيلية وارد في الحسبان.
كما أضاف: “لا أحدد السياسات، بل أنفذ سياسة الرئيس ترامب، الذي أثبت بالفعل خلال فترة ولايته الأولى أنه لا يوجد رئيس أمريكي أكثر دعمًا لترسيخ فهم السيادة الإسرائيلية”.
كذلك أوضح: “من نقل السفارة للقدس، والاعتراف بسيادة “إسرائيل” على الجولان، لم يفعل أحد أكثر من الرئيس ترامب، وأتوقع أن يستمر ذلك”.
وكان ترامب قد أعلن اختيار الحاكم السابق لولاية أركنسو مايك هاكابي، سفيرًا لواشنطن لدى “إسرائيل” فيما تحتاج تسميته إلى مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي.
السلطة الفلسطينية ترد على تصريحات “ضم الضفة”
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن تصريحات وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش المتعلقة بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، تؤكد أن الحكومة الإسرائيلية “تنوي استكمال مخططاتها بالسيطرة على الضفة عام 2025.
وأضاف أبو ردينة، أن هذه التصريحات بمثابة تأكيد إسرائيلي للعالم أجمع أن المخطط الجديد للاحتلال الإسرائيلي سيركز على الضفة الغربية من أجل تنفيذ مخطط الضم والتوسع وتحدي المجتمع الدولي وقراراته، في مقدمتها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بتطبيق قرار محكمة العدل الدولية.
وقال الإرهابي سموتريتش، خلال اجتماع كتلة حزبه “الصهيونية الدينية” في “الكنيست” إن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية “فرصة” لضم الضفة الغربية إلى إسرائيل.
وأضاف “سيكون 2025 عام السيادة في يهودا والسامرة (الضفة)، وقد أصدرت تعليمات لمديرية الاستيطان في وزارة الأمن وللإدارة المدنية ببدء عمل جماعي مهني وشامل من أجل إعداد البنية التحتية المطلوبة لفرض السيادة”.
وحمّل أبو ردينة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تداعيات ما وصفه بـ “السياسات الخطيرة التي تقود المنطقة إلى الانفجار الشامل”، وكذلك حمّل الإدارة الأمريكية المسؤولية “جراء دعمها المتواصل للاحتلال للاستمرار في جرائمه وعدوانه وتحدي الشرعية الدولية والقانون الدولي”.
وتسبّبت الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة بمقتل ما لا يقل عن 43603 فلسطينيين، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة، وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
وطالب أبو ردينة دول العالم بـ “إجبار إسرائيل على التخلي عن هذه الإجراءات الخطيرة”، عبر اتخاذ إجراءات فعلية كإعادة النظر في علاقاتها معها، وتجميد عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.
وفي وقت سابق الاثنين، قال وزير خارجية الكيان الصهيوني الجديد “غدعون ساعر” إن إنشاء دولة فلسطينية ليس أمرًا “واقعيًّا”، خلال مؤتمر صحفي في القدس، معتبرًا أن أي دولة فلسطينية مستقبلية ستكون “دولة حماس” على حد تعبيره.
الانقسام هو السبب وأحد عوامل التشجيع
وقال عضو المجلس الوطني الفلسطيني، وليد العوض، إن “التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الأرض تمثل مؤشرًا على نية “إسرائيل” والولايات المتحدة العمل على خطط لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية”، مشددًا على أن ذلك مخالف للقانون الدولي.
وأوضح العوض، أن “الانقسام الفلسطيني أحد أبرز العوامل التي شجعت “إسرائيل” وأحزابها اليمينية من أجل العمل على هذه الخطط، وإطالة أمد الحرب في غزة؛ للحيلولة دون تدخلها لوقف أي مخطط من هذا النوع”.
وأشار إلى أن “المطلوب من القيادة الفلسطينية الضغط على المجتمع الدولي والتلويح بخيارات قاسية للغاية، في حال أقدمت إسرائيل على فرض سيادتها على الضفة الغربية، خاصة أن ذلك يقضي على دور السلطة الفلسطينية بالكامل”.
ولفت إلى أن “من الضروري العمل فلسطينيًا على إنهاء الانقسام، وتكليف قيادة منظمة التحرير بالتحرك دوليًّا وإقليميًّا من أجل وقف المخططات الإسرائيلية، والحيلولة دون حصولها على دعم أمريكي”، مؤكدًا أن الموقف الموحد هو السبيل الوحيد لمنع تمرير مخطط الأحزاب اليمينية، مضيفًا أننا سنكون أمام خيارات صعبة في حال قرر ترامب المضي قدمًا بسياساته القديمة، لافتًا إلى أنه “من الضروري إعادة تقييم العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وتطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي بشأن الاتفاقيات الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية”.
تصريحات نتنياهو- سموتريتش حول ضم الضفة الغربية تتطلب ردًّا دوليًّا
واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني د. أحمد مجدلاني، أن الضم الفعلي للضفة الغربية بدأ فعليًّا، فإجراءات الاحتلال كافة من مصادرة الأراضي والبناء الاستيطاني وتقطيع أوصال الضفة الغربية بالعشرات من الحواجز العسكرية ما هي إلا إجراءات مقدمة للضم.
وتابع د. مجدلاني إن انضمام رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إلى اليمين المتطرف في حكومته، وعلى رأسه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بشأن الدعوة إلى ضم الضفة الغربية، وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، هو تطبيق لنهج ورؤية اليمين المتطرف المدعوم من الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية، وسط صمت عربي وإسلامي.
وأضاف د. مجدلاني أن هذه الدعوات العنصرية والتحريض الذي يقوم به الاحتلال دليل على النية نحو التنفيذ الفعلي للضم، مشددًا أن هذه التصريحات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية تشكل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي، خاصة القرار 2334 الذي يدين جميع الإجراءات الإسرائيلية.
وأكد أن على المجتمع الدولي، وتحديدا الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والصين الشعبية، الإفصاح الفوري عن موقفه تجاه هذه التصريحات، وأن الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة والتعبير عن القلق الدولي، لم يعد مقبولًا، والمطلوب موقف جدي ومسؤول لا يقبل الجدل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
معركة الدفاع عن الأرض الفلسطينية تنطلق من جديد، والشعب الفلسطيني سيقط كل أوهام ومشاريع الاحتلال الرامية إلى ضم المزيد من الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، وأمام كل الصلف والإرهاب الإسرائيلي واتساع رقعة الحرب العدوانية والإبادة الجماعية في قطاع غزة والضفة والقدس، فإن الفلسطينيين لا خيار أمامهم إلا الصمود والمقاومة والتصدي لسراق الأرض ومجابتهم بكل أشكال النضال المتاحة للدفاع عن الأرض وهويتها العربية الفلسطينية وعن الحق في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة التي يعترف بها العالم.